حملة إدلب.. لماذا تفوّقت على باقي المحافظات السورية؟ وهل الأرقام المُعلنة حقيقية؟
klyoum.com
أخر اخبار سوريا:
بيان سوري رسمي بعد الهتافات المسيئة لمصرتصدّرت حملة "الوفاء لإدلب" حملات التبرع في سوريا بأكثر من 208 ملايين دولار خلال الليلة الماضية، متقدّمة على خمس حملات سابقة.
وكانت كلٌّ من درعا، ودير الزور، وحمص، وريف دمشق، وريف حلب الجنوبي قد شهدت فعاليات تبرع مشابهة خلال الأسابيع الماضية، حازت فيها حملة "ريفنا بيستاهل" في ريف دمشق الرقم الأكبر، وهو أكثر من 76 مليون دولار، في 20 من أيلول الحالي.
وفي تفسيره لتقدّم إدلب على سائر المحافظات بفارق كبير، قال أدهم قضيماتي، الخبير الاقتصادي السوري، لـ"حلب اليوم"، إن "المبلغ الذي تم جمعه أمر طبيعي، لأن المكوّنات التي كانت موجودة داخل إدلب هي من كل سوريا. فالمواطنون فيها من جميع المحافظات السورية، وقد احتضنت عددًا كبيرًا من السوريين في بقعة جغرافية صغيرة، فكان ردّ الوفاء من مختلف المحافظات السورية وليس فقط من أهالي إدلب. لذلك، فقد كان هذا المبلغ بمثابة ردّ جزء من الجميل لاستضافة السوريين من باقي المحافظات".
ولم يقتصر التبرع على المغتربين وأصحاب الشركات، بل ساهم سكان بعض البلدات، بمن فيهم الأطفال، بمبالغ زهيدة. وتلقت المبادرة ترحيبًا محليًا، مع رغبة في توسيع نطاقها وتأثيرها، والعمل على إشراك أكبر قدر من المجتمع المدني.
وتهدف حملة "الوفاء لإدلب" إلى إعادة تأهيل المدارس والمشافي والمراكز الطبية، وإزالة الأنقاض، وتجهيز محطات المياه والصرف الصحي، وترميم المساجد والأفران، وصيانة الطرق وتزويدها بالإنارة، وتأهيل المرافق العامة.
هل المبالغ المُعلنة حقيقية أم مُبالغ فيها؟
تُمثل الأرقام المعلنة تعهّدات بالتبرع من قبل أصحابها، ولا تعادل بالضرورة قيمة المبالغ التي سيتم دفعها فعليًا فيما بعد، إذ يبقى الأمر التزامًا شخصيًا للمتبرع.
وكان صندوق "التنمية السوري"، الذي أُنشئ بموجب مرسوم رئاسي، قد حقّق تعهّدات مطلع الشهر الجاري تجاوزت 80 مليون دولار أمريكي في الأيام الأولى من إطلاقه. لكن وفقًا لآخر البيانات الصادرة عن الصندوق، بلغت التبرعات المباشرة 1.5 مليون دولار فقط بعد مضي 13 يومًا من بدء جمع التبرعات.
ولا يعني ذلك أن تلك التعهدات وهمية، لكنه يشير إلى فارق كبير بين التعهد وبين الدفع الذي يجري لاحقا، وعلى مراحل، فينا أكد صفوت رسلان، مدير الصندوق، في وقت سابق أن تلك المبالغ لا تزال "قيد التحصيل".
أما الوضع في حملات التبرع التي جرت في إدلب وغيرها فمختلف، إذ يؤكّد قضيماتي أنها لا تتبع لصندوق التنمية، فهو يخضع لإدارة مستقلة بإشراف الدولة ويعود ريعه لمشاريع على مستوى سوريا كلها، وليس على مستوى المحافظات.
وأضاف أن "كلمة تعهّدات كبيرة على هكذا حملات. فالتعهّدات تكون عادةً بين شركتين أو بين دولة وشركة أو بين عدة دول، وليست في حملات التبرع. وإن استُخدم هذا المصطلح، فالالتزام بالدفع يكون حقيقيًا بنسبة 100%، لأن أصحاب الإعلانات غير مضطرين أصلًا لإعلان مبالغ لا ينوون الالتزام بها. عدم الالتزام – برأيي – يعرّض الشركات والأشخاص المتبرعين لسمعة سلبية خلال الفترة المقبلة".
هل تصنع تلك الملايين فرقًا؟
رغم أن المبالغ التي جرى جمعها تبدو كبيرة، إلا أن حجم الدمار المنتشر في كل مكان يوحي بالحاجة ربما إلى المليارات، وفقًا لما يتداوله السوريون.
وحول ما إذا كانت المبالغ المجموعة في مختلف المحافظات السورية تشكّل فارقًا في حياة المواطن اليومية، رأى الخبير الاقتصادي أنها "بالتأكيد ستترك أثرًا ملموسًا وسريعًا، حيث نتحدث عن فترة تمتد بين 3 إلى 6 أشهر. فهذه المبالغ خارج إطار التعقيدات الإدارية، ولا علاقة لها بالمبالغ التي تُصرف من قبل الدولة. نستطيع القول إنها أقرب إلى المبالغ التي تصرفها الجمعيات الأهلية لإعادة تأهيل مناطق أو مرافق محددة".
وأضاف: "عندما تكون هناك حاجة لدعم مخيم أو إغلاقه، نحتاج إلى مبالغ محددة تُخصّص مباشرة لذلك الغرض. والمبالغ التي تأتي من الحملات تختلف آلية صرفها عن تلك التي تُدار عبر الدولة. لذلك فإن إعادة تأهيل خط كهربائي – على سبيل المثال – أو مدرسة سيكون أسهل من خلال هذه التبرعات. وعليه، سيشعر المواطن بفرق كبير يعادل حجم المبالغ المصروفة على إعادة التأهيل أو إغلاق المخيمات، التي كانت دائمًا الهدف الأول للحملات السابقة، إضافة إلى تقديم الرعاية الصحية والتعليمية".
ومن المقرر أن تستمر الحملات لتغطية كافة المحافظات السورية، في محاولة لإعادة بناء ما دمّره النظام البائد، دون الحاجة لتمويل خارجي أو الخضوع لإملاءات الدول الأخرى، بحسب ما تؤكده الحكومة.