دير الزور ضمن الجغرافيا وخارج التاريخ
klyoum.com
أخر اخبار سوريا:
الشرع يستقبل وفدا من رجال أعمال ومستثمرين فرنسيينليست دير الزور التي أعرفها وتعرفها الأجيال التي غادرتها مكرهة تاركة خلفها زروعاً ومقاماً كريماً.
لم تستعد مدينتي وجهها الخالي من تعابير الوجع بعد، فأوجاعها مستمرة وكأنما يصر النسيان على أن يطويها ويطوي معها مرابع الطفولة والشباب.
مشاف ليست كالمشافي، خالية حتى من الأدوية الأساسية، ومن أكياس السيروم، بات على المريض تأمينها على حسابه الخاص وسط صمت رسمي وتجاهل للحد الأدنى من حق العلاج .
تتراكم النفايات في الشوارع منذ أكثر من شهرين ناشرة الروائح الكريهة والمخاطر الصحية، بينما تقف البلدية عاجزة، لا يدان لها، وتعتمد على أصحاب "التركسات" والجرارات الشخصية من المانحين، وهل ينفع أن تعيش بلدية برمتها على العطف والحنان؟ .
لا تسألنا عن "الحالات الفردية" حين تتجاوز فرديتها وتتحول إلى ظاهرة، تسقط قنبلة من أحد الأشخاص، وهو مدني، أمام مدرسة غسان عبود للبنات دون أن تحرك الجهات الأمنية ساكناً، ما يثير الرعب ويهدد سلامة الأطفال والأهالي، ونكاد نقتل في أحد الأعراس حين يشهر مدني آخر رشاشه الآلي ويطلق النار في اتجاهات السماء الأربع، لماذا؟ لأنه يريد أن يحتفل على طريقة الرعب التي جعلت الناس ترتمي أرضاً وتتمرغ بالتراب!
الهدوء فارق المدينة التي ربيت منذ قرون على الهدوء، فأصوات الموتورات تملأ الشوارع ليلاً ونهاراً دون رقيب أو حسيب، وسط غياب واضح لشرطة المرور، ما يجعل حتى المشي مربكاً مزعجاً.
لكن المشهد الأكثر استفزازاً للمشاعر هو توقيت الإفراج عن متهمين بجرائم حرب والعفو عن قادة الدفاع الوطني السابق وبعض المنتسبين للمليشيات الإيرانية في اليوم نفسه الذي أحيا فيه الأهالي ذكرى مجزرة الجورة والقصور ما اعتبره كثيرون استهزاء بدماء الضحايا.
دير الزور اليوم لا تحتاج شعارات بل حلولا حقيقية وكرامة مفقودة تنتظر من يعيدها، دير الزور باختصار ضمن الجغرافيا ولكنها خارج التاريخ المعاصر.
فادي هلاط