اخبار تونس

سبتنيك عربي

سياسة

الأمطار تفاقم معاناة المناطق المهمشة في تونس

الأمطار تفاقم معاناة المناطق المهمشة في تونس

klyoum.com

مع بلوغ موسم الأمطار، تتجدد معاناة سكان المناطق المهمشة في تونس ممن أفقدتهم السيول الجارفة أفرادا من عائلاتهم وتسببت الأمطار الغزيرة في تدمير منازلهم أو أماكن عملهم.

ولم تعد هذه الخسائر مرتبطة بمناطق الجنوب أو الشمال الغربي حيث البنية التحتية المتهالكة، وإنما باتت مشهدا سنويا يتكرر في المناطق الحضرية في قلب العاصمة وضواحيها، حيث تتحول الأمطار الغزيرة في ظرف دقائق إلى سيول جارفة تجتاح الطرقات والمنازل والمحلات مخلفة خسائر بشرية ومادية جسيمة.

لكن المناطق الأكثر تضررا هي المحاذية للوديان وتلك التي يتزايد فيها البناء العشوائي للمنازل، حيث تغمر الأمطار المباني ويصل مستواها إلى ما يزيد عن نصف متر.

وفي كل مرة تطرح هذه المشاهد تساؤلات بشأن مدى جاهزية السلطات الرسمية لاستقبال الأمطار والاستعداد لها، وحول عجز الحكومات المتعاقبة على تحسين البنى التحتية الهشة والإحاطة بالمناطق المهمشة.

ولقي ثلاثة شبان مصرعهم، أمس الأحد، في الفيضانات التي اجتاحت عدة مناطق في الجمهورية التونسية، وتسببت في شل حركة المرور وغمر منازل وأنهج بأكملها.

وأكد الناطق الرسمي باسم الحماية المدنية العميد معز تريعة في تصريح لـ "سبوتنيك"، أن الأمطار الغزيرة خلفت وفاة شابين من معتمدية تالة التابعة لمحافظة القصرين يبلغان من العمر 20 و27 سنة، حيث جرفت الأمطار سيارتيهما باتجاه وادي العيون الحمر.

وأفاد المصدر ذاته بأن أعوان الحماية المدنية تمكنوا ليلة البارحة من انتشال جثة ثالثة تعود لشاب يبلغ من العمر 24 سنة، بعد أن جرفته السيول الغزيرة إلى وادي برج شاكير القريب من العاصمة. 

وقال إن الخسائر امتدت لتشمل البنى التحتية والجسور والممتلكات الخاصة للمواطنين التي تضررت جراء الأمطار الغزيرة، مشيرا إلى أن المياه غمرت العديد من السيارت والمنازل.

وبين أن الحماية المدنية أعطت الأولية لمساعدة المواطنين، حيث تدخلت لإنقاذ أرواح  8 أشخاص كادت تجرفهم المياه في كل معتمديتي البطان (محافظة منوبة) ومجاز الباب (بنزرت).

وقال تريعة: "مع حلول موسم الأمطار، تتجهز منظومة مجابهة الكوارث التي تضم مختلف الأطراف المتدخلة وتشرف عليها وزارة الداخلية لمجابهة الأمطار الطوفانية"، مضيفا أن الأمطار الأخيرة لم تكن بالحدث المفاجئ وأن وحدات الإنقاذ تدخلت بناء على تحذيرات مسبقة من المعهد الوطني للرصد الجوي الذي أنبأ بهذه التقلبات الجوية الحادة.

وأرجع تريعة الخسائر البشرية إلى بعض السلوكيات المتهورة التي يقدم عليها المواطنون، من قبيل المجازفة بالعبور ليلا في المناطق الخطرة، مثل المعابر والمنشآت المائية التي تتسبب سنويا في العديد من المآسي وتخلف ضحايا في صفوف المواطنين وخاصة الأطفال.

وتابع "هذه السلوكيات لا تنفي هشاشة البنية التحتية في العديد من المناطق التي تحتاج إلى الصيانة والمراجعة رغم المجهود الذي تم بذله في جهر الأودية على مستوى البلديات".

منية الشعلاني، 48 عاما، واحدة من مئات التونسيين اللاتي يمثل الشتاء بالنسبة لهن كابوسا مقلقا، حيث تجتاح مياه الأمطار الغزيرة منزلها الواقع في منطقة المنيهلة في الضاحية الشمالية لتونس العاصمة.

وأضافت: "يقع منزلي في منخفض فلاحي، حيث الطريق إليه ترابية رغم مطالب الجيران المتكررة بتعبيده".

وروت أنها اضطرت خلال سنتين متتاليتين إلى تغيير الأثاث وبعض الأجهزة الكهربائية التي تضررت بسبب المياه التي غمرت منزلها، وقالت إن أطفالها عادة ما يعانون من نزلات برد شديدة ناجمة عن الرطوبة والبلل.

بدوره، قال مراد وهو صاحب محل لصناعة الأثاث لـ "سبوتنيك"، إن الأمطار التي اجتاحت محله أول أمس كبّدته خسائر فادحة، وأضاف أن المياه غمرت جزء كبيرا من الأثاث الذي ينتظر أصحابه أن يتم تجهيزه خلال أيام.

وتابع: "لا يحق لي حتى التمتع بالتعويضات المادية، لأن المواد الأولية كاللوح والأغلفة والأقمشة التي أستخدمها في صناعة الأثاث أشتريها من السوق المفتوحة بثمن أقل ودون فواتير".

وأكد مراد أن جيرانه من أصحاب المحلات يواجهون كل شتاء نفس المعضلة، مثلهم مثل متساكني الحي الذين تجرف المياه سياراتهم وتغمر منازلهم، قائلا إن الدولة لا تعوض أحدا من هؤلاء. 

وعلق الخبير في المياه حسين الرحيلي بالقول: "التونسيون وضعوا بين مطرقة الجفاف وسندان الفيضانات، فمن ناحية أولى تونس من البلدان المهددة بالفقر المائي والشح الحاد للمياه، ومن ناحية ثانية تهدد الأمطار الطوفانية مواطنيها بالغرق".

وأضاف متحدثا لـ "سبوتنيك" أن هذه الفيضانات لها علاقة بالتغيرات المناخية ولكن السبب الأساسي يعود لمشاكل تقنية، حيث أن غالبية المدن التونسية من شمالها إلى جنوبها غير مجهزة بقنوات تصريف مستقلة للأمطار، وغير مرفقة تهيئة عمرانية وحضرية متطورة.

ولفت الرحيلي إلى أن البناء الفوضوي تجاوز الـ 40 في المائة في جل المدن التونسية بشكل لا يتم فيه احترام معايير البناء، فضلا عن أن مياه الصرف الصحي تختلط بمياه الأمطار وتفيض أحيانا على المنازل.

وبين أن تضرر الطرقات سواء الداخلية أو ما بين المدن عند نزول الأمطار يعود أولا إلى الغش الحاصل في إنجازها، وثانيا إلى غياب التهيئة العمرانية التي تسمح بسيلان مياه الأمطار عبر المجاري بطريقة علمية.

وأضاف: "من المضحكات المبكيات أن نفق باب سويقة الذي تم إنشاؤه لتسهيل حركة المرور والتخفيض من الازدحام المروري، تحول اليوم إلى معطل رئيسي للحركة بعد أن غمرته مياه الأمطار أمس الأحد، بشكل كامل وتسبب في غرق السيارات".

وقال الرحيلي إن المشهد الذي باتت عليه تونس أمس هو دليل على فشل المسؤولين في إنجاز منشآت لتصريف مياه الأمطار، مشيرا إلى السلطات التونسية لم تجر تقييما جديا أو دراسة دقيقة حول الفيضانات وكيفية معالجة مياه الأمطار في الأوساط الحضرية رغم تعدد الفيضانات التي مرت عليها منذ سنة 1961 إلى اليوم.

ولفت الرحيلي إلى وجود تقصير واضح في الاستعداد لموسم الأمطار والمجازفة بأرواح الناس، قائلا إن السلطات التونسية تثبت في كل مرة فشلها في الاستباق في كل المجالات، "فهي لا تتذكر خلو المدارس من مياه الشرب إلا عند العودة المدرسية، ولا تتذكر تعهد المجاري والأودية إلا عند حصول كارثة وفقدان أرواح بشرية".

*المصدر: سبتنيك عربي | arabic.sputniknews.com
اخبار تونس على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2024 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com