كريتر سكاي/خاص:

كشف تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن لعام 2025 حول الانتهاكات الجنسية في اليمن، وبخاصة ما ارتبط بجهاز الزينبيات، جانبًا مظلمًا من الحرب التي تجاوزت الميدان العسكري لتتحول إلى حرب أخلاقية تستهدف الإنسان في ذاته وكرامته. لم يعد العنف الجنسي فعلا منحرفا أو سلوكاً فرديا، بل أصبح جزءً من سياسة منظمة تهدف إلى إذلال المجتمع وتفكيكه من الداخل، باستخدام الجسد كأداة إذلال والدين كغطاء للانحراف.

التقرير يورد شهادات صادمة عن نساء وفتيات تعرضن للاغتصاب والزواج القسري والاستعباد الجنسي، وأطفال وُلدوا داخل مراكز الاحتجاز بعد تعرض أمهاتهم للانتهاك. كما وثق وقائع تؤكد تورط جهاز الزينبيات في تعذيب المحتجزات وتجريدهن من ملابسهن وتسليم بعضهن للمقاتلين الحوثيين تحت ذرائع “التطهير” و“الزواج من آل البيت”. في هذه الممارسات لا يُستخدم العنف لتحقيق غايات جسدية، بل لإرسال رسالة رمزية بأن الكرامة نفسها يمكن مصادرتها باسم العقيدة.

وفق المعايير الدولية، تمثل هذه الانتهاكات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف لعام 1949، التي تحظر المعاملة المهينة والاعتداء على الكرامة الشخصية والاغتصاب في زمن النزاع. كما أن استخدام هذه الجرائم بشكل منهجي يخرق قرار مجلس الأمن رقم 1820 (2008) الذي اعتبر العنف الجنسي سلاحًا من أسلحة الحرب يجب التصدي له عبر المساءلة الدولية.

لكن الأبعاد الجديدة في الحرب اليمنية لا تقف عند حدود الجسد. فمع توسع أدوات التكنولوجيا، ظهر الابتزاز الرقمي كسلاح نفسي مواز للاغتصاب. استخدمت جماعة الحوثي تقنيات التجسس واختراق الهواتف وتزييف الصور بالذكاء الاصطناعي لتشويه سمعة الناشطات والمعارضين وإجبارهم على التعاون أو الصمت. هذا الشكل من العنف لا يقل وحشية عن الاغتصاب المادي، إذ يُصيب الضحية بالخوف والعار المستمرين، ويحوّل حياتها إلى مراقبة دائمة. في مجتمع محافظ مثل اليمن، يصبح الخوف من الفضيحة أقوى من الخوف من الموت، وتتحول الكرامة إلى سجن نفسي.

توفيق الحميدي