اخبار سوريا

ار تي عربي

سياسة

سائليني يا شآم.. مثقفون سوريون يحذرون من الخراب الثقافي بعد إلغاء الحفلات الفنية في معرض دمشق الدولي

سائليني يا شآم.. مثقفون سوريون يحذرون من الخراب الثقافي بعد إلغاء الحفلات الفنية في معرض دمشق الدولي

klyoum.com

ثمة حالة من الضبابية تسود المشهد الاجتماعي عموما والثقافي على وجه الخصوص، مع تنامي الحالات الفردية التي يذهب ضحيتها بعض الشخصيات الثقافية والفنية في سوريا.

*القلق المعرش

يُعرش القلق في النفوس مع اقتراب موعد افتتاح معرض دمشق الدولي بنسخته ال( 62).. المعرض الذي كان مركز اشعاع اقتصادي وفني وقبلة للزوار في العالم.. حيث احتضنت خشبة مسرحه كبار الفنانين السوريين والعرب والعالميين الذين تسابقوا لاحياء حفلاتهم عليه.

فماذا حدث الان؟! المتابع للمشهد الثقافي والفني مازال حتى اللحظة ينتظر الإعلان عن البرامج والأمسيات الفنية والغنائية التي لازمت المعرض منذ انطلاقته الاولى بعد ان تنامى إلى سمع الكثيرين عن عدم وجود اي نشاط فني أو ثقافي هذا العام.. وما عزز صحة هذا الموضوع هو كلام المخرج زهير قنوع مسؤول العلاقات العامة في نقابة الفنانين عندما أراد إقامة حفل فني وموسيقي ليكون حاضراً في معرض دمشق الدولي ومشاركاً في فعالياته.. غير أن المفاجأة ان الرد كان: انه لا توجد حفلات فنية او موسيقية!! وسيقتصر المعرض على حفلي الافتتاح والختام وبعض عروض لمسرح الطفل فماذا يجري؟!

*لا للحفلات الموسيقية

يصف المخرج زهير قنوع لـ (RT) ماحدث معه قائلاً: ما إن تمّ الاعلان عن إطلاق دورة معرض دمشق الدولي الـ( 62) حيث قمت بإعداد نفسي لتقديم حفل فني موسيقي، وأردت التقدم عبر وزارة الثقافة ليكون الحفل ضمن أيام المعرض الفنية.. لكن الإجابة الصادمة أتت بعدم وجود فعاليات فنية وموسيقية. ويكمل غاضباً: الفن ليس ترفيها واحتفالات.. نحن لا نعبر عن حزننا وأسفنا بتجميد الفن بل باستخدامه.. فهو عين الثقافة، والقيمة هو حاجته الملحّة.. وليس الرفاهية وحسب.. فهو من أقوى أسلحة الدول، وهو قلب الحقيقة ووجهها الساطع مرآة الشعوب ونبض البلاد وروحها.. ويضيف قنوع: كنت قد رفعت "هاشتاغا" وجهته لوزارة الثقافة بأن الفن مهنة عشرات الآلاف، وقرار إيقاف الأنشطة الفنية حتى إشعار آخر؛ هو قرار لا يعكس الحزن بقدر ما يعكس العجر عن الصمود.! ذلك أنه بالفن نواجه الفتنة والتطرف ونواجه الطائفية والانقسام وهو دعوة للفرح والبهجة.. ورغم كل شيء فالفن مسؤولية.. وهو دعوة للحب والحياة ودفن الأحزان، وبه نسمو ونرتقي، وبالسينما نروي الحق بالموسيقى نغطي الكره وتصبح المهرجانات ناطقة بالغناء نصرخ دون خوف وعبر الصوت نناشد الضمائر ونستفز العقول بالمسرح نواجه ونعمر ما تم تدميره.

*إلغاء نبض الحياة

وتحدث المخرج المسرحي مأمون الخطيب بأسى: بأن إلغاء الغناء والموسيقى والمسرح؛ يعني إلغاء نبض الحياة. وبرأيه الفن ليس رفاهية، بل هو الهواء النظيف الذي نتنفسه وسط كل هذا الالم. وحين يصمت المسرح والفنون الأخرى؛ تصبح المدن أكثر عتمة.

ويضيف: الأمر ليس فقط انعدام وجود حفلة أو عرض سينمائي أو مسرحي؛ بل هو إعلان عن موت رمزي للحياة الثقافية. كأننا نقول: لا نريد أن نفرح، لا نريد أن نفكّر، لا نريد أن نحلم.

الفن هو مقاومة الصمت، ومنع العروض يعني انتصار الصمت على كل شيء.

إذا توقفت الموسيقى توقّف القلب،

وإذا توقّف المسرح توقّف العقل،

وإذا توقّفت السينما توقّفت الذاكرة.

الفن هو الذي يبقينا بشراً فما الذي يريدونه أن نصبح حين يصمت الفن ويقع في غيبوبة او موت سريري كما هو حاصل الآن؟ ويضيف الخطيب: رأيي أن كل ما يحدث هو مؤسف وأتمنى أن يشعروا بقيمة الفن وبأنه أمن قومي كما يقولون، أو كما هي الحكمة بأن الثقافة هي خط الدفاع الأول عن الأوطان وعن المدنيه.

وشدد الخطيب بأن أي فنان حقيقي سيرى هذا الوضع كارثة حضارية، ليس لأنه فقط يحرم الفنان من عمله، بل لأنه يحرم المجتمع من مساحته الإنسانية.

*إغلاق بوابة الشرق

من جهته علق المغني الأوبرالي الموسيقي فادي عطية بأن دمشق بوابة الشرق الثقافية ويجب أن تحافظ على دورها الثقافي التاريخي كما يجب إلقاء نظرة على الدور الذي لعبته دمشق في إطلاق الثقافه مع بداية القرن الماضي حيث نجد أنها كانت من أهم المنابر الثقافية لإطلاق الفنانين والأعمال الفنية في المنطقة والعالم.. فعلى سبيل المثال أطلق أسطورة السينما شارلي شابلن أحد أهم أفلامه (أضواء المدينة) من دمشق سنة 1932 في سينما "زهرة دمشق" وبعدها حافظ كبار الفنانين على تواجدهم في أهم منبر سوري سنوي لإطلاق الفنانين والأعمال الفنية وهو مسرح معرض دمشق الدولي الذي اطلقت منه السيدة فيروز أجمل قصائد دمشق الحاضرة في الوجدان.. نذكر منها (سائليني يا شآم) سنة 1960، (قرأت مجدك) سنة 1962، (شام يا ذا السيف) سنة 1963 و( ياشام عاد الصيف) سنة 1976.. وهذه الأمثلة غيض من فيض.. كما كان معرض دمشق الدولي فرصة لزيارة كبار الفنانين وتقديم جديدهم..

فقد شارك فيه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب سنة 1957 بحضور الرئيس فخري البارودي كما زارته سيدة الغناء العربي أم كلثوم في العام ذاته وقدمت (يا ظالمني) والفنان الكبير عبد الحليم حافظ في العام1976 .. ولم يقتصر معرض دمشق الدولي على حضور الفنانين العرب بل كان منبرا للمشاركات العالمية مثل المغني العالمي ديمس روسس سنة 1946 وكان من ضيوف هذا المعرض أهم فرقة اوركسترا سيمفونية في العالم وهي (اوركسترا فيينا انتر ناشيونال) سنة 1956.. وعليه لدمشق دور ثقافي تاريخي يعزز هويتها وحضورها الثقافي كأقدم عاصمة في التاريخ وليس فقط للجغرافيا، وإنما للثقافة والدور التاريخي..

*غياب الفنون السبعة

بدوره أشار الكاتب الصحفي علي العقباني بأن الأمم تقاس بمدى تقدم الفنون السبعة فيها وحضورها في الحياة، فما الذي يمكن أن تعنيه مدينة لا مسارح فيها ولا قاعات سينما ولا عروض مسرحية وموسيقية وغنائية فما بالنا بالأدب والشعر، أية مدن تلك ستكون؟!.. أنها أمكنة بلا روح ولا حياة، وشيئاً فشيئاً نخسر أخر حصون أرواحنا أمام هجمات المنع والتحريم والعزل، نخسر ذاكرتنا وأحلامنا.

ويستذكر قائلا: في دمشق يعبر المرء شوارع المدينة بين المسارح والمقاهي ودور السينما ناظراً بحسرة إلى إغلاق معظمها وبألم يعبر إلى مساحة جرداء تتوسط المدينة كانت ذات يوم مسرحاً للحياة، فغدت أرضاً قفراً، هنا كان معرض دمشق الدولي المتنفس الهام لسكان المدينة في السيران الليلي عبر قاعات المدن التي كانت تسمع بها، وها هي ترى منتجاتها وأهلها، وإلى الغرب قليلاً مسرح المعرض حيث وقف على خشباته أهم الفنانين، وغنوا على مسرحه طقوس وتقاليد فنية وسمت حال وأهل المدينة قبل أن ينتقل المعرض إلى مدينة المعارض الجديدة خارج المدينة.. وهناك أيضاً تعامل الناس مع الحدث الحديث حيث المعروضات الكثيرة وفرص الشراء والفرق الموسيقية والمطربين والألعاب النارية والحشود البشرية التي تأتي من كل مكان.. ماذا ستفعل هنا الآن سنذهب لنرى بعض منتجات من هذه الدولة أو تلك، ما نحن فاعلون في تاريخنا وتراثنا.

ونوه العقباني بأن السوريين انتظروا كثيراً حتى رأوا دار الأوبرا تفتتح وتعلن نشاطاتها، فكانت متنفساً للموسيقا والغناء والفرق السيمفونية العالمية والفرق الشرقية ووقف على مسارح الدار مطربون كبار وفرق من مختلف أنحاء العالم...واليوم نحن مهددون بحياتنا التي أحببنا وعشنا، في السينما والمسرح والغناء والموسيقى والتي هي عنوان وجودنا وروح أمكنتنا وحياتها.

ويضيف العقباني تضيق الأمكنة علينا أمام تيارات فكرية أصولية تحاول قتل الحياة والمدينة بأفكار تحرم الموسيقا والغناء والفنون عموماً.. هذه ليست الحرية ولا هي الحياة التي حلم بها السوريون وضحوا من أجلها.

وختم العقباني قوله: اليوم نحن أمام امتحان الحياة والفن والوجود..كذلك المثقفون والفنانون والموسيقيون، أمام امتحان الوجود والحضارة والثقافة والإنسان.. اتركوا لنا فسحة للحياة كي نعيش وخذوا ما شأتم من حياتكم ومآدب الدم إلى دياركم.

المصدر: RT

*المصدر: ار تي عربي | arabic.rt.com
اخبار سوريا على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com