جفاف الحسكة يهدد الأمن الغذائي: موسم زراعي منعدم وآلاف الأسر على حافة الانهيار
klyoum.com
أخر اخبار سوريا:
بورصة دمشق تغلق على ارتفاع جماعي وسط نشاط في البنوك والصناعةتواجه محافظة الحسكة أسوأ الأزمات الزراعية في تاريخها الحديث، في ظل جفاف قاسٍ ضرب معظم الأراضي الزراعية وتسبب في انعدام شبه تام للموسم الزراعي الحالي. ويحمّل مزارعو المنطقة غياب الدعم الحكومي وندرة الأمطار المسؤولية المباشرة عن الخسائر التي وصفوها بـ"الكارثية"، وسط تحذيرات من أزمة معيشية خانقة قد تفضي إلى مجاعة محلية.
موسم بلا حصاد…….
شهدت محافظة الحسكة خلال الموسم الزراعي الحالي أزمة حادة في الإنتاج الزراعي، نتيجة قلة الهطولات المطرية وانحباس الأمطار لفترات طويلة، ما أدى إلى خروج المحاصيل البعلية من دائرة الإنتاج في معظم المناطق. في المقابل، بقيت المحاصيل المروية ضمن حدود الإنتاج المقبول نسبياً، ما خفف جزئياً من وقع الخسارة.
و المساحة المخططة لزراعة القمح المروي بلغت 91,330 هكتاراً، فيما بلغت المساحة المنفذة فعلياً 95,600 هكتار. وقدر إنتاج الدونم بـ150 كيلوغرام، بإجمالي إنتاج متوقع يصل إلى 144,000 طن.
أما القمح البعل، فبلغت المساحة المخططة له 431,692 هكتاراً، ونُفذ منها 367,900 هكتار، لكن دون تسجيل أي إنتاج فعلي، بسبب الجفاف.
وفيما يتعلق بمحصول الشعير، وصلت المساحة المروية المنفذة إلى 20,600 هكتار من أصل 21,930 هكتاراً مخططاً، بإنتاج مقدر بنحو 130 كيلوغراماً للدونم، أي حوالي 27,000 طن. أما الشعير البعل، فتمت زراعة 333,700 هكتار، لكن دون أي إنتاج يُذكر.
ومع بداية موسم الحصاد، بدت ملامح الكارثة واضحة في مختلف أنحاء ريف الحسكة؛ أراضٍ واسعة زرعت بالكامل، لكنها لم تُنتج شيئًا يُذكر.
يقول المزارع أبومحمد "زرعت نحو 50 ألف دونم من الأراضي البعلية هذا الموسم، لكن الإنتاج كان شبه معدوم. خسرت كل ما أملك من أموال مقتنيات حيث أن الأمطار لم تسقط في الوقت المناسب، ولم تقدم الجهات المعنية أي دعم لتعويض الخسائر".
ويضيف بصوت مثقل بالإحباط: "لم أعد أملك ما يكفي من المال لشراء البذار أو الوقود للموسم المقبل. سأضطر لترك الأرض بورًا إن استمر الوضع هكذا".
الري لا ينقذ الموقف….
حتى الأراضي التي تعتمد على الري لم تسلم من آثار الأزمة. حيث انخفض منسوب المياه الجوفية إلى أعماق غير مسبوقة، ما جعل عملية الري أكثر صعوبة وتكلفة.
يقول أبو خالد، وهو مزارع يمتلك بئرًا خاصًا سقيت أرضي سبع مرات عبر الرش، ومع ذلك جاء المحصول ضعيفًا، ونمو النبات كان أقل من المعدل الطبيعي. انخفض منسوب المياه إلى 60 مترًا، وهذا عمق كبير يزيد من أعباء الضخ والتكلفة".
تحذيرات من مجاعة وشيكة
أمام هذا الواقع، يحذر المزارعون من تداعيات كارثية قد تشمل تفاقم الفقر ونزوح الأهالي، بل ويذهب بعضهم إلى توقع مجاعة محلية إذا استمر الإهمال الرسمي للأزمة.
"لم يعد بإمكاننا الاستمرار. الزراعة هي مصدر رزقنا الوحيد، وإن تخلينا عنها فالمصير مجهول. لا توجد بدائل، ولا حلول مطروحة على الأرض"، يقول أحد المزارعين في منطقة تل حميس.
لم نعد نملك اي شي بسبب عدم حصاد اي مساحة من القمح أو الشعير لأنه لم نحصد شيء
أزمة تهدد الاستقرار المحلي….
تمثل الزراعة في الحسكة العمود الفقري لاقتصاد المنطقة، وهي المصدر الرئيس لمعيشة آلاف العائلات. لكن استمرار الأزمة دون تدخل حكومي يهدد بانهيار هذا القطاع الحيوي، ويدفع المنطقة نحو أزمة اقتصادية واجتماعية متصاعدة.
دعوات لإنقاذ ما تبقى..
يطالب المزارعون والمنظمات المحلية بوضع خطة طارئة وشاملة لإنقاذ القطاع الزراعي في المحافظة، تشمل:
تقديم تعويضات مالية عاجلة للمتضررين
دعم أسعار المدخلات الزراعية من بذار ووقود وسماد
إيجاد حلول دائمة لمشكلة نقص المياه
إطلاق برامج توعية لتكييف المزارعين مع تغير المناخ
لنا كلمة..
في وقت تتزايد فيه التحديات المناخية والاقتصادية، تمثل أزمة الحسكة جرس إنذار لواقع الزراعة في سوريا. إنقاذ ما تبقى من المواسم الزراعية حيث لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية تمس الأمن الغذائي والمعيشي للبلاد بأكملها.
حجي المسواط