يمرّ الجنوب العربي بمرحلة حساسة تستدعي قراءة دقيقة لطبيعة التهديدات التي تستهدف أمنه واستقراره، بما يتعارض مع واقع الجنوب ومساره التحرري نحو استعادة دولته.

في صدارة تلك التهديدات، يبرز التخادم بين الجماعات الإرهابية وتحديدًا تنظيم الإخوان والمليشيات الحوثية، حيث وجدت قوى الإرهاب من خلال المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت فضاءً مناسبًا لتمددها.

وتحولت هذه المنطقة على مدار الفترات الماضية، إلى نقطة تجمع لشبكات تهريب مسلحة، وإدارة عمليات تستفيد منها أطراف متطرفة تعمل بصورة منسّقة في توسيع معلن لحجم الاستهداف الذي يُثار ضد الجنوب العربي.

هذا الواقع خلق بيئة مضطربة في وادي حضرموت، جعلت الجنوب العربي يتحمل أعباء أمنية كبيرة نتيجة العمليات الإرهابية التي نُفذت انطلاقًا من مناطق النفوذ تلك.

فقد تعرّضت محافظات الجنوب العربي لسلسلة من الاستهدافات التي حملت بصمات مشتركة، سواء في وسائل التنفيذ أو في طرق الدعم اللوجستي، ما يؤكد أن التخادم بين الإخوان والحوثيين لم يعد مجرد اتهام سياسي، بل مسارًا عمليًا متكررًا أضرّ بسلامة المجتمع الجنوبي وإمكاناته التنموية.

لم تتوقف تداعيات هذا التخادم عند الجانب الأمني فحسب، بل امتدت لتقويض جهود بناء مؤسسات مستقرة في حضرموت، عبر تعطيل تمكين الجنوب العربي ومؤسساته، مع الإبقاء على شبكات تهريب تخلق اقتصادًا موازيًا ينعكس سلبًا على حياة المواطنين.

الكلفة التي دفعها الجنوب العربي جراء هذه التهديدات كانت باهظة، سواء في الأرواح أو في تأخير مسار الاستقرار الاقتصادي، إضافة إلى الضغط المستمر على القوات الجنوبية التي ظلت تتصدى لمحاولات استهداف المدن والطرق الحيوية.

ومع ذلك، حافظ الجنوبيون على موقف ثابت يتمثل في رفض أي وجود للعناصر المتطرفة داخل وادي حضرموت أو على حدوده، مع التمسك بحق تمكين قوات النخبة الحضرمية.

هذا الإصرار يعكس قناعة راسخة بأن الجنوب العربي لن يستعيد أمنه إلا بإزالة بؤر التهريب والإرهاب، وتمكين الجنوب العربي من إدارة شؤونه في هذه المناطق، وقطع خيوط التخادم الذي سمح بتمدد التهديدات سابقًا.

وبات واضحًا أن الجنوب العربي يتحرك بخطى واعية نحو تحقيق معادلة أمنية جديدة تضع مصلحة حضرموت وأهلها في صدارة الأولويات.