هكذا تُفكّر إسرائيل وهذا ما يقوله نتنياهو، فماذا يقول المطبّعون العرب؟
klyoum.com
هكذا تفكّر إسرائيل اليوم بعد أن صمت العرب والمسلمون ما جرى لغزة الأبيّة من دمار واسع وقتل وتهجير للسكان، واليوم يفكر الاحتلال الصهيوني باحتلال القطاع لنشر ذراعيه على بقية المناطق التي يريد وينوي التوسع فيها عمّا قريب، ولولا الصمود الأسطوري للمقاومين الأسود في القطاع لاحتلت إسرائيل جزءا كبيرًا في سوريا ولبنان وانتقلت إلى بقية الدول العربية ومنها مصر والأردن، وفي كل مرة تختلق المبرّرات والأعذار من أجل إقامة ما يسمّى إسرائيل الكبرى…
فوزي بن يونس بن حديد
و إسرائيل الكبرى هو الحلم الذي لم يتحقق إلى الآن وينوي نتنياهو تحقيقه في حياته وقبل رحيله من الحكومة ومن الدنيا معًا، إنها وصية أجداده العظماء ومقدمة روحانية يشعر بها في نفسه وتدعوه إلى التهام قطع أراض من دول عربية مجاورة وكأنها حق تاريخي لإسرائيل الأرض الموعودة.
لكن الغريب أن العرب قابلوا هذه التصريحات بجفاء كبير، وندّدوا بها بأشدّ العبارات، وحذّروا نتنياهو من اختراق القانون الدولي والاعتداء على أي دولة عربية ذات سيادة، والأغرب من ذلك أن نتنياهو لن يعبأ بهذه التنديدات ولا بهذه المطالبات ولن يسمعها أصلا ولن يقرأها حتى مجرد القراءة لأنه تعوّد أن العرب والمسلمين عموما يخافون من القوة لفرض السلام الموعود، وأنهم لن يحرّكوا ساكنا حتى لو وقف بباب دارهم، واحتل جزءا من أراضيهم، فلن يكونوا أشدّاء مثل حماس في غزة، ولن يكون حريصين على بلادهم، وما دفع نتنياهو إلى هذه التصريحات هو شعوره بالفخر وهو يتجول في سوريا ولبنان كيفما أراد وقريبا في مصر والأردن والعراق وربما اليمن إذا أراد.
تخطيط للسيطرة على مقدّرات الأمة العربية
هذه التصريحات تجعلنا نفكر مليا فيما تسعى إليه إسرائيل من وراء كل ما فعلته من تخطيط، وما تدعمه أمريكا الامبريالية المتوحّشة من ورائها من تخطيط للسيطرة على مقدّرات الأمة من المحيط إلى الخليج، معتبرة أن ذلك من حقّها، وليس من حقّ العرب أن يحتجوا، بل ليس من حقهم أن يتكلموا حتى، فما يقوم به اليهود تطبيق واضح وصريح لما وصّى به الأجداد قديما وما خطّطوا له تدريجيًّا لتدمير الأمة الإسلامية بعد تمييعها بما يسمّى بالفن والكرة، ألهوا شبابهم، وأفرغوا قواهم، وأغووهم بالجميلات من البنات والنساء، وأغروهم بالجديد من التكنولوجيا جميلها وخبيثها، ونشروا في أوساطهم الفاحشة والمخدّرات والسرقات، والأفكار الهدّامة مثل الثورة على العادات والأخلاق التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وتفكيك الأسرة، وخلق فتنة بين المذاهب الإسلامية، مثل بين الشيعة والسنة، أو بين الإباضية والسنة، أو غيرها، وإثارة القبائل بعضها على بعض.
ذلك مما فعله اليهود على مدار العقود الماضية، وهذا ما جنته الأمة اليوم، من تهاون في الدفاع عن مقدساتها بدعوى عدم التدخل في شؤون الغير، والبحث عن لقمة العيش، والضعف المتردّي في أوساط الشباب المولع بالكرة والفن و الميوعة والترف واللهو إلى حدّ كبير بعيدا عن الالتزام بتعاليم الإسلام السمحة والأخلاق الفاضلة وطلب العلوم بكافة أنواعها، ولذلك كانت غزة الهدف الأول والأثقل والأكثر أهمية، لأنها بقعة قرآنية كانت تعجّ فيها أصوات القرآن الكريم، والمقاومين الأشاوس الأحرار، ولأنها تنتج الأبطال الموقنين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم العاملين من أجل تحقيق الهدف الأسمى وهو تحرير الأرض من الصهاينة المجرمين، فهذه العقيدة الراسخة في النفوس لا تجدها خارج أسوار غزة إلا من رحم ربك.
نتنياهو يقول للعرب والمسلمين سأفعل ما أريد
وما دام رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني يفكر أن يهز العالم، ويرى أن اللحظة مناسبة وأن العالم لن يقف في وجهه مهما احتجت الشعوب وتناثرت الكلمات فإنه سيواصل العمل من أجل تحقيق هذا الهدف بدعم أمريكي غير مسبوق ماليّا وعسكريّا، وحتى سياديّا، وما يحتاج إليه نتنياهو اليوم أن يقوله للعرب والمسلمين سأفعل ما أريد ولن يوقفني أحد منكم، لأنكم جبناء وضعفاء وسفهاء وحمقى ولا تفعلون إلا الثرثرة على وسائل الإعلام، وحتى إن فعلتم سنتعقب كل من يفعل ذلك ونقتله ونسكته، فماذا سيقول المطبّعون اليوم مع إسرائيل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، وغيرهم ممن سارع بالتطبيع مع الكيان الصهيوني؟ وهل تستطيع الدول العربية مواجهة العدوان الصهيوني في رحلته الجديدة نحو التوسع والنفوذ؟ أم سيتركون نتنياهو يسبح في الأراضي العربية دون مواجهة أو دفاع؟