السوسنة - في لفتة إنسانية مؤثرة أعادت للأذهان مشهدًا تاريخيًا من عام 1997، قام الأمير هاري، دوق ساسكس، بعبور أحد أكبر حقول الألغام في أفريقيا، وذلك خلال زيارته إلى مدينة كويتو كوانافالي في أنغولا، مكررًا بذلك المسار الذي سلكته والدته الراحلة الأميرة ديانا قبل 27 عامًا، عندما سارت على نفس الأرض مرتدية سترة واقية وخوذة ضمن نشاطات مؤسسة 'هالو ترست'.

وجاءت زيارة الأمير ضمن إطار برنامج التوعية المجتمعية التابع لمؤسسة HALO البريطانية، التي تُعنى بإزالة الألغام من مناطق النزاع، حيث تدعم هذه الزيارة جهود المؤسسة التي تعمل في أنغولا منذ عقود لإزالة الألغام الأرضية التي خلفتها الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 20 عامًا وانتهت رسميًا في عام 2002. وقد أسفرت هذه الجهود عن إزالة أكثر من 120 ألف لغم و100 ألف قنبلة من مختلف أنحاء البلاد.

وخلال الزيارة، التقى الأمير هاري بالعائلات المقيمة بالقرب من حقول الألغام، وركز بشكل خاص على توعية الأطفال، مستخدمًا عبارات تحذيرية باللغة البرتغالية مثل: 'توقف، عُد إلى الوراء، وأخبر الكبار'، في رسالة واضحة لتوعيتهم بمخاطر الألغام التي لا تزال تهدد حياة المدنيين حتى اليوم.

وفي كلمته، أكد الأمير هاري أن الأطفال لا يجب أن يعيشوا في خوف دائم بسبب الألغام، مشددًا على أهمية التزام الحكومة الأنغولية والمؤسسات الدولية بالعمل من أجل مستقبل آمن، مقدمًا شكره للرئيس لورينسو وشركاء الدعم الدوليين على جهودهم المستمرة.

وتُشير تقديرات مؤسسة HALO إلى أن حوالي 60 ألف شخص قُتلوا أو أُصيبوا بسبب الألغام منذ عام 2008، بينما لا يزال أكثر من 1000 حقل ألغام بحاجة إلى تطهير، خاصة في مناطق حيوية مثل ممر لوبِيتو الذي يربط الساحل الأطلسي للبلاد بجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا.

وأعرب جيمس كوان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة HALO، عن شكره العميق للأمير هاري على دعمه الشخصي، معتبرًا أن هذه الزيارة تشكل دفعة قوية للمؤسسة لمواصلة مهمتها الإنسانية في إزالة الألغام بالتعاون مع الشعب الأنغولي.

وتأتي هذه الزيارة ضمن مسار الأمير هاري الإنساني المستمر، والذي يركّز على قضايا ما بعد الصراعات، ودعم المحاربين القدامى، وحماية البيئة، استمرارًا للإرث الإنساني الذي بدأته والدته الأميرة ديانا قبل رحيلها.