اخبار سوريا

ار تي عربي

سياسة

ماذا بعد تعثر جولة التفاوض الأخيرة بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية؟

ماذا بعد تعثر جولة التفاوض الأخيرة بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية؟

klyoum.com

ما كادت الأخبار تتوارد من دمشق عن فشل الجولة الثانية من المفاوضات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية " قسد" بشأن تطبيق اتفاقية العاشر من آذار الماضي حتى عاد الفريقان مجددا للاحتكام إلى السلاح حيث اندلعت بينهما الاشتباكات على محور قريتي الإمام ورسم الكروم بريف دير حافر شرق حلب إثر محاولة تسلل قامت بها مجموعات تابعة لقسد باتجاه نقاط الجيش في المنطقة وفقاً للرواية الرسمية السورية.

فشل أعاد تسليط الأضواء على الآلية التي تمت من خلالها صياغة الإتفاق الذي ظهر حينها على عجل عقب مجازر الساحل السوري والذي بدا واضحا أنه كان يريد التسويق لتسوية قبل الشروع في مناقشة بنودها الجدلية لغاية تتصل باحتواء تداعيات أحداث الساحل في ذلك الوقت على ما يرى المراقبون.

وفي الوقت الذي تبدو فيه دمشق منتشية بتصريحات المبعوث الأمريكي توماس براك الذي بدا كمن يحمل قسد مسؤولية تعثر المفاوضات وينكر وجود أي التزام أمريكي بتحويل شمال شرق سوريا إلى فيدرالية فقد سعى مراقبون إلى تذكير الحكومة السورية بمواقف واشنطن المتناقضة تجاه الأحداث والتي تبيع وتشتري فيها على بازار السياسية النفعية التي شكل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أظهر تجلياتها.

فهل تبدو واشنطن جادة حقا في دعم دمشق على حساب قسد أم أن لهذه الأخيرة دوراً مرسوماً ضمن خارطة السياسة الأمريكية في الإقليم لا يمكن لواشنطن أن تعطل مفاعيله في لحظة تقاطع مصالح آنية مع حكومة دمشق خاصة وأن الإسناد الأمريكي المعنوي لدمشق قابله إسناد مالي قبل أيام لقسد بغرض تمكينها من ممارسة دورها الناجع في مكافحة داعش. ضمن تحالف دولي عريض كانت هي قوته الضاربة على الأرض.

فعلى أي حال ستسير الأمور وسط انسداد الأفق بين فريقين لا تزال شقة الثقة بينهما بعيدة رغم مساعي واشنطن للعب دور الحكم فيما بينهما ؟

قسد مشروع انفصالي

يرى المحلل السياسي فهد العمري أن قسد فشلت في الإبقاء بالتزاماتها التي كانت قد وقعت عليها في اتفاقية العاشر من آذار الماضي والتي نصت في حينه على حل هيكلها العسكري القائم على وجود غالبية كردية والإنضواء ضمن صفوف الجيش السوري الجديد ووضع إدارة مدن شمال شرق سوريا تحت تصرف الحكومة السورية .

وفي حديثه ل "RT" شدد العمري على أن الحكومة السورية الحالية قد أقرت وبشكل نهائي وقاطع منح الكرد السوريين حقوقهم الثقافية على النحو الذي كانوا يطالبون به تاريخياً لكن هؤلاء بقيوا مصرين على تأويل مختلف للإتفاقية بحيث يكون اندماجهم في الجيش ضمن كتلة مستقلة قائمة بحد ذاتها الأمر الذي ينذر بتدهور الأمور إلى حرب مفتوحة لن تكون في صالحهم في نهاية المطاف على إعتبار أن الغالبية الساحقة من الشعب السوري تنظر إليهم كانفصاليين يهمون بتقويض مشروع الدولة الواعدة على حد وصف العمري.

وأضاف بأن الحكومة السورية قد رسمت خلال الجولة الثانية من المباحثات خطوطها الحمراء التي ترفض بشكل قطعي أية محاولة لتقسيم البلاد الأمر الذي شكل وفق العمري ضربة قاصمة لمشروع قسد الذي يطالب بالفيدرالية للمناطق التي تسيطر عليها في شمال شرقي البلاد مشيراً إلى أن المبعوث الأمريكي توماس براك والذي حضر النقاشات وجد نفسه في موقع دفعه إلى فض الخلاف الذي كاد يتطور إلى أكثر من ذلك حين طالب الطرفين بالتزام الرصانة في النقاش وتحكيم الهدوء.

ولفت المحلل السياسي إلى أن قسد لمست جانب الغضب عند وفد حكومة دمشق حين طالبتها بتعديل الإعلان الدستوري بالتزامن مع رفضها تسليم المناطق التي تسيطر عليها في شمال شرق البلاد والتي تضم ثروة سوريا النفطية والغازية و سلة غذائها التي يعد القمح المورد الأهم فيها فضلاً عن رفضها تسليم المعابر الحدودية الى الحكومة السورية.

وأشار العمري إلى ارتياح دمشق لموقف المبعوث الأمريكي توماس براك الذي حمل قسد علانية مسؤولية تعثر المفاوضات وطالبها بسلوك طريق دمشق كسبيل وحيد لحل المشاكل بينهما مؤكداً أن هذا الموقف سيصرف دعماً للحكومة السورية في سبيل توحيد البلاد وقطع الطريق على المشاريع الانفصالية الأخرى داخل البلاد والتي تترقب ما ستؤول إليه المفاوضات مع قسد من أجل أن تبني على الشيئ مقتضاه فيما يخص حظوظها في الابتعاد أكثر عن الحكومة المركزية في دمشق .

وختم العمري حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن دمشق تفضل حلا سلمياً للخلاف مع قسد ولا تضمر أية نوايا غير بناءة في سبيل الوصول إلى هذا الحل لأنها ليست في وارد اشغال نفسها بحروب بينية داخل الوطن الواحد قد تأتي على أحلام توحيده خاصة وأنها تحظى اليوم باعتراف دولي واسع وجب على قسد أن تلحظه قبل الإستمرار في موقفها المستعصي.

فالعالم وفق العمري قد تغير من حول قسد وما عليها إلا أن تقرأ هذه التحولات الجيوسياسية بالكثير من العمق والنباهة قبل أن تجد نفسها معزولة حتى عن محيطها القريب.

من جانبه يرى المحامي والمحلل السياسي السوري الكردي أحمد طاووز أن حكومة دمشق تحاول أن تخطب ود المجتمع الدولي قبل أن تفكر للحظة واحدة في الإقتراب من شعبها السوري بكل أطيافه وتتحسس هواجسه.

وفي حديثه لموقعنا أشار طاووز إلى أن من حق قسد أن تناقش آلية غير تقليدية في مسألة دمج قواتها ضمن الجيش السوري خلافاً لما تريده دمشق ومن ورائها أنقرة التي تحاول ايجاد حالة ربط ما بين جنوح حزب العمال الكردستاني في تركيا نحو السلام مع الحكومة التركية وما بين دمج قوات قسد باغلبيتها الكردية في صفوف الجيش السوري .

وشدد المحلل السياسي الكردي على عدم وجود أي رابط بين القضيتين وإن كانت تركيا تحاول الاستثمار في الخطوة الأولى لهدف ضرب الوجود الكردي في سوريا وهذا وفق رأيه ما يجعل تناول قضية الاندماج في الجيش السوري مثار الخلاف الأكبر مع دمشق حيث يوجد إتفاق في المبدأ واعتراض على آلية التنفيذ وشكله.

ولفت طاووز إلى أن قسد لن تتنازل عن فكرة اعتراف دمشق بالإدارة الذاتية ومؤسساتها وانتزاع حق سكان شمال شرق سوريا في لعب الدور الذي يليق بهم في إدارة مناطقهم بعد سنوات النضال المرير التي دفعوا فيها الأثمان الباهظة دون إسقاط فكرة تسليم الجميع بمن فيهم الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا بوحدة الأراضي السورية.

وأشار المحلل السياسي إلى أن حكومة دمشق وعقب مجازر الساحل السوري مباشرة طلبت من قيادة قسد التعجيل في التوقيع على اتفاق العاشر من آذار في محاولة منها للتخفيف من تداعيات ارتكابات عناصرها بحق العلويين الأبرياء سيما وأن الأصوات الدولية المنددة راحت تعلو على نحو لم تتوقعه الحكومة في حينه .

وأوضح طاووز أن تجاوب الإدارة الذاتية مع طلب دمشق التوقيع على الاتفاق المبدئي في العاشر من آذار الماضي جاء انطلاقاً من الحرص على وحدة السوريين رغم استنكارها الشديد لما حصل في الساحل حينها مشيراً إلى أن حكومة دمشق عادت للمماطلة مجدداً وفرض شروطها من أجل إخراج الإتفاق من محتواه الحقيقي مستندة إلى ما تعتقد أنه دعم دولي وجب على السوريين سؤالها عن " مقابله السيادي" من الأراضي السورية الذي تم التفريط به لحساب تمكين الحكومة الحالية من السلطة.

وفي موقف كشف عن حجم التماهي القائم بين واشنطن والحكومة السورية الحالية حمل المبعوث الأمريكي توماس براك الذي حضر جولة التفاوض الحالية بين الجانبين قسد مسؤولية عدم تطبيق اتفاقية العاشر من آذار التي وقعها رئيس المرحلة الإنتقالية أحمد الشرع وقائد هذه القوات مظلوم عبدي واتهم المسؤول الأمريكي قسد ب " البطء " في الاستجابة والتفاوض والمضي قدماً في هذا المسار قاطعاً بعدم جواز الفيدرالية في سوريا .

وحاول براك تسهيل المهمة على قسد بزعمه أن الطريق الوحيد أمامها هو الذي يؤدي إلى دمشق .

قبل أن يعود في تصريحات لاحقة ليؤكد أن إعتبار قسد كشريك لواشنطن لا يعني قبول هذه الأخيرة بوجود حكومة داخل الحكومة.

المحلل السياسي علي عبدالله أكد في حديثه لـ "RT" أن تصريحات المبعوث الأمريكي تشي بممارسة الضغط على قسد ومحاباة الحكومة السورية في الوقت الذي تقوم فيه واشنطن بالاستمرار في إرسال الدعم إلى قوات سوريا الديمقراطية وربطه زمنيا ولسنوات طويلة لاحقة تحت مسمى التحالف الدولي لمحاربة داعش.

وأشار عبدالله إلى أن واشنطن تقول الشيء ونقيضه وتمارس الفعل وما يخالفه بناء على مصالحها الآنية وهي إذ تحتفي اليوم بالحكومة الجديدة في دمشق فلأنها تنتظر منها خطوات في مسار التطبيع مع إسرائيل وما يتطلبه ذلك من تنازلات على الجانب السوري من الحدود في الوقت الذي تمارس فيه الضغط الكلامي على قسد دون الركون إلى تغيير سياستها على الأرض تجاه إدارة الحكم الذاتي.

واستبعد عبدالله قيام نزاع مسلح بين قسد ودمشق إذا ما قدر لهذه المفاوضات أن تنهار بشكل نهائي مشيراً إلى أن هذا الأمر لن يحصل قبل استنزاف الحلول الدبلوماسية وبضوء أخضر أمريكي لا يبدو أن واشنطن بوارد منحه للحكومة السورية التي تريد كذلك أن تنأى بنفسها عن خوض صراعات جديدة تؤخر تعزيز مكانتها على الساحتين المحلية والدولية.

المصدر: RT

*المصدر: ار تي عربي | arabic.rt.com
اخبار سوريا على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com