هل سيضطر ترامب إلى الحلّ الذي لا يريده مع إيران ؟
klyoum.com
إيران توخز إسرائيل بإعلان حصولها على وثائق سرية عن البرنامج النووي الصّهيوني، فهل يؤجّل ذلك الضربة الأمريكية الإسرائيلية على المنشآت النووية في طهران؟ وهل تملك إيران قوة الردع اللازمة لمواجهة أي عدوان عسكري قد يكلفها الكثير ويعطل برنامجها النووي لفترة طويلة ؟
فوزي بن يونس بن حديد
لمّح دونالد ترامب أخيرا أنه سيضطر إلى الحلّ الذي لا يريده مع إيران إذا أصرّت على مسألة تخصيب اليورانيوم، وقد سبق للرئيس الأمريكي أن رفض أي تخصيب لليورانيوم في إيران حتى ولو كان مستعملًا للطاقة المدنية، في حين أن إيران رفضت رفضا قطعيًّا أن تتنازل عن تخصيب اليورانيوم لتوليد الطاقة المدنية التي تحتاجها، وقد تسبب هذا التصادم في زعزعة المفاوضات الجارية بين أمريكا وإيران بوساطة عُمانية، وقد سبق لمسقط أن استضافت بعض جولاتها فيما حدثت جولات أخرى في روما، ولم تصل المحادثات إلى وفاق بين الجانبين رغم التفاؤل الحذر الذي سايرها طوال الفترة الماضية ومنذ إعلان بدء المحادثات في مسقط.
ترامب لا يريد حربًا مباشرة مع إيران
ويبدو أن التحضير لضربة على المنشآت النووية قد بدأ فعلا بين إسرائيل وأمريكا، رغم أن ترامب قد أبدى مرونة ومنح فرصة للمفاوضات، غير أنه كما يبدو يتعرض لضغوطات كبيرة من اللوبي الصهيوني في أمريكا حتى يمنح نتنياهو الضوء الأخضر لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وبقي مترددا إلى اللحظة الأخيرة التي صرّح فيها بأن لا تخصيب لليورانيوم في إيران، وفي المقابل صرّح المرشد للأعلى في إيران علي خامنئي بأن لا تنازل عن تخصيب اليورانيوم في إيران، وبقيت هذه المسألة عالقة ومعلقة ولم تجد حلا وسطا إلى الآن للتمهيد لاتفاق قد يحصل بينهما ويُنهي حالة الخلاف القائم، وهناك من اقترح على الطرفين حلّا وسطًا بأن يكون التخصيب في دولة محايدة وبنسبة متدنّية تُرضي الإيرانيين وتزيل خوف الأمريكيين.
غير أن ترامب الذي يبدو أنه متردد في هذا الحل، ولا يميل إليه كثيرا، وفي الوقت نفسه لا يريد حربًا مباشرة مع إيران فقد ذاق ويلات الألم مع الحوثيين في اليمن الذين أجبروه على الانسحاب من المعركة المباشرة عندما حزم نفسه وزعم أنه سيُلحق بهم هزيمة نكراء باستخدام القوة المفرطة لجعلهم يتراجعون عن ضرب تل أبيب، ولكن إصرار أنصار الله على الوقوف بجانب غزة الجريحة التي تنزف دمًا، وضرب السفن الأمريكية في البحر الأحمر أيّا كان اتجاهها دفعت الرئيس الأمريكي إلى طلب الصلح حتى لا تتضرر المصالح الأمريكية في المنطقة.
ويبدو أيضا في المقابل، أن إيران تعدّ العُدّة لمواجهة أي تهديد خارجي سواء كان من إسرائيل أو من أمريكا، وبقيت مُصرّة على موقفها الرافض لأي تنازل عن تخصيب اليورانيوم، وترفض مبدئيا الحل الذي ذكرناه سابقا، وترى أن تخصيب اليورانيوم سيكون على أرضها، وهي متفقة مع الجانب الآخر على النسبة التي يمكن أن تسمح بها الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدامها في الطاقة السلمية، وظلت تبحث عن طريق لوخز إسرائيل وإجبارها على التفكير جديّا قبل المجازفة بضرب منشآت إيران النووية، فأعلنت أنها حصلت على وثائق سرّية تحمل معلومات حسّاسة عن البرنامج النووي الإسرائيلي، ومن شأن هذا الإعلان أن يزعزع الكيان الصهيوني من الداخل، ليفتح تحقيقًا عاجلًا عن تسرب هذه الوثائق وكيف استطاعت إيران أن تحصل عليها، وهل يمكن أن تحمل معلومات خطيرة فعلا عن البرنامج النووي في إسرائيل، وهل من شأن ذلك أن يمنع الضربة من أساسها، أم أن إسرائيل ستواصل تعنّتها للقيام بهذه العملية رغم معارضة كثير من السياسيين والعسكريين في إسرائيل.
الحرب على إيران إذا قامت لن تنتهي
وفي هذه اللحظة التي أعلن فيها ترامب أنه قد يضطر إلى ضرب إيران سواء عن طريق الطائرات الأمريكية الراسية في المنطقة أو طريق إسرائيل، فإن الحرب على إيران إذا قامت فإنها لن تنتهي، وستأخذ أبعادا خطيرة على المنطقة برمتها، فإيران عبرت تكرارا ومرارا عن أنها لن تستسلم، فإما الشهادة وإما النصر، ولها من مقومات القوة ما يخيف إسرائيل و الولايات المتحدة، فهي ليست ميليشيا أو حركة أو فريق، وإنما هي دولة لها قوتها، يعترف بها الكثير في العالم، ويقيمون لها وزنًا، وليس من الحكمة أن يقوم ترامب أو نتنياهو بضربها. لكن السؤال الذي يطرح هل باتت الحرب على إيران قريبة جدا بعد تلويح ترامب بالعدول عن المفاوضات والمحادثات والتفكير في ضرب إيران؟
وفي كل الأحوال فإن إسرائيل قد تلقت ضربة موجعة من إيران التي هزت الكيان الصهيوني بعد حصولها على وثائق سرية عن برنامج إسرائيل النووي وإعلان ذلك رسميا، كما تلقت ضربة موجعة من غزة عندما تعرّض جنودها لكمائن في خان يونس وجباليا وبيت لاهيا أسفرت عن قتلى وجرحى في جيش الاحتلال في يوم واحد، وتلقت ضربة موجعة من أوروبا التي تنامى فيها الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومطالبات الشعوب الأوروبية حكوماتها بقطع العلاقات مع إسرائيل ووقف التعامل معها ومراجعة الاتفاقية بين أوروبا وإسرائيل، فهذا كله قد وضع إسرائيل في الزاوية الضيقة وحشرها فيها.