ليبيون عالقون في تونس بين المرض وديون العلاج
klyoum.com
أخر اخبار تونس:
وائل نوار: رصد الدرون الثانية فوق سفينة دير ياسينتجاوزت المبالغ المتراكمة عليهم 131 مليون دولار في 60 مستشفى خاصاً والمصحات توقف التعامل معهم
أوقفت المصحات في تونس استقبال المرضى الليبيين وذلك إثر تراكم ديونهم لديها، في خطوة تضع هؤلاء في قلب أزمة لا تنتهي حيث تعود جذورها إلى أعوام سابقة ولم تنجح الحكومات المتعاقبة في كلا البلدين في حلها.
وأكدت السفارة الليبية لدى تونس أن "المصحات التونسية توقفت عن استقبال المرضى الليبيين إلى حين سداد الديون"، لافتة إلى أن "المرضى الموجودين حالياً داخل المصحات سيستمر علاجهم من دون انقطاع" في محاولة على ما يبدو لطمأنة أهاليهم من حدوث أزمة إنسانية.
وجاء هذا التطور في وقت تجاوزت فيه ديون المرضى الليبيين في تونس الـ131 مليون دولار أميركي بحسب تقديرات رسمية، إذ تستقبل 60 مصحة تونسية خاصة هؤلاء المرضى.
وأجرت السلطات التونسية محادثات في فبراير (شباط) الماضي مع نظيرتها الليبية في شأن وضع المرضى الليبيين، وتم توقيع اتفاقات بالفعل في هذا الصدد.
وجاء ذلك على هامش زيارة وفد ليبي رفيع ضم رئيس جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية، أحمد مليطان، والسفير الليبي لدى تونس مصطفى قدارة، إذ التقى الوفد وزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني، وتم توقيع اتفاقات للتعاون المشترك.
وشملت تلك الاتفاقات استحداث آليات للعلاج والاستثمار الصحي المشترك، وتسوية ملفات عالقة تتعلق بديون المؤسسات الصحية العامة والخاصة بهدف تعزيز التعاون الصحي بين تونس وليبيا، وتم كذلك الاتفاق على إطلاق منصة موحدة لمتابعة المرضى منذ وصولهم إلى تونس وحتى انتهاء علاجهم، وأيضاً على إنشاء مكتب موحد لتسجيل المرضى في المصحات الخاصة والمستشفيات لضمان الشفافية والمراقبة المستمرة، لكن حتى الآن لم يتم حل معضلة ديون المرضى الليبيين المتراكمة.
وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبدالكبير، إنه "منذ عام 2011 تضاعف عدد المرضى القادمين من ليبيا إلى تونس، وقبل ذلك كان يتم اعتماد آلية الخلاص المباشر (الكاش) وهي عملية أسهل للمواطن الليبي وللمصحات التونسية، لكن بعد سقوط النظام السابق ومع سقوط الآلاف من القتلى والجرحى في ليبيا وتزايد الأمراض الخبيثة في البلاد باتت تونس قبلة لكثير من الليبيين، وبعضهم يتجه إلى الأردن وتركيا".
وتابع عبدالكبير ضمن حديث له مع "اندبندنت عربية" أن "في البداية، كان التعامل سلساً لكن مع انهيار الدينار الليبي وتدهور وضع المواطنين الليبيين أصبح المواطن الليبي عاجزاً عن التوجه لدول أخرى ومن ثم باتت تونس وجهته الوحيدة تقريباً، لذلك في 2013 أصدرت السلطات الليبية قراراً يقضي بالعلاج على حساب السفارة بما في ذلك للمواطنين وليس جرحى المؤسسة العسكرية أو الأمنية".
وشدد المتحدث على أن "السلطات التونسية سجلت إثر ذلك تأخراً في كثير من المرات في سداد الديون، وتدخلت السلطات الليبية من خلال الحكومات المتعاقبة وتمت جدولة الديون لكن لم يتم خلاصها حتى الآن بصورة كاملة".
ويشكل المرضى الليبيون نحو 70 في المئة من المرضى الأجانب الذين يتوافدون على المصحات التونسية، وقد خصصت البلاد 1.5 مليون عيادة سنوية لهؤلاء، بحسب ما كشف مسؤولون في وقت سابق.
واعتبر المتخصص الليبي السابق بمنظمة الصحة العالمية، إدريس القايد، أن "مشكلة ديون المرضى الليبيين ليست وليدة اللحظة، إذ تعود إلى الأعوام السابقة وسببها أن عدداً كبيراً يتحصل على الموافقة للعلاج على حساب الدولة من دون علم اللجان المتخصصة ومن دون تفويض مالي".
وتابع القايد في تصريح خاص أن "العلاج في الخارج له موازنة خاصة ولجان طبية يعينها وزير الصحة، وتجاوز هذه اللجان يؤدي إلى تجاوز الموازنة بصورة كبيرة تصل إلى أضعاف القيمة المخصصة، وإحدى الوسائل لحل هذه الأزمة هي إرسال فريق لدراسة كل حالة والبحث في ما إذا تمت الموافقة على إرسالها للعلاج بتونس وفق شروط اللجان المتخصصة أو من خارجها، وهل التزمت المصحات علاجها حسب المواصفات العلمية وتقدير قيمة العلاج وهي آلية ربما تلقى قبولاً من كل الأطراف وتضمن لها حقها".
وأشار المتخصص الليبي إلى أن "الحكومة في ليبيا عادة لا تجد حلاً مباشراً، وفي السابق تم سداد الديون على مراحل وفي اعتقادي هذا الأمر يشجع اختراق القوانين، لذلك يجب معاقبة كل من تجاوز اللجان الطبية بدءاً من وزراء الصحة المتعاقبين والمكاتب الصحية وغيرها من المؤسسات".
وفي وقت سابق، تحدثت تقارير محلية في تونس وليبيا عن محاولات من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة لمقايضة تونس بهذا الملف مقابل الإفراج عن أموال ليبية مجمدة في تونس، وفي 2017 قال مسؤولون من حكومة الوفاق الوطني إن الأموال الليبية المجمدة في تونس تقدر بـ120 مليون دولار.
ولم تعلق حكومة الدبيبة بعد على هذه المزاعم، لكن الكبير قال إن "على السلطات الليبية الابتعاد عن المقايضة في ملف المرضى، لأنه ملف إنساني بحت خصوصاً مع تزايد الأمراض الخبيثة وغير ذلك"، وأردف أنه "على تلك السلطات ونظيرتها التونسية إيجاد حل سريع لمعضلة ديون المرضى الليبيين الموجودين في تونس، لا سيما أن بعض المصحات تواجه صعوبات كبيرة في خلاص موظفيها جراء عدم حصولها على مستحقاتها من الحكومة الليبية".