اخبار تونس

أنباء تونس

ثقافة وفن

حوار مع خالد ساحلي… مثقف يحفر في المسكوت عنه ويؤسس للمواطنة الذكية

حوار مع خالد ساحلي… مثقف يحفر في المسكوت عنه ويؤسس للمواطنة الذكية

klyoum.com

في مشهد ثقافي عربي يشهد تهميشاً متزايداً للأصوات الحرة، يبرز اسم الكاتب والمثقف الجزائري خالد ساحلي بوصفه واحداً من القلائل الذين يشقّون طريقهم بثبات، رغم الإقصاء والتجاهل. بأسلوب يمزج التحليل بالفكر والإبداع الأدبي، يناضل ساحلي لتكريس قيم المواطنة، من التقليدية إلى الرقمية وصولاً إلى الذكية في عصر الذكاء الاصطناعي. إلى جانب كتاباته الفكرية، له حضور لافت في القصة بأنواعها. التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار الشامل.

أجرى الحوار جمال قتالة

أنباء تونس: خالد ساحلي له مكان في الساحة الفكرية والأدبية أليس كذلك؟

خالد ساحلي: هو إنسان يحاول أن يكتب، أن يكون شاهدا وناقلا لما يحدث في هذا العالم البهيمي المتوحش، فتنته اللغة ومسائل الفكر وعوالم الأدب، تاريخ مع الكتابة طويل، تاريخ الأمل والألم على حد سواء، وانفتاح جرحه على جهتين، جهة الفكر والعقل، وجهة الروح والإبداع، فكل من يكتب بضمير له مكان في قلب ما.

تهتم بفكر المواطنة والمجتمع المدني في زمن الرقمية والذكاء الاصطناعي؟

صحيح فتعريفات المواطنة كثيرة، والمفهوم متعدد في الفكر الليبرالي بمدارسه المختلفة، بل متغيرا مضمونا واستخداما في أدبياته، ولقد تمدد نطاقه من الدلالة السياسية القانونية إلى الدلالة المدنية الحقوقية، ثم إلى مساحات الحقوق الاجتماعية والاقتصادية ثم إلى مستوى العدالة في المجال الخاص وتجسير الفجوة بين الخاص والعام، ثم أخيرا في مجال الهويات الثقافية الجماعية وحتى الاختبارات الذاتية للجسد في المجال الخاص ومطالبتها بالشرعية القانونية في المجال العام، حتى وصف البعض المفهوم في دلالاته الراهنة بالسيولة والانتشار، وهي السيولة التي يوصف بها مشروع الحداثة كما ذهبت إلى ذلك هبة رؤوف عزت.

وفي ظل العالم الرقمي فقد اندمج الناس فيه بشكل واضح، وبطريقة تبدو لهم فعالة ومواتية للوضع القائم في حياتهم، بسبب طريقة التفاعل الناجعة والسهلة في حصولهم على المعلومات والأخبار، فالمجتمع الواقعي أصبح يوازيه واقع افتراضي يؤثر عليه، بذلك اتجه الناس إلى العالم الرقمي للمشاركة فيه لأنه حتمية، فصار من الأهمية التدرب على المواطنة الرقمية بشكل جيد، لأجل المشاركة الفاعلة والتحلي بقدر كبير من المسؤولية، مع اكتساب القدرة على إنتاج الفعل والفكرة معا لتأكيد الايجابية في هذا العالم الرقمي.

لذا ففكرة المواطنة انتقلت إلى مستوى آخر يتم الاشتغال فيه على مواطنة رقمية مختلفة في عصر الذكاء الاصطناعي، فلم يعد هناك التباس في مفهوم المواطنة كتعريف، لأن الوصول إلى المعلومة سهل من خلال سؤال الذكاء الاصطناعي الذي يحدد لك الإجابة ويمنحك كل ما تريده، لكن يبقى اللبس في طريقة توظيف المعلومة واستعمالها، وتجسيدها والتقيد بشروطها وأحكامها، هذا من جهة، من جهة أخرى يبقى المعنى الحقيقي للمواطنة ذو استعمالات متعددة، وليس مستحيلا قد تجد غدا الروبوت المواطن من يدري؟

حدثنا عن قصصك؟

المجموعات القصصية المطبوعة : "لوحات واشية"، "الحكاية الزائدة عن الليلة الألف"، "جحيم تحت الثياب" ومجموعات أخرى لم تطبع بعد، وكلها لقت ترحيبا في الجزائر وفي الوطن العربي، كتب عنها أكثر من كاتب منهم الدكتور الروائي سفيان زدادقة، الدكتورة الخالدية، والناقدة المختصة في الأدب الرقمي كلثوم زنينة، الدكتور والقاص علاوة كوسة، والدكتور بومكحلة الجيلالي وغيرهم، وكانت مذكرات تخرج في أكثر من جامعة.

هي قصص اختلط فيها الواقعي بالغرائبي، الحقيقة بالوهم لأجل إيصال الفكرة ومعالجة الواقع بتفصيلاته من خلال تماهيه مع واقع متباعد في زمن متقارب، هي سيرة كثيرين أحملهم داخلي، منهم محب، منهم مضحي، منهم مظلوم ومكلوم، منهم ضحايا وجلادين، منهم من استوطنني ليحكي حكايته مع الاستبداد والقهر والبروقراطية، الأشخاص داخلوا إرادتي وأدخلوا أحداث قصصي ليستنصروا من خلالها.

هو أدب لمواضيع وقضايا ذات صلة بالإنسان. أنا أؤمن بفكرة أكتب كلما ومضت فكرة أو اتضحت خيوط حكاية أو واقعة، أدوّن لأخلق بيني وبين شخصياتها مودة ثم أصنع لها من ذاتها غايات وصراعات، لكن دون أن أجعلها دامية، بقدر ما أبرز المأساوي؛ الذي أغزله ليتحول إلى حلم أو تسامح أو إلى طريق جديد يبزغ منه نور أمل وتفاؤل، طريق يبحث فيه صاحبه عن مخرج مهما كان طويلا ومتعبا؛ لأن الضياء هو الانبهار والمرافقة، لذلك من يكتب لا يمل، من يكتب يتعافى، يعرّج، ينبعث كل مرة من رماد كما العنقاء، محاولة كما سيزيف، ليس لأن المحاولة عقاب بقدر ما هي استمرار للأمل، وفي كل معاناة تتكرر في مكان ما من العالم، تتجدد في ثوب وصورة جديدة بقدر حجم المعاناة والألم والشرور التي يفرزها الظلم في هذا العالم.

وتجربتك في القصة القصيرة جدا؟

خالد ساحلي: تدخل ضمن التجربة الحديثة للنص؛ والتي يصعب إقحامها ضمن الشكل القصصي المعهود، هذه التجربة الحميدة التي انتهجتَها اغتنت ضمن تجربة قصصية شرق أوسطية، ولم تتطور بالشكل المطلوب مغاربيا إلا عبر تجربتين أو ثلاث تعدّ تجربتي إحداها كما وصفها الدكتور شرف الدين شكري. قصصي تبدو في شكل فكرة فلسفية: في شكلها ومضمونها – هي أكثر من فكرة قصصية. لجأت إلى تغييب جنس الكتابة، فكتبت ما يشبه الومضة الفلسفية الواقعية، المشهد، الفلاش. تخلصت من مسؤولية تحديد النصّ تاركاً المجال للقارئ كي يستريح في كلّ مرة ضمن شكل النصّ، دون أن أكون ملزماً بتوجيه القارئ إلى ما يقرأ.

وتجربتك مع الرواية؟

خالد ساحلي: رواية الغرق الذي نشر فصل منها ولم تطبع بعد، رغم مرور أكثر من عشر سنوات على كتابتها فإني أكتبها ثم أعود لكتابتها من جديد؟ هناك رواية أخرى على الرفوف يأتي وقتها لأني أعيد كتابة ما أكتب.

ماذا تعني لك الكتابة في الراهن؟

هي ضمير، رسالة، حمل، مسؤولية، قضية، هاجس، تعب، هي قدر مع موقف… الكتابة لا تقربك من وزير ولا من أمير ولا من سفير ما دمت تصدح بالحقيقة، وبالأمر الواقع، وأظن أنك فهمتني جيدا لأنك تعرف الوضع أحسن مني، ما دمت تنقل صوت المقصيين والمهمشين.

آخر إنسان ينظر إليه في الجزائر هو المفكر والكاتب والقاص، الكتابة اختيار رغم أنها الإفلاس والفقر والتعاسة وجهد الأعصاب، تعرف جيدا لقد مات الكثير من المثقفين في الجزائر لأجل أن تبقى الجزائر بهوية وفي المقابل: ماذا جنت عائلاتهم؟ ماذا صنعوا بأسمائهم؟ كثير من الكتاب مجهول في وطنه معروف في بلاد أخرى، يا صديقي لصوص الكتابة والمسترزقين كثر، وبحث بسيط في دور النشر ومشاريع الثقافة تفهم كل شيء.

وماذا تعني لك الكتابة؟

الحوار بيننا توثقه الأفكار المشتركة لا المصلحة.

 

*المصدر: أنباء تونس | kapitalis.com
اخبار تونس على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com