رسالة إلى رفاقي الأعزاء في الحزب الجمهوري
klyoum.com
في هذه الرسالة المفتوحة إلى "رفاقه الأعزاء" في الحزب الجمهوري (الحزب الديمقراطي التقدمي سابقًا)، الكاتب يدعوهم إلى وقفة تأمل وتحليل هادئ للواقع و إعادة النظر في العديد من مواقفهم و منها معارضتهم للرئيس قيس سعيّد.
ليث الأخوة
تحية نضالية صادقة،
لقد جمعنا نضال طويل ومواقف مشرفة في أحلك الظروف، وكنت دائمًا فخورًا بانتمائي إليكم وبالعمل المشترك الذي خضناه من أجل وطن حر ودولة عادلة.
اليوم، أتابع مواقف بعض الرفاق الرافضة لسياسات رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وأتفهم دوافعكم النابعة من حرصكم على البلاد، لكنني أرى الأمور من زاوية مختلفة.
أعتقد بصدق أن رئيس الجمهورية يسير على الطريق الصحيح، وقد اتخذ قرارات شجاعة في لحظة حرجة كان فيها الوطن في حاجة إلى من يتحمل المسؤولية. صحيح أنه لم يُفهم من قِبل الكثيرين، ومن بينهم بعض رفاقنا في الحزب، لكن الإنصاف يقتضي منا التريّث في الحكم، والابتعاد عن ردود الفعل المتسرعة.
الحريات ما زالت قائمة
لو كنت أرى أنه مخطئ، لكنت أول من يعارضه، وكنت سأقف إلى جانبكم دون تردد. لكنني لا أرى في الوقت الراهن ما يستدعي ذلك، بل أرى بوادر إصلاح يجب دعمها لا معارضتها.
رفاقي، أدعوكم إلى وقفة تأمل وتحليل هادئ للواقع، وإلى أن تسألوا أنفسكم: هل يمكن أن نظل معارضة أبدية؟ لقد ناضلتم كثيرًا، وشهدت بنفسي على صدقكم وتضحياتكم، لكن البلاد اليوم تحتاج إلى خطاب جديد ومقاربة مختلفة.
لم نعد نعيش في عهد الاستبداد كما كان الحال في زمن بن علي، ومن تابع تظاهرات الأول من ماي يرى بوضوح أن الحريات ما زالت قائمة، وأن الحديث عن عودة الديكتاتورية فيه كثير من التهويل وربما الخطأ في التقدير.
أما بخصوص سؤالكم عن الرفيق عصام الشابي، فإني أقولها بصدق وألم: عصام أخطأ التقدير في فهم مسار رئيس الجمهورية، وكانت تحليلاته غير موفقة، رغم أنني لا أشك لحظة في صدقه ونزاهته. لكن، للأسف، وجد نفسه محاطًا بأشخاص لا يحملون نوايا صافية، فساقته المواقف دون أن ينتبه إلى تداعياتها القانونية والسياسية.
ونحن نعلم جميعًا أن “لا يُعذر أحد بجهل القانون”، لكنني آمل أن يُؤخذ بعين الاعتبار تاريخه النضالي النظيف، وأن يُعاد النظر في الحكم الصادر ضده، سواء عبر الاستئناف أو عبر آلية العفو التي قد يتدخل فيها رئيس الجمهورية لاحقًا.
ضية وطن ومصلحة عامة
فلننظر إلى الأمور بعين دبلوماسية، كما علمتنا فقيدتنا العزيزة أيقونة النضال التي لا تُعوض، مية الجريبي، رحمها الله، التي كانت دائمًا تضع الحكمة والاتزان فوق كل شيء.
أدعوكم أحبتي إلى التمسك بالموضوعية وعدم الانجرار وراء العاطفة أو التأثيرات الخارجية. فالقضية ليست قضية أشخاص، بل قضية وطن ومصلحة عامة.
أصدقائي، أقول هذا من باب المحبة والوفاء لرفاق درب لا أنساهم، وأدعوكم إلى مراجعة المواقف بموضوعية، فوطننا يستحق أن نضع مصلحته فوق كل اعتبار.
أخوكم ورفيقكم في النضال،