اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
«ليلة سامري... الغصن الرطيب» رواية كما يشير مؤلفها د. عبدالله الرميثان إلى أنها «من وحي الخيال»، تتمتع بقدرٍ كبير من التجديد في نسج العمل الروائي، من خلال مزج عناصر فنية عدة في عنصرٍ واحد، هذه العناصر تمثلها المفردات المحلية القديمة، التي لم تعد في معظمها متداولة في كلام الناس اليومي، وفن السامري الذي له تاريخه الطويل، وتأثيره الجميل على النفس، إضافة إلى قصائد السامري التي تضمَّنت فصول الرواية، وأعطت لها انطباعات ودلالات إبداعية متميزة، إلى جانب التشويق في تواتر وتواصل الأحداث، وبساطة ووضوح المعاني المقصودة.
والعنصر الواحد الذي امتزجت فيه تلك العناصر تمثله الأحداث، التي كانت تتنقل من منطقة إلى أخرى، في استلهام إنساني وتراثي وتاريخي، بتوجُّه حديث، رغم ما تحمله الرواية من ملامح ومفردات وأصوات ومشاهد تبدو في حقيقتها تراثية ومستلهمة من الماضي.
الحضر والبدو
والقصة تدور حول حالة الحُب التي نشأت بين سهيل، ذلك الشاب مرهف الحس صاحب الأخلاق العالية والقدرة على التعبير عن نفسه وتطلعاته وأحلامه من خلال قصائد السامري، وبين رقية، تلك الفتاة الرقيقة التي تكتب الشعر وتعشق السامري ولها قدر متميز عند والدها التاجر الكبير، إلا أن المؤامرات تُحاك من أجل إفشال هذا الحُب، لأجل مصالح مادية، لكن تمسُّك الحبيبين بحُبهما يهزم كل تلك المؤامرات ويكشفها.
وجاءت الرواية بشخصيات عدة وأصوات مختلفة، بدايةً من رقية التي تسكن الحضر، وسهيل الشاعر البدوي، وغضوة وعطفة وميثة وسعود وراشد وعبدالعزيز وسالم... وهي شخصيات كان لها دور حيوي في تحريك أحداث الرواية، التي تنتقل من الحضر إلى البادية والعكس، لترصد لنا تلك الأجواء الجمالية في البيئتين بمزيد من المفردات القديمة وأشعار السامري.
عناصر مختلفة
القارئ للرواية يعيش الأحداث بكل حواسه، السمع، من خلال القصائد التي قبل أن يقرأها يسمع موسيقاها السامري، والشم، بفضل ما تتضمَّنه البيئة الحضرية والبدوية من عبق وتاريخ الإقليم الأصيل، والنطق، من خلال قراءة الرواية بتروٍ وهدوء، والإحساس الذي يستشعره في محتويات البيئتين الحضرية والبدوية، والبصر في رؤيته للأجواء العامة للرواية، وما تتضمَّنه من أماكن وموجودات.
وهكذا تمكَّن المؤلف من أن يضع القارئ لروايته في حياة متكاملة، وأن يدفعه إلى التفاعل مع ما تحتويه من رؤى ومشاهد وعناصر مختلفة.
تكوين الأحداث
وأوضح الرميثان في التعريف بعمله، أنه افترض في بناء روايته منهجاً يقوم على عناصر عدة، أهمها مروية الغناء المبنية على الأشعار المسبقة، وتشمل: شعراء الرواية، والتوثيق الفني، وأشعار بناء الرواية، وتكوين الأحداث، والبناء الروائي، والترتيب القصائدي، إضافة إلى استنباط أسماء الشخصيات، والبناء اللفظي، والبناء الصوتي، والترجمة اللهجوية.
وذكر أسماء شعراء القصائد المُدرجة في الرواية، والمراجع من كُتب الأدب ودواوين الشعر وقواميس اللغة واللهجات الشعبية، كما وضع فرضية لزمن الرواية، وهي خلال الثلث الأول من القرن العشرين.
حماية التراث
وفي تصريح لـ «الجريدة»، قال الرميثان إن «رواية (ليلة سامري... الغصن الرطيب) تمثل تجربة أدبية مختلفة، حاولتُ من خلالها عمل نسيج تشويقي مباشر للقارئ لا يركن فيه إلى الكثير من الكلام وهو منهج في البلاغة، من خلال إحياء مفردات منسيَّة وفنون شعبية أصيلة كفن السامري، ضمن بناء روائي حديث ينبض بالتشويق والمشاعر».
وتابع: «استندتُ في الرواية إلى توظيف الشعر الغنائي داخل السرد، ليكون عنصراً محركاً للأحداث، لا مجرَّد تزيين لغوي. حرصت على أن يعيش القارئ التجربة بكامل حواسه: يسمع موسيقى الكلمات، ويشم عبق البيئة، ويرى تفاصيل المكان، ويشعر بنبض الشخصيات».
وأكد أن «الرواية ليست فقط قصة حُب بين سهيل ورقية، بل هي أيضاً احتفاء بالهوية، واستعادة لذاكرة المكان والناس والزمن، في محاولة لحماية تراثنا الشفهي والثقافي من الاندثار وسط التحوُّلات المتسارعة».