فرحة العمال التونسيين بقانون تنظيم عقود العمل ومنع المناولة
klyoum.com
صادق البرلمان التونسي مؤخرًا على مشروع قانون ينظم عقود العمل ويحظر نظام "المناولة"، في خطوة تاريخية تُعتبر الأكبر في مجال إصلاح سوق الشغل منذ الاستقلال. هذا القانون يُشكّل انتصارًا للعمال والموظفين الذين عانوا لعقود من هيمنة أرباب العمل وسياسات الاستغلال، حيث كانت الكفة تميل دائمًا لصالح صاحب العمل على حساب حقوق العامل، حتى لو اضطر الأمر إلى انتهاك كرامته أو التعدي على أبسط حقوقه. (الصورة : وزير الشؤون الاجتماعية عصام لحمر خلال مناقشة القآنون في البرلمان.)
ليث الأخوة
منذ الاستقلال، ظلت السياسة التشغيلية في تونس تُكرّس هيمنة أرباب العمل، حيث تُوّجت العلاقة بين العامل وصاحب العمل بضمان مصالح الأخير حتى لو كانت على حساب حقوق العامل. والأمر الأكثر إثارة للاستياء هو تواطؤ الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي كان دائمًا يغض الطرف عن الانتهاكات والممارسات غير العادلة، بل ويُشرعنها في بعض الأحيان. والكل يعلم لماذا… فالمصالح والولاءات كانت دائمًا أقوى من الدفاع عن حقوق العمال.
مع هذا القانون الجديد، يستعيد العامل التونسي جزءًا من كرامته وحقوقه المسلوبة لأول مرة منذ الاستقلال. فمنع "المناولة"يعني القضاء على أحد أكبر أشكال الاستغلال، حيث كان العامل يُجبر على العمل تحت ظروف قاسية دون ضمانات اجتماعية أو حقوق واضحة. الآن، سيكون لكل عامل عقد عمل مباشر يضمن له حماية قانونية واجتماعية، مما يقطع الطريق على أرباب العمل الذين كانوا يتلاعبون بالعقود لحرمان العمال من استحقاقاتهم.
انتصار بعد سنوات من الظلم
ردود الفعل بين صفوف العمال كانت غامرة بالفرح والارتياح، حيث يرون في هذا القانون نهاية لمرحلة الظلم وبداية لعهد جديد يُعيد التوازن إلى سوق الشغل. كثيرون وصفوه بـ"الثورة التشريعية" التي طالما انتظروها، خاصة في ظل المعاناة اليومية التي عاشها العمال في القطاعات المختلفة، سواء في المصانع أو الخدمات أو حتى الوظائف الإدارية.
رغم أن القانون يُعتبر خطوة إيجابية كبرى، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في التطبيق الفعلي ومراقبة تنفيذه، خاصة في ظل محاولات بعض أرباب العمل الالتفاف على النصوص القانونية. كما أن دور النقابات سيكون محوريًا في الدفاع عن هذه المكاسب وضمان ألا تعود سياسات الاستغلال من جديد.
بكل تأكيد، هذا القانون ليس مجرد نص تشريعي، بل هو رسالة قوية مفادها أن زمن العمالة المهينة قد ولى، وأن كرامة العامل التونسي يجب أن تكون فوق كل اعتبار. وهو انتصار ليس فقط للعمال، بل للعدالة الاجتماعية وللمشروع الإصلاحي الذي تطمح إليه تونس الجديدة.