الاتحاد التونسي للشغل يجدد رفضه المشاركة بالحوار ويلوح بالإضراب

كلفة الإضراب العام الذي ستتحمله الدولة وهي تعاني صعوبات مالية واقتصادية كبرى تبلغ أكثر من 99 مليون دولار

في تطور لافت لموقف الاتحاد العام التونسي للشغل من الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد، جدد الاتحاد رفضه المشاركة في الحوار واستغرب إدراج اسم المنظمة في المرسوم الخاص باللجنة الاستشارية للشؤون القانونية والاجتماعية.

وعبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، في تصريحات صحفية يوم الجمعة 27 مايو (أيار) 2022، عن 'استغرابه إدراج اسمه ضمن المدعوين للحضور ضمن اللجنة الاستشارية للشؤون القانونية والاجتماعية'.

وقال 'موقفنا عبرنا عنه عبر هياكلنا الرسمية، ورغم صدور المرسوم، طالما لن تكون هناك مراجعات في اتجاه بلورة مشروع وطني جامع نحن غير معنيين بالحضور'.

وأضاف 'نسجل اختلافنا مع رئيس الجمهورية، ونحيي فيه وضوحه، الرجل واضح وماض في طريق سيارة نحو تحقيق مشروعه دون الاستماع لأي كان، لذلك نبادله نفس الوضوح وموقفنا واضح لن نزج بالاتحاد في طريق مجهول'.

ويريد الاتحاد أن يكون الحوار 'مفتوحاً على طيف أوسع من المجتمع المدني والأحزاب التي تتقاطع مع لحظة 25 يوليو (تموز) 2021، وتريد تحويلها إلى مسار، على أن لا يبدأ الحوار بنتائج مسبقة ولا يكون حوار تزكية'.

موقف قد يعمق الأزمة

وتعود الاتحاد العام التونسي للشغل عبر تاريخه على تحمل أعباء القضايا الوطنية الكبرى، والمشاركة في الشأن السياسي خاصة عند الأزمات، إلا أن موقفه قد يعمق أزمة تونس المتعددة الأبعاد اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.

ولا يعني موقف الاتحاد العام التونسي للشغل الرافض المشاركة في الحوار، إنه مع منظومة ما قبل 25 يوليو 2021، بل هو يرفض شكل الحوار الذي يقترحه قيس سعيد، إلا أنه يتفق معه في تحميل الطبقة السياسية التي حكمت قبل هذا التاريخ مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

تحسين المقدرة الشرائية

ويعمل الاتحاد على الضغط على الحكومة للاستجابة لمطالب الهيئة الإدارية للمنظمة وتفعيل الاتفاقيات السابقة وللبدء في مفاوضات اجتماعية لتحسين المقدرة الشرائية لعموم العمال من جهة، وعلى الرئيس التونسي من أجل تغيير شكل الحوار الوطني وآلياته حتى يستجيب فعلاً لمتطلبات المرحلة وألا يكون إطاراً شكلياً للمصادقة على مشروع سعيد السياسي من جهة أخرى.

ويريد الاتحاد أن ينأى بنفسه عن مآلات حوار وضعه الرئيس التونسي بشكل أحادي وبمخرجات جاهزة تعطي شرعية للمسار السياسي الذي يرسمه سعيد للبلاد.

مناورة سياسية

ويرى أستاذ القانون العام رابح الخرايفي في تصريح خاص، أن الرئيس التونسي 'سيمضي في مشرعه السياسي'، مؤكداً أن على الاتحاد ألا يشارك في القرار السياسي، داعياً إلى 'ابتكار صيغ جديدة للحوار والقطع مع الصيغ التقليدية التي لم تؤتِ ثمارها'. 

ويدعو الخرايفي إلى 'تجاوز الفكر السياسي الذي يعول على المنظمات الوطنية في الحوار وإيجاد أطر جديدة للتفاعل مع الفاعلين النقابيين والمجتمع المدني عموماً'، مشدداً على أن 'الاتحاد العام التونسي للشغل موجود في المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية وسيتحمل مسؤوليته في المشاركة في القرار السياسي'، معتبراً التصريح بالرفض في المشاركة مجرد 'مناورة سياسية من الاتحاد'. 

وبخصوص الإضراب في القطاع العام والوظيفة العمومية، الذي لوحت به الهيئة الإدارية يقول الخرايفي: 'إن مفهوم الإضراب أصبح مبتذلاً وفقد قيمته الرمزية وتأثيراته في مسارات التفاوض باتت ضعيفة' لافتاً إلى أن 'الحكومة قد تلجأ إلى تطبيق آلية العمل المنجز ويتم خصم يوم الإضراب من أجور الموظفين وهو ما سيؤثر على المقدرة الشرائية للتونسيين'.

كلفة الإضراب ستعمق أزمة تونس 

وكان الأمين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العمومية، حفيظ حفيظ، أكد خلال ندوة صحفية عقدها الاتحاد يوم الأربعاء أن دواعي الإضراب تتمثل في خمس نقاط وهي 'إلغاء المنشور عدد 20، وتطبيق ما ورد في اتفاق 6 فبراير (شباط) 2021، وفتح المفاوضات الاجتماعية في الوظيفة العمومية والقطاع العام، ومراجعة الأجر الأدنى المضمون، وتطبيق اتفاق 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2018 الذي يتعلق بتكوين لجنة مشتركة بين الاتحاد والحكومة، للنظر في وضعية المؤسسات العمومية التي تشكو صعوبات'.

ويستبعد أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، عبد الجليل البدوي، في تصريح لـ'اندبندنت عربية'، أن يذهب الاتحاد العام التونسي للشغل في خيار الإضراب، معتبراً أن 'المنظمة النقابية تلوح بالإضراب من أجل الضغط على الحكومة لتطبيق الاتفاقيات الموقعة مع الطرف الاجتماعي'، داعياً الحكومة إلى 'تعميق التفاوض مع الاتحاد من أجل تحسين أوضاع العمال وتنقية المناخ الاجتماعي'.

وأشار البدوي إلى أن كلفة الإضراب العام الذي ستتحمله الدولة وهي تعاني صعوبات مالية واقتصادية كبرى تبلغ أكثر من 300 مليون دينار تونسي (99 مليون دولار).

ازدواجية عمل الحكومة والرئاسة

وخلال أشغال هيئة إدارية حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس قال أمين عام اتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، 'من المفارقات العجيبة ازدواجية عمل الحكومة بالتوازي مع مشروع رئاسة الجمهورية'، مضيفاً 'هذه الحكومة تقول لدينا برنامج إصلاحات اقتصادية واجتماعية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وتعلن أنها تقدمت أشواطاً في نقاش هذه الإصلاحات مع النقد الدولي، بينما تعلن رئاسة الجمهورية عن لجنة استشارية للحديث عن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية'.

تبدو علاقة الاتحاد مع طرفي السلطة التنفيذية متوترة، بالتزامن مع تدهور لافت للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، بينما يمضي سعيد في برنامجه السياسي، وهو ما يؤشر إلى مزيد تعميق الأزمة في بلد منهك لم يعد يتحمل.