تونس تُطلق حملة تاريخية ضد سرطان عنق الرحم... و"أعداء اللقاح" يهددون نجاحها
klyoum.com
أطلقت تونس حملتها الوطنية الأولى لتلقيح الفتيات، ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) المسبب الرئيسي لسرطان عنق الرحم. في خطوة وقائية طال انتظارها.
لكن هذه الحملة الطبية تحولت إلى معركة حقيقية ضد موجات من الشكوك والمخاوف التي تهدد بإفشال هذا الإنجاز الصحي.
وانطلقت الحملة في 7 أبريل الجاري، وتستهدف تطعيم نحو 100 ألف فتاة تونسية في سن 12 عاما، سواء بالمدارس أو عبر مراكز الصحة الأساسية. ويأتي ذلك في إطار استراتيجية وطنية للقضاء على أحد أكثر أنواع السرطان فتكا بالنساء، حيث يسجل في تونس ما بين 300 إلى 400 حالة جديدة سنويا، مع 200 حالة وفاة تقريبا.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإن سرطان عنق الرحم يعد ثاني الأورام السرطانية التي تسجل لدى النساء في تونس بعد سرطان الثدي.
لكن المفارقة تكمن في أن هذا الإجراء الوقائي الذي تبنته أكثر من 145 دولة منذ 2006، يواجه مقاومة غير مسبوقة في تونس. فقد انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي موجة من المحتوى التحذيري الذي يشكك في سلامة اللقاح، وتزعم بعض المنشورات - من دون أي سند علمي- أن التطعيم قد يؤثر على الخصوبة أو يعرقل النمو الطبيعي للفتيات.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو ظهور طبيبة عبر فيديوهات تنشر معلومات مغلوطة عن اللقاح، ما دفع المجلس التأديبي لعمادة الأطباء إلى فتح تحقيق عاجل وتهديدها بعقوبات صارمة، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على المصداقية العلمية للمهنة الطبية.
وأشارت عمادة الأطباء إلى أنها تتابع في الفترة الأخيرة تداول فيديوهات أخرى لأشخاص يدعون أنهم أطباء وغير منتمين للعمادة، يحثون فيها الأولياء على عدم تلقيح بناتهم، وهو ما يستدعي تدخل وزارة الصحة لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم من أجل حماية الأمن القومي الصحي للمواطنين وضمان نجاح حملة التلقيح ضد فيروس الورم الحليمي.
ثورة في علاج سرطان عنق الرحم!
من جهتها، تحاول وزارة الصحة التونسية كسب معركة التوعية عبر سلسلة من الإجراءات، بينها نشر بيانات توضح أن اللقاح معتمد من منظمة الصحة العالمية، مع التأكيد على أنه يستخدم منذ 19 عاما دون أي آثار سلبية مسجلة. وحذرت من أن التأخر في التطعيم يعرض الفتيات لخطر حقيقي.
وأوضحت الوزارة أن تكلفة الجرعة الواحدة تصل إلى 120 دولارا في الصيدليات، لكن الدولة توفرها مجانا.
ودعت الجمعية التونسية للأورام الطبية، في بيان أصدرته عشية الثلاثاء، جميع مهنيي الصحة إلى الانخراط بشكل فعّال في حملة التطعيم بلقاح فيروس الورم الحليمي البشري وطمأنة العائلات حيال هذا الإجراء الوقائي الأساسي. وأكدت أن هذا اللقاح "لا يحمي من الأمراض الخطيرة فحسب، بل يحافظ أيضا على الصحة الإنجابية".
كل ما تريد معرفته عن لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)
فيروس الورم الحليمي البشري هو فيروس ينتقل عبر الاتصال الجنسي، وبعض سلالاته تسبب الثآليل التناسلية، وأخرى قد تؤدي لسرطانات عنق الرحم، والفرج، والمهبل، والقضيب، والشرج، والفم.
وفي الواقع، لا ينتقل الفيروس عبر الاتصال الجنسي فقط، بل إنه في حالات نادرة، يمكن أن ينتقل من الأم إلى الطفل أثناء الولادة الطبيعية (قد يسبب ثآليل في حنجرة الرضيع)، والملامسة الجلدية الحميمة (مثل تشارك أداة حلاقة ملوثة). ولا ينتقل الفيروس عبر المصافحة، أو المعانقة، أو حمامات السباحة. وقد يكون الشخص حاملا للفيروس لسنوات دون أعراض وينقله دون علمه.
ابتكار جديد يعزز مناعة الجسم ضد الأورام السرطانية العدوانية
ويعد اللقاح مهما لأنه يقي من 90% من سرطانات عنق الرحم، ويحمي من الثآليل التناسلية، فضلا عن أنه فعال قبل التعرض للفيروس.
ويشير الخبراء إلى أن السن المثالي للحصول على اللقاح ما بين 11-12 سنة.
وبحسب مؤسسة "مايو كلينك"، فإن الجرعات يجب أن تكون كالتالي:
- أقل من 15 سنة: جرعتان (بفاصل 6-12 شهرا)
- 15 إلى 26 سنة: 3 جرعات (خلال 6 أشهر)
- 27 إلى 45 سنة: استشارة الطبيب
ويوصي الخبراء بتجنب الحصول على اللقاح خلال الحمل أو عند وجود حساسية مفرطة، أو في حال المعاناة من مرض شديد.
الآثار الجانبية (نادرة وعابرة):
- ألم أو احمرار مكان الحقن
- دوخة خفيفة
- صداع أو غثيان
أنواع اللقاحات المرخصة
يوجد حاليا ستة لقاحات مرخصة ضد فيروس الورم الحليمي البشري، تقسم إلى ثلاث فئات، وفقا لمنظمة الصحة العالمية:
لقاحات ثنائية التكافؤ (Bivalent): تحمي ضد النوعين 16 و18 (المسببين لـ 70% من سرطانات عنق الرحم).
لقاحات رباعية التكافؤ (Quadrivalent): تحمي ضد الأنواع 6 و11 (المسببة للثآليل التناسلية) بالإضافة إلى 16 و18.
لقاح تساعي التكافؤ (Nonavalent): يضيف حماية ضد خمسة أنواع إضافية (31، 33، 45، 52، 58) المسؤولة عن 20% أخرى من سرطانات عنق الرحم.
وجميع هذه اللقاحات فعالة جدا في الوقاية من العدوى والآفات ما قبل السرطانية، ولها سجل أمان ممتاز بناءً على دراسات عالمية.
المصدر: RT