9 ملايين شجرة... "عدة" تونس لمواجهة التغير المناخي
klyoum.com
أخر اخبار تونس:
الترجي يتسلم اليوم رمز البطولة ... كرنفال في رادستسعى إلى تعويض ما أتلفته الحرائق وأطلقت تظاهرة "أسبوع الغابات"
دشنت تونس إستراتيجية تستهدف غرس نحو 9 ملايين شجرة لتغطية مساحات شاسعة تعرضت إلى الحرق في الأعوام الماضية وذلك في وقت تواجه البلاد فيه التغيرات المناخية.
وبحسب ما أعلنته السلطات فقد أتلفت الحرائق نحو 56 ألف هكتار وفق مسح أجرته العام الماضي، ناهيك بأن ندرة المياه في ظل الجفاف الذي يضرب البلاد وانتشار حشرات وآفات ضارة قد تسببا في أضرار لدى أشجار باتت منهكة وغير قادرة على المقاومة.
خطة الـ9 ملايين شجرة
كشف مدير عام الغابات التونسية، محمد نوفل بن حاحة، أن "هناك 9 ملايين شجرة حاضرة للغراسة هذا العام وهي موجودة حالياً بالمنابت الغابية منها 5 ملايين شتلة معدة للتأجير من طريق إدارة الغابات والمجتمع المدني والبقية من طريق البلديات التي تسهم بدور فعال في هذا الشأن".
وأوضح بن حاحة في تصريحات بثتها إذاعة "موزاييك إف أم" المحلية أن "هذا العام يشهد وجود تجربة جديدة وهي البذرة المباشرة المتمثلة في جمع بذور مختلف الأنواع الغابية وبخاصة الشجيرات العلفية واغتنام فرصة نزول الأمطار لغراستها".
وتشكل الغابات والمراعي المخصصة للمواشي في تونس زهاء 6 ملايين هكتار، ما يمثل 34 في المئة من إجمالي مساحة البلاد، وتبلغ مساحة الغابات وحدها مليون هكتار تملك الدولة منها 90 في المئة، لكن هذه الغابات كانت عرضة لعدد من الاعتداءات في الأعوام الماضية.
وهناك عدد من المنتجات الغابية التي تمثل أحد أهم مصادر دخل التونسيين الذين يعيشون قرب الغابات خصوصاً في جندوبة (شمال غربي) حيث ازدهر طوال الأعوام الماضية جني مادة الفلين، وهي عبارة عن قشر الأشجار التي تستعمل في صناعة الأواني والزينة وأيضاً في خلايا تربية النحل وغير ذلك.
كما تزخر الغابات التونسية بأشجار البلوط التي يقع جني ثمارها واستخدامها كعلف للمواشي، فيما يتم جني ثمار الصنوبر الحلبي لاستخدامه في عدد من المجالات، لكن أهمها "عصيدة الزقوقو" التي يحتفي من خلالها التونسيون بذكرى المولد النبوي.
وتستقطب هذه المجالات مجتمعة آلاف التونسيين على رغم أن استخراج وجني كثير من هذه المواد لا يكون إلا بترخيص تمنحه السلطات.
قادرة على التنفيذ
ومن أجل تنفيذ تعهدها بغراسة نحو 9 ملايين شجرة زيتون، أطلقت السلطات في تونس تظاهرة "أسبوع الغابات" لنشر الوعي بأهمية الغابات والتنوع البيولوجي في بلد يتأثر بشدة في التغيرات المناخية وهو تأثر برز بصورة لافتة من خلال تغير خريطة تساقطات الأمطار والتصحر.
واعتبر الناشط البيئي والمتخصص في التغيرات المناخية، حمدي حشاد، أن "غراسة 9 ملايين شجرة هو مشروع قابل للتنفيذ من خلال إمكانات تونس وخبرتها في هذا المجال، والتشجير هو من الحلول التي في المتناول وغير مكلفة وممكنة في التعامل مع التغيرات المناخية وتسهم في خلق التنمية المحلية من خلال إدماج المجتمعات واستغلال بعض أنواع الأشجار التي يكون لها مردودية في أنشطة محددة مثل تربية النحل".
وفي تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية" أوضح حشاد أن "المشروع قابل للتنفيذ والتحقق حتى في حيز زمني محدد مثل عام، لكن هناك معطى أعتقد أن السلطات أخذته بالاعتبار وهو المراهنة على غراسة أنواع محلية من الأشجار مثل الخروب لأن مثل هذه الأشجار تساعد على تثبيت التربة ومقاومة الانجراف".
حمى الزيتون
ليست الحرائق وحدها ما يهدد بقضم مساحات شاسعة من الغابات التونسية إذ استغل عدد من السكان حال الارتباك التي سادت البلاد في أعقاب انتفاضة الـ14 من يناير (كانون الثاني) 2011 للاستيلاء على بعض الأراضي التابعة للغابات أو غيرها.
وقد التفتت السلطات بالفعل لهذا الأمر أخيراً، وباتت تعمل على استعادة تلك الأراضي وإعادة استغلالها إما بإعادة تشجيرها أو تسليمها للشركات الأهلية وهو مشروع اقتصادي بديل ومثير للجدل يطرحه الرئيس قيس سعيد.
وقال حمدي حشاد إن "هناك أشخاصاً استحوذوا بالفعل على بعض الأراضي بعدما تعرضت للحرق وغرسوا أشجاراً مثمرة خصوصاً أن في تونس هناك ما يشبه حمى غراسة الزيتون بالنظر إلى المردودية التي يمثلها زيت الزيتون على الصعيد العالمي".
وتابع أن "هناك سباقاً محموماً بين بعض التونسيين على من يقوم بغراسة أكبر عدد ممكن من أشجار الزيتون، ومن ثم من ينتج كميات أكبر من زيت الزيتون وذلك على حساب الفضاءات البيئية والطبيعية الإيكولوجية، فهناك من استحوذ على أراض رطبة وغابات ومناطق محمية لذلك الاعتداءات كانت عنيفة جداً".
واستدرك المتحدث بالقول "لكن يجب أن نحيي الدولة التي شرعت في التأسيس لثقافة المحاسبة واسترداد الحقوق وهو واجب الدولة الذي لا يستطيع المجتمع المدني أو النشطاء القيام به عوضاً عنها، هذه إشارة مفادها أن الدولة بدأت تتعافى بصرف النظر عن الموقف من النظام الحاكم".
ليس حلاً سحرياً
وسيعني فقدان مساحات واسعة من الغابات في تونس خسارة فادحة على صعيد آخر، حيث يقطن بجوارها نحو مليون شخص أي ما يشكل زهاء تسعة في المئة من سكان البلاد التي تحصي نحو 12 مليون ساكن بحسب آخر تعداد.
وقد يضطر هؤلاء إلى مغادرة تلك المناطق نحو العاصمة أو مدن أخرى بحثاً عن موارد رزق جديدة وهو ما يشكل ناقوس خطر إضافي للسلطات.
علاوة على ذلك، فإن السلطات كما المجتمع المدني في تونس تكافح من أجل إنجاز مهمة التشجير لما تكتسيه من أهمية على مستوى مجابهة التغيرات المناخية.
وقال المتخصص البيئي، حسام حمدي، "إذا توفرت الإمكانات فإن تونس قادرة على غراسة 9 ملايين شجرة أو حتى أكثر لكن العوامل المناخية أيضاً مهمة في إنجاح هذه العملية، نتمنى أن يكون هناك غيث نافع في الأيام المقبلة بما يتيح نجاحها"، لكنه يعتقد أن التشجير "ليس حلاً سحرياً" لمقاومة التغيرات المناخية.
ولفت إلى أن "هناك بلداناً هي التي تتسبب في هذه التغيرات من خلال إنتاج غازات دفيئة وبكثرة، فيجب أن تخفض من ذلك، وتقوم تونس بالتشجير بصورة متزامنة بما يقلص من تداعيات التغيرات المناخية في إطار إحياء المنظومة البيئية والغابية في البلاد".
وأشار إلى أن "هناك محاولات تتم للاستحواذ على الفضاءات الغابية في تونس بصفة متواترة، والسلطات المعنية، أي إدارة الغابات هي بصدد القيام بمجهودها، لكن يجب تطوير القوانين في هذا الشأن من أجل الضرب بيد من حديد على كل من يحاول الاستيلاء على أرض ملك للدولة أو غابية".