اخبار تونس

اندبندنت عربية

سياسة

في تونس... تجفيف للإرهاب أم استباق تعبئة جديدة؟

في تونس... تجفيف للإرهاب أم استباق تعبئة جديدة؟

klyoum.com

تساؤلات حول دلالات قرار محكمة بسجن الخطيب الإدريسي الملقّب بـ "الأب الروحي" للمتطرفين 22 سنة

أثار حكم أصدرته محكمة تونسية يقضي بسجن الخطيب الإدريسي الملقّب بـ "شيخ الجهاديين"، و"الأب الروحي" لهؤلاء، تساؤلات حول دلالات الأمر، وما إذا كان ذلك يشكل خطوة على طريق تجفيف الإرهاب في البلاد، خصوصاً أن التهم التي تعلقت به مرتبطة بـ "التحريض على الإرهاب".

ويعد أبو أسامة الخطيب بن الحناشي من أبرز قيادات "التيار الجهادي" في تونس، وكان من بين مؤسسي "جماعة أنصار الشريعة" التي سبق وحظرتها السلطات، وتم توقيفه في عام 2023 في منطقة سيدي علي بن عون التابعة لولاية (محافظة) سيدي بوزيد الواقعة في وسط تونس، بناء على شكاوى تقدمت بها عائلات تتهمه بتشجيع أبنائها على الالتحاق ببؤر القتال، وهي سوريا والعراق وليبيا إبان صعود تنظيم "داعش".

 

ويعتبر الإدريسي من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تونس حيث أسهم في إطلاق تنظيم "أنصار الشريعة" على إثر لقاء جمعه بالسجين السابق في سجن "غوانتانامو"، سيف الله بن حسين، المعروف اختصاراً بـ "أبو عياض" الذي قضى في غارة جوية للجيش الفرنسي في مالي في عام 2019.

وحتى قبل ثورة 14 يناير (كانون الثاني) من عام 2011، التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، كان الإدريسي قد واجه السجن على خلفية تهم إرهابية أيضاً.

وعدّ الخبير الأمني والباحث السياسي التونسي خليفة الشيباني أن "الحكم يعكس قراراً قضائياً مستقلاً، وتم توقيف هذا الرجل في عام 2015، وحتى عند اندلاع الثورة عام 2011، كان موقوفاً لأنه كان يعتبر مؤسس السلفية الجهادية في تونس، لكن في عام 2015 تمّ إطلاق سراحه على رغم أنه كانت لديه علاقات مع قيادات خطيرة مثل سيف الله بن حسين، وأعلنا معاً إنشاء جماعة أنصار الشريعة"، وأضاف الشيباني "في عام 2014 اتصل بعناصر متطرفة في ليبيا المجاورة، وقالوا إنهم يريدون تحويل تونس إلى أرض جهاد، ودعوا إلى النفير العام، وتم توقيفه في عام 2015 وإطلاق سراحه، وفي عام 2023 تم توقيفه في سيدي بوزيد بعد شكوى من عائلات تتهمه بتسفير أبنائها إلى بؤر القتال، لذلك تمت محاكمته، وإصدار هذا القرار الذي أعتقد أنه حكم عادل". وشدد على أن "التحريض الذي قام به الإدريسي تجعله مورطاً، لكن، في العشرية السوداء السابقة، كان له ما يشبه الحصانة السياسية التي جنبته المحاكمة شأنه شأن عناصر متشددة أخرى في تونس".

وتشهد تونس استقراراً مستمراً إذ اختفت الهجمات الإرهابية بعد أن نجحت قوى الأمن والجيش في تبديد الخطر الذي تمثله الجماعات المتشددة من خلال هجمات استباقية، وأيضاً عبر القضاء على "خلافة" مزعومة في بن قردان جنوب البلاد في مهدها عام 2016.

وقال الباحث السياسي هشام الحاجي "في اعتقادي، منطوق الحكم الصادر في حق الإدريسي يستند إلى فصول قانونية واضحة وصريحة، أما قراءة الحكم من الناحية السياسية ففيه بالفعل تأكيد على مقاومة الإرهاب وهذا أمر مطلوب وطنياً ودولياً"، وبيّن الحاجي أن "هذا الحكم، في اعتقادي، لا يقطع مع الاستقطاب، لأن الظاهرة الأخيرة تعتمد على عوامل ثقافية تؤثر في انتشار الأفكار المتطرفة والمتشددة مع الأسف".

يأتي هذا التطور في وقت تتفاقم المخاوف من موجة استقطاب جديدة للتنظيمات، خصوصاً في ظل الأوضاع الإقليمية المضطربة بشكل غير مسبوق في منطقة الساحل الأفريقي المجاورة، وتصاعد عمليات جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم "القاعدة" على غرار "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".

وقال الباحث السياسي التونسي بوبكر الصغيّر إن "الحكم يندرج ضمن مسار قضائي أخذ كل وقته في ما يتعلق بالتحقيقات وتكييف القضية والإثباتات التي تورط هذا الشخص، وانتمائه وارتباطه بمجموعات إرهابية، ونحن نعرف أن الإدريسي شأنه شأن كثيرين من التونسيين ارتبطوا بتنظيمات مثل القاعدة وداعش في دول مثل سوريا وغيرها"، وتابع الصغيّر "لذلك، تونس ليست غريبة عن مثل هذه التنظيمات، وأعتقد أن الحكم عليه يشكّل رسالة واضحة مفادها بأن الدولة ستكون بالمرصاد لكل من يفكر أو يخطّط لعمل خارج إطار القانون، أو يؤثّر، أو يسعى لاستقطاب شباب للإضرار بأمن واستقرار المواطنين أو غيرهم". ولفت إلى أن "هذه إشارة واضحة إلى أن الدولة لن تتسامح مستقبلاً مع هذه التنظيمات الإرهابية كما كان سائداً في السنوات الـ 10 الماضية، إذ كان هناك سياسيون ينظرون لإعادة تأهيل الإرهابيين الذين قاتلوا في صفوف تنظيمات خارج حدود البلاد". وختم الصغيّر "هناك موقف سياسي جديد من الدولة التونسية تجاه التنظيمات الإرهابية، وهو موقف يميل أكثر إلى الحزم وعدم التسامح معها في إطار القانون".

وعلى رغم تصفية أبو عياض والحكم الصادر في حقّ الإدريسي، فإن من غير الواضح ما إذا كان سيتأثّر "التيار الجهادي" في تونس الآن، خصوصاً في ظل ملازمة أنصاره الصمت منذ فترة طويلة.

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار تونس على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com