تكشف مسيرة إلهان عمر عن واحدة من أكثر القصص السياسية إثارة داخل الولايات المتحدة خلال العقد الأخير، إذ انتقلت من حياة اللجوء في إفريقيا إلى قاعات التشريع في واشنطن، لتصبح من أبرز الأصوات المثيرة للجدل داخل الكونغرس. وتسببت آراؤها وانتقاداتها الحادة في مواجهات متكررة مع الرئيس السابق دونالد ترامب، ما جعل اسم إلهان عمر حاضرًا باستمرار في المشهد السياسي والأخبار الأمريكية. وتستعرض السطور التالية مسار حياتها وتطور خلافاتها السياسية والمواقف التي وضعتها تحت دائرة الضوء.

النشأة واللجوء إلى الولايات المتحدة

بدأت رحلة إلهان عمر في مقديشو عام 1982 وسط الاضطرابات التي عاشتها الصومال آنذاك، لتضطر مع عائلتها إلى الفرار من الحرب الأهلية. وبعد سنوات من التنقل بين مخيمات اللجوء، وصلت الأسرة إلى الولايات المتحدة عام 1995 واستقرت في ولاية مينيسوتا. شكلت هذه المرحلة المبكرة جزءًا مهمًا من وعيها السياسي، وأسست لعلاقتها القوية بقضايا الهجرة واللاجئين التي أصبحت لاحقًا محورًا رئيسيًا في خطابها داخل الكونغرس.

التعليم وبداية التفاعل السياسي

سعت إلهان عمر منذ صغرها للاندماج في المجتمع الأمريكي، لتحصل على الجنسية عام 2000، ثم تقرر دراسة العلوم السياسية والدراسات الدولية بجامعة ولاية داكوتا الشمالية، حيث تخرّجت عام 2011. عملت بعدها في مؤسسات مجتمعية مهتمة بحقوق الأقليات والمهاجرين، وهو ما عزز حضورها داخل الأوساط المدنية ومهّد لدخولها العمل السياسي الرسمي.

الطريق إلى الكونغرس الأمريكي

حققت إلهان عمر أولى خطواتها الواسعة عام 2016 عندما فازت بمقعد في مجلس النواب بولاية مينيسوتا، لتصبح أول امرأة مسلمة محجبة تتولى هذا المنصب. وبعد عامين، صنعت التاريخ مجددًا بفوزها في انتخابات الكونغرس ممثلة الدائرة الخامسة في مينيسوتا، لتكون واحدة من أول امرأتين مسلمتين تصلان إلى مجلس النواب الأمريكي. شكّل هذا الفوز علامة فارقة، إذ أصبحت صوتًا بارزًا في ملفات الهجرة والعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية.

تفاصيل الصدام المتواصل مع دونالد ترامب

ارتبط اسم إلهان عمر منذ سنواتها الأولى في الكونغرس بسجالات حادة مع دونالد ترامب، الذي حاول مرارًا مهاجمتها في خطاباته وتصريحاته. واتهمها ترامب علنًا بأنها لا تمثل القيم الأمريكية، وطالبها بالعودة إلى بلدها الأصلي، رغم كونها مواطنة أمريكية منذ عقود. ردت إلهان عمر بأن تلك التصريحات تعكس خطابًا عنصريًا يهدف إلى صرف الأنظار عن مشكلات داخلية، مؤكدة أن مشاركتها في الحياة السياسية حق دستوري لا يقبل التشكيك.

قرارات الكونغرس وتداعيات المواقف السياسية

شهدت مسيرة إلهان عمر محطة صعبة عندما صوت مجلس النواب على إقصائها من لجنة الشؤون الخارجية، بسبب تصريحات اعتبرها الجمهوريون مسيئة، بينما رأى الديمقراطيون أنها خطوة ذات طابع سياسي بحت. كما أثارت مواقفها المتعلقة بالسياسات الإسرائيلية والملف الفلسطيني جدلًا واسعًا، خصوصًا بعد انتقاداتها للغارات الإسرائيلية على المدنيين ودعوتها إلى تبني مواقف أكثر توازنًا في الشرق الأوسط.

توقعات مستقبلية

تواصل إلهان عمر لعب دور مؤثر داخل الكونغرس، ولا يُتوقع أن تخفت حدّة مواقفها أو حضورها السياسي قريبًا. ومع استمرار انقسام المشهد الأمريكي، تظل شخصية قادرة على خلق نقاشات واسعة وتأثير في اتجاهات الرأي العام. ومن المنتظر أن تشهد المرحلة المقبلة فصولًا جديدة من الجدل المرتبط بأفكارها وتحركاتها التشريعية.