سي إن بي سي : "وسيط محتمل بين ترامب والشرع".. جوناثان باس يكشف كواليس لقائه مع أحمد الشرع
klyoum.com
أخر اخبار سوريا:
أربيل تعلن عن فرصة عمل لجمع الكلاب الضالة"جوناثان باس".. اسمٌ برز في الآونة الأخيرة كوسيطٍ محتمل بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
رجل الأعمال الأميركي الرئيس التنفيذي لشركة أرغنت argent للغاز الطبيعي ومقرها لويزيانا، يتجاوز حدود الاستثمار والطاقة ليلعب على ما يبدو دوراً سياسياً حساساً في واحدة من أكثر الملفات الإقليمية تعقيداً وتشابكاً، لا سيما مع تبنيه ملف رفع العقوبات المفروضة على دمشق.
اللقاء الذي جمعه بالرئيس السوري في دمشق لم يكن عادياً، فقد استمر أربع ساعات من النقاشات تمحورت حول مشاريع الطاقة وإعادة الإعمار، لكن ما طفا على السطح كان أكثر من مجرد صفقة تجارية، في الوقت الذي نقل فيه الشرع -عبر باس- رسالةً إلى البيت الأبيض يطلب فيها لقاءً خلال زيارة ترامب لدول الخليج، حسب المعلومات التي أوردتها صحيفة "وول ستريت جورنال" التي نقلت عن مسؤولين بالحكومة السورية قولهم إن الشرع يحاول لقاء الرئيس الأميركي لمشاركة رؤيته لإعادة الإعمار على غرار خطة مارشال، حيث ستفوز الشركات الأميركية وغيرها من الشركات الغربية في المنافسة من الصين وقوى أخرى.
باس، الذي يُعرف بقربه من دوائر الإدارة الأميركية ودعمه لسياسات ترامب، يكشف في حديث خاص مع CNBC عربية، انطباعات أولية عن اللقاء، توحي بانفتاح دمشق على التفاهم مع واشنطن، وكذلك كواليس زيارته وحديثه المطول مع الشرع والدور الذي يُمكنه القيام به، منبهاً إلى مجموعة الفرص والمشاريع المتاحة في سوريا الآن، حيث يعتقد بأن الانفتاح الأميركي على دمشق بأنه سيكون "أكبر صفقة تجارية لترامب يستطيع هو وفريقه التفاوض عليها".
يقف باس -الذي يسعى لرفع العقوبات الأميركية عن سوريا- على خط تماس دقيق، بين الطموحات الاقتصادية والتقلبات المختلفة، مُحاولاً اختبار فرص اختراق الجدار السميك من العقوبات والمواقف السياسية المعلنة، تمهيداً لما يراه فرصة تاريخية لتحويل سوريا إلى قصة نجاح أميركية جديدة، تُبعد النفوذ الشرقي وتفتح السوق السورية أمام رأس المال الغربي.
"بزيارة واحدة، نقلتُ رسائل إلى العالم أجمع.. وحملت سوريا إلى مركز نقاشات العالم".. يقول جوناثان باس لـ CNBC عربية إنه تمكن من نقل تجربته إلى العالم الذي لم تُتح له الفرصة بعد للقاء، قائلاً: "عندما وصلتُ إلى سوريا، لم يُسمح لوزير الخارجية (السوري) بزيارة واشنطن، ولم تكن اجتماعاته في نيويورك على ما يرام"، في إشارة إلى التحديات التي تُواجهها الحكومة السورية في التنسيق مع إدارة ترامب حتى في ظل اللقاءات الرسمية، وهي التحديات التي عمل من خلال زيارته على تذليلها.
ويردف قائلاً: "لقد أنجزنا في أيام ما لم يتمكن أحد من تحقيقه.. الطريق مُمهّدة والقطار قد انطلق.. لقد تمكنتُ من نقل تجاربي إلى العالم".
ورداً على سؤال حول إلى أي مدى وجد انفتاحاً من السلطات السورية على التوافق مع أولويات الولايات المتحدة أو الدخول في ترتيبات محتملة مع واشنطن، يقول: "سيجلسون ويبدأون".
وفي كواليس اللقاء، التي شاركها باس مع CNBC عربية، يشير إلى أنه: لعل أبرز ما عبّر عنه الرئيس السوري هو انفتاحه الدبلوماسي الجريء.. رغبته في الجلوس مباشرةً مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.. وقال الشرع (عن ترامب): "مهما كانت الصورة التي تُصوّره بها وسائل الإعلام، أراه رجل سلام.. لقد تعرضنا نحن الاثنين لهجوم من نفس العدو.. وترامب يُدرك أهمية النفوذ والقوة والنتائج".
"وسوريا بحاجة إلى وسيط نزيه يُمكنه إعادة ضبط الحوار. إذا كانت هناك إمكانية للتوافق الذي يُساعد على تحقيق الاستقرار في المنطقة – والأمن للولايات المتحدة وحلفائها – فأنا مستعد لإجراء هذا الحوار.. إنه الرجل الوحيد القادر على إصلاح هذه المنطقة، وجمع شملنا، خطوة بخطوة.، وفق باس، الذي رفض التعليق على سؤال بشأن ما نقلته التقارير الإعلامية حول وساطة محتملة ودوره في قيادة تلك الوساطة في المرحلة المقبلة.
لكنه يعتبر أن تصريح الشرع المرتبط بالعلاقة مع الرئيس ترامب "كان مذهلاً" بسبب ما ينطوي عليه من معنى ضمناً: "إن سوريا الجديدة لا تخشى القيام بخطوات غير تقليدية سعياً إلى تحقيق السلام والاعتراف".
ناقش باس والشرع سبل التعاون في إعادة تأهيل قطاع الطاقة السوري، بوساطة شركات غربية، مع طرح فكرة إنشاء شركة نفط وطنية قابلة للإدراج في الأسواق الأميركية.
ويقول رجل الأعمال الأميركي لـ CNBC عربية: "نسعى إلى مساعدة سوريا على بناء مسار اقتصادي مستقبلي بعد العقوبات بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية.. ولتوفير فرص من صناعة الطائرات، من بوينغ إلى مصنعي الملابس.. كما نسعى لنقل سلسلة التوريد من الصين إلى سوريا"، مردفاً: "استراتيجيتنا هي إبعاد الصين وإيران وروسيا عن مستقبل السوريين الذين عانوا ما يكفي من الدمار الذي لحق بحياتهم نتيجة دعم الصين وروسيا وإيران لنظام الأسد".
وأبدى الشرع مرونة لافتة في هذا اللقاء، معلناً استعداده للتعاون مع شركات أميركية كبرى، مثل "بوينغ" في قطاع الطيران، و"AT&T" في الاتصالات، ضمن سياق يهدف لإعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي.
وفي معرض حديثه مع CNBC عربية، يُبرز الرئيس التنفيذي لشركة "أرغنت" للغاز الطبيعي، موقف الإدارة الأميركية الحالية وما إن كانت ثمة إرادة سياسية حقيقية في واشنطن لتخفيف هذه القيود، قائلاً: "هذا الأمر مطروح دائماً.. إنه يتعلق بصفقة تجارية.. وآمل أن تنظر حكومتنا، عندما تتاح لها الفرصة، إلى الوضع والمستقبل كشراكة.. أن تجعل سوريا ألمانيا واليابان القادمة، لا أفغانستان والعراق القادمتين".
ويتابع قائلاً: "لدينا فرصة لبناء ثقة هائلة مع كلا الحكومتين.. سيكمن النجاح في التفاصيل التي تتفاوض عليها حكومة الولايات المتحدة وسوريا.. كما سيُحدد مستقبل سوريا نتائج المفاوضات المستقبلية.. ويجب أن تعلم جميع الأطراف أن هذه أكبر صفقة تجارية لترامب يستطيع هو وفريقه التفاوض عليها"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه "لا توجد دولة مطروحة اليوم على الطاولة تمتلك الموارد الطبيعية التي تمتلكها سوريا وفرص البناء التي تمتلكها".
ويقدر تلك الفرص بأنها "تتجاوز تريليون دولار من الأعمال التجارية لأميركا"، مردفاً: "علينا جميعاً أن نأخذ هذا الأمر على محمل الجد".
ومن كواليس لقائه بالرئيس السوري، الذي أقر بأن بلاده لا تبدأ من فراغ، بل من تراكمات "الصدمة وانعدام الثقة والإرهاق"، يقول باس إن الشرع أكد أن الحديث عن طي صفحة الماضي بشكل كامل أمر غير صادق. وأضاف: "الماضي حاضر في عيون كل شخص (..) لكن واجبنا الآن هو ألا نكرره".
بحسب باس فإن "الشرع يتصرف بقناعة راسخة.. ويتحدث بهدوء، لكن كل كلمة تأتي بتأنٍّ. لا يوجد في صوته أي نبرة انتصار، بل مجرد إلحاح". ونقل عنه قوله: "إذا كنتُ الوحيد الذي يتحدث، فإن سوريا لم تتعلم شيئاً (من تجربة الماضي).. نحن ندعو جميع الأصوات إلى طاولة الحوار، العلمانية والدينية والريفية والحضرية.. وعلى الدولة أن تستمع الآن أكثر مما تأمر".
خلال حديثه مع باس، علق الشرع أيضاً على معضلة "الثقة الشعبية" في نظام جديد أعقب ما وصفه بـ "الحكم الدكتاتوري"، قائلاً: "لا أطلب الثقة، بل أطلب الصبر والتدقيق.. حاسبوني.. حاسبوا هذه العملية. هكذا ستأتي الثقة".
وأضاف رجل الأعمال الأميركي في معرض استعراضه لكواليس لقائه مع الشرع والحديث الذي دار بينهما: "عندما سألتُ الرئيس (السوري) عما يحتاجه السوريون أكثر الآن، أجاب دون تردد: الكرامة من خلال العمل.. السلام من خلال تحديد الهدف." ويقول إن الشرع "يدفع باتجاه برامج اقتصادية طارئة تركز على خلق فرص العمل في الزراعة، والصناعة، والبناء، والخدمات العامة.. وقد قال لي: لم يعد الأمر يتعلق بالأيديولوجيا (..) الأمر يتعلق بإعطاء الناس سببًا للبقاء، سبباً للعيش، وسبباً للإيمان".
وشدد على أهمية الشراكات مع المستثمرين الإقليميين، وتقديم منح المشاريع الصغيرة للعائدين، والتدريب المهني للشباب الذين لم يعرفوا سوى الحرب.
وفي أحد أكثر أجزاء الحديث حساسية -كما يقول الرئيس التنفيذي لشركة "أرغنت" للغاز الطبيعي- تناول الرئيس الشرع مستقبل علاقة سوريا بإسرائيل، وقال: "أريد أن أكون واضحاً.. يجب أن ينتهي عصر القصف المتبادل الذي لا ينتهي.. لا تزدهر أي دولة عندما يملأ الخوف سماؤها.. الحقيقة هي أن لدينا أعداءً مشتركين، ويمكننا أن نلعب دوراً رئيسيًا في الأمن الإقليمي".
وعبر الرئيس السوري -طبقاً لما نقله رجل الأعمال الأميركي- عن رغبته في العودة إلى روح اتفاقية فك الاشتباك للعام 1974، ليس فقط كخط لوقف إطلاق النار، بل كأساس لضبط النفس المتبادل وحماية المدنيين، وخاصة الدروز في جنوب سوريا ومرتفعات الجولان.
وقال بحزم: "دروز سوريا ليسوا بيادق.. إنهم مواطنون – متجذرون، وموالون تاريخياً، ويستحقون كل حماية بموجب القانون.. وسلامتهم غير قابلة للتفاوض". وفي حين امتنع الشرع عن اقتراح التطبيع الفوري، أشار إلى انفتاحه على محادثات مستقبلية قائمة على القانون الدولي والسيادة، بحسب ما نقله باس.
ويضيف رجل الأعمال الأميركي ضمن الكواليس التي شاركها: قال لي (الشرع) قرب نهاية حديثنا: "لم أسعَ إلى هذا المنصب لأحكم.. قبلتُ به لأن سوريا يجب أن تطوي صفحة الماضي.. وأُفضّل المساهمة في كتابة هذا التاريخ – مع آخرين – على أن أراه يُمزّق مجدداً.. ليس أمامنا خيار سوى النجاح. يجب أن نجعل سوريا عظيمة من جديد".
* النص والعنوان لقناة سي إن بي سي عربية.