متابعات- نبض السودان

يشهد الجنيه السوداني تدهورًا غير مسبوق أمام العملات الأجنبية، وسط تصاعد الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السودان في ظل الحرب المستمرة. وفي أحدث تطورات السوق المالي، سجل سعر الجنيه المصري نحو 60 جنيهًا سودانيًا في التحويلات البنكية، ما يعكس مستوى الانهيار الحاد للعملة الوطنية، ويضع رئيس الوزراء كامل إدريس أمام تحديات اقتصادية معقدة وغير مسبوقة.

أسعار العملات ترتفع بشكل جنوني في السوق الموازي

وفقًا لمصادر مصرفية، سجل الدولار الأمريكي 2860 جنيهًا سودانيًا في أسواق بورتسودان وعطبرة وأم درمان، في حين تجاوز السعر في بعض المناطق حاجز 2900 جنيه سوداني. هذه الأرقام تُعد مؤشرًا صريحًا على حالة الفوضى النقدية التي تعصف بالاقتصاد السوداني، وسط عجز المؤسسات الرسمية عن احتواء الأزمة أو التدخل بشكل فعال.

طلبات هائلة على الدولار مقابل شح المعروض

ويرى مراقبون اقتصاديون أن سبب هذا الانهيار يعود إلى ارتفاع الطلب على النقد الأجنبي مقابل قلة المعروض، وذلك بسبب تعرض البنوك لعمليات نهب ممنهجة، وعجز بنك السودان المركزي عن ضخ العملة الصعبة في الأسواق لتلبية الاحتياجات الأساسية، سواء للقطاعين العام أو الخاص.

الأسواق تطلب العملة الصعبة للاستيراد

قال الباحث الاقتصادي محمد بشير، إن المطلوبات العاجلة للقطاعين العام والخاص أدت إلى ضغوط شديدة على سعر الصرف، لا سيما بعد عودة بعض الأنشطة التجارية إلى العمل، وزيادة الطلب اليومي على العملات الأجنبية بغرض الاستيراد. وأوضح أن استمرار هذا الوضع دون تدخل سريع سيؤدي إلى نتائج كارثية على الاقتصاد وعلى معيشة المواطنين، بحسب 'الترا سودان'.

خبراء يحذرون كامل إدريس من أزمة خانقة

وفي سياق متصل، حذر خبراء اقتصاديون رئيس الوزراء كامل إدريس من أن البلاد على شفا انهيار اقتصادي شامل إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات عاجلة وحاسمة.

وقالوا إن استمرار هذا التدهور سيقود إلى ارتفاع جنوني في تكاليف المعيشة، وانعدام الخدمات، في وقت يفقد فيه المواطنون مدخراتهم وأعمالهم، ويعيش كثير منهم في ظروف تشرد قاسية داخل وخارج السودان.

زيادة مفاجئة في الدولار الجمركي تشعل الغضب التجاري

وفي خطوة مفاجئة، قررت وزارة المالية زيادة الدولار الجمركي من 2,000 إلى 2,400 جنيه سوداني دون إعلان رسمي. هذه الزيادة جاءت في محاولة لتقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي، إلا أنها أحدثت حالة من الفوضى والارتباك في قطاع الاستيراد والتجارة.

ارتباك في التخليص الجمركي بمعابر الشمال

وأكدت مصادر من مدينة وادي حلفا أن القرار أدى إلى شلل مؤقت في حركة السلع والبضائع القادمة من مصر عبر الموانئ البرية، وسط غضب عارم من قبل المستوردين والتجار الذين اعتبروا الخطوة غير مدروسة ومكلفة للغاية. وأشاروا إلى أن الزيادة في الدولار الجمركي زادت من تعقيد المشهد الاقتصادي وأربكت الحسابات التجارية في ظل عدم استقرار السعر الحقيقي للعملات.

غلاء فاحش في الأسواق

ويؤكد خبراء أن زيادة الدولار الجمركي ستنعكس بشكل مباشر على أسعار السلع في الأسواق، إذ أن أي زيادة في كلفة الاستيراد يتم تحميلها على المستهلك النهائي. ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة موجة جديدة من التضخم وارتفاع أسعار الأغذية والدواء، ما يضاعف من معاناة المواطنين الذين يرزحون تحت ظروف معيشية صعبة أصلاً.

الحكومة في مأزق.. ولا حلول في الأفق

تجد الحكومة نفسها في مواجهة غضب شعبي متزايد وعجز واضح عن احتواء الانهيار الاقتصادي، في ظل غياب أي خطة اقتصادية معلنة أو رؤية لمعالجة الانهيار المتسارع للجنيه السوداني. ويرى مراقبون أن المطلوب حاليًا هو إصلاحات هيكلية شاملة وإعادة هيكلة السياسات النقدية والجمركية بما يضمن حماية المواطن واستقرار الأسواق.

أسعار صرف العملات مقابل الجنيه السوداني اليوم: