جلسة المحاكمات التاريخية الأولى بأحداث الساحل.. اختبار حقيقي لمسار العدالة الانتقالية
klyoum.com
انطلقت اليوم الثلاثاء أولى الجلسات العلنية لمحاكمة 14 متهماً بارتكاب انتهاكات خلال "أحداث الساحل" الدامية التي شهدتها البلاد في آذار/مارس الماضي، في جلسة وصفت بـ"التاريخية" وحضرها أهالي الضحايا بقصر العدل في حلب.
وقد عقدت الجلسة تحت إشراف القضاء السوري، وشملت محاكمة دفعتين؛ الأولى تضم 7 متهمين بتهم "إثارة الفتنة الطائفية، السرقة، والاعتداء على قوى الأمن والجيش"، والدفعة الثانية تضم 7 متهمين من "العناصر المنفلتة" بتهم "السرقة والقتل".
وانتهت الجلسة بعد ظهر اليوم بإرجاء القاضي القضية إلى 25 كانون الأول/ديسمبر المقبل لمتابعة الإجراءات القانونية.
لحظة فارقة
عبر رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث الساحل، القاضي جمعة العنزي، عن أهمية هذه المحاكمات في منشور على منصة "إكس"، واصفاً إياها بأنها "لحظات فارقة في تاريخ البلاد تعكس صورة سوريا التي ترسي أسس العدالة والشفافية، وتشكل رادعاً للمجرمين مع ضمان حقوق المتهمين والمحاكمات العادلة".
وكشف تقرير اللجنة الوطني الصادر في 22 تموز/يوليو الماضي عن مقتل 238 من عناصر الأمن والجيش في الهجمات، بالإضافة إلى 1426 مدنيًّا تم التحقق من هوياتهم، بينهم 90 امرأة، أما المتهمون فهم 265 شخصًا محتملاً من فلول النظام البائد، وتوزعت الجرائم المسجلة بين إثارة النعرات الطائفية، السلب المسلح، التعذيب، القتل، والتمثيل بالجثث.
آليات التحقيق
اعتمدت اللجنة في تقصي الحقائق على مقابلات مع عائلات الضحايا وأهالي المنطقة، وفحص الأدلة الرقبية والمستندات الرسمية، ومحاضر استجواب الموقوفين، ومعاينة مقابر وأماكن الدفن، والتنسيق مع الجهات الرسمية ومنظمات الإغاثة.
وتمثل هذه المحاكمات تتويجاً لجهود اللجنة الوطنية التي تشكلت بقرار رئاسي في 9 آذار/مارس، ومُدد عملها لثلاثة أشهر إضافية في 10 نيسان/أبريل، وقد توصلت إلى تحديد 298 مشتبهاً بأسمائهم الصريحة.
ويرى العديد من السوريين أن هذه المحاكمات تمثل اختباراً حقيقياً لمسار العدالة الانتقالية في سوريا، حيث تأتي في إطار الجهود الرامية إلى إعادة بناء الثقة في المؤسسات القضائية، وتحقيق العدالة للضحايا وأسرهم، وإرساء سابقة قانونية في معالجة ملفات الانتهاكات.
ويترقب الرأي العام السوري والدولي استمرار هذه المحاكمات كمؤشر على توجه جديد في التعامل مع الملفات الحقوقية المعقدة في مرحلة إعادة الإعمار.