صحيفة لبنانية : لماذا لم يشكر الشرع وليد جنبلاط ؟ و ما هو الجزء الذي ينبغي ان يخاف منه ؟
klyoum.com
ألا يجب شكر وليد جنبلاط أيضاً؟
في كلمته التي القاها صباح 17 تموزيوليو، شكر الرئيس السوري الموقت أحمد الشرع، في معرض التعبير عن موقفه من الحوادث الدموية في السويداء، الوسطاء العرب والاتراك والولايات المتحدة الأميركية، ربطاً على الأرجح بردع إسرائيل التي اتهمها بمحاولة زعزعة استقرار سوريا.
وهذا جزء مفهوم كلياً انطلاقاً من ان مسارعة هذه الدول الى اجراء ما يلزم من اجل عدم تدهور الامور وانزلاق النظام السوري الجديد الى مخاطر كبيرة، تبعاً لتدخل اقليمي يمكن ان يؤدي الى تقسيم سوريا ان لم يكن تفكيكها. الا انه كان يجوز بل يجب في رأي كثر ان يشكر الشرع ايضا الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي لم يحل فقط في الواقع بالاتصالات والجهود التي بذلها على المستوى الدرزي في شكل خاص المتصل بالوضع السوري وامتداداته في لبنان وعليه، دون تفلت او سيطرة الرأي الدرزي المنفلت، بل ساهم بقوة في منع خروج الامور عن السيطرة.
فمن خلال تصديه من جهة لزعماء روحيين دروز في السويداء يعبرون علناً عن مخاوفهم القوية بشأن السلطات السورية، نتيجة قلقهم من أن النظام السياسي الجديد سيكون غير مضياف للأقليات الدينية وتالياً الاعتماد من جانبهم على اسرائيل، واعتماده على دعم الزعماء الروحيين الدروز في لبنان وفي مقدمهم شيخ العقل سامي ابي المنى، يعتبر كثر انه قاد ولا يزال بحكمة كبيرة وبعد نظر تحدياً مصيرياً للوجود الدرزي ليس في سوريا فحسب بل في لبنان كذلك، على رغم ان هذا التحدي الدرزي الذي برز في السويداء او من خلالها امام جنبلاط وما يمثله في الاتجاهات الدرزية كان سابقاً لهذه الحوادث الاخيرة.
وكان المؤشر الابرز على ذلك الزيارة الباكرة التي قام بها جنبلاط على رأس وفد درزي كبير للسلطات الجديدة في سوريا، دعماً لها ودافعا في اتجاه استيعابها الدروز وخصوصيتهم ومخاوفهم كذلك. وهو امر لم تنجح السلطات السورية في ملاقاته كلياً بعد في ظل مقاربات امنية وانتهاكات لم تعالج حين وقعت حوادث مماثلة وإن اقل خطورة في نيسان الماضي، عمّقت المخاوف ولا تزال لدى الاقليات السورية التي طمأن الشرع الى معالجتها وحماية الاقليات، انما من دون ترجمة فعلية حتى الامس القريب وبثغرات كبيرة، على غرار غياب رد الفعل التضامني والمتعاطف مثلاً مع الطائفة الارثوذكسية بعد تفجير الكنيسة في دمشق، فيما كان الامر يتطلب زيارة للشرع مثلاً للبطريرك الارثوذكسي على سبيل الادانة وتأكيد الحرص على جميع المكونات السورية.
فالجزء الذي ينبغي للشرع ان يخاف منه على قدرته على الامساك بسوريا لا يختصر باسرائيل فحسب، فيما اظهرت الولايات المتحدة قدرتها على لجمها في ظل اعتبارات مماثلة لوقف حرب اسرائيل على ايران مثلاً او لوقف الضربات الاميركية على الحوثيين، فتراجعت اسرائيل تحت وطأة ضغوط الولايات المتحدة في الدرجة الاولى عن مطلبها السابق امتناع قوات الحكومة السورية الانتقالية عن التدخل في محافظة السويداء، جنوب سوريا، خصوصاً بعدما كان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو صرح ان اسرائيل ستواصل فرض شروطها بسوريا منزوعة السلاح جنوب العاصمة السورية. بل بواقع ان سوريا بلد متعدد يحتاج الى خطاب اقوى بكثير واعمق مما قاله الشرع في خطابه الاخير، وتتطلب مقاربات مختلفة على خلفية الاعلان ان سوريا الجديدة فيما هي في مرحلة تأسيسية جديدة، ستكون حاضنة على قدم المساواة للجميع وليس على نحو صوري على غرار وزراء من طوائف مختلفة اخترعت لهم وزارات غير اساسية .
الجانب الاخر المهم في مقاربة وليد جنبلاط ملاقاته من الزعماء الروحيين والسياسيين لدى الطائفة السنية تحصيناً للبنان وطوائفه من امتدادات الحريق السوري، فيما سجل البعض ثغرات في مقاربة الدولة بعدم تلقف "الفرصة" المتاحة لاثبات قرارها حماية الجميع ومراعاة هواجسهم، فيما اشعلت التطورات الدرامية السورية إما المخاوف المبررة الى حد كبير إما ايضاً التوظيفات السياسية من البعض. وهي فرصة لا تزال متاحة علماً ان ثمة مأخذ على الدولة بعدم مواجهة بعض المواقف الاستفزازية والتحريضية التي خرجت الى العلن ومن على منبر اعلامي للدولة بمقاربة قانونية واجبة. وهو ما فسّره البعض بحكمة تفادي تحييد الانظار عن محاولة تحصين الداخل، فيما يخشى في الواقع من قراءة لهذا المؤشر ينعكس سلباً على الدولة ككل فيما ان كثيراً من مسؤوليها ابدوا انزعاجهم ومخاوفهم من منحى تحريضي يهدد بتعريض البلد لمخاطر كبيرة .
روزانا بومنصف – النهار اللبنانية