اخبار سوريا

تلفزيون سوريا

سياسة

النظام السوري يستقوي بروسيا.. إدلب تُقصف بصواريخ ممهورة برسائل سياسية وعسكرية

النظام السوري يستقوي بروسيا.. إدلب تُقصف بصواريخ ممهورة برسائل سياسية وعسكرية

klyoum.com

يعود التصعيد العسكري في محافظة إدلب مجدداً إلى واجهة الأحداث في شمال غربي سوريا، لكن هذه المرة بلمسة روسية تُعيد رسم خرائط القوة وتذكّر بأن موسكو "حاضرة" مع كل فصل من فصول الصراع بين الأطراف المحلية، حتى وإن انشغلت بميدان آخر مسرحه أوكرانيا. فما إن تتردد الأنباء حول معركة مفترضة لفصائل المعارضة ضد مواقع النظام السوري، حتى عادت الطائرات الروسية لهوايتها بقصف إدلب بصواريخها الفراغية الممهورة برسائل سياسية وعسكرية تقرؤها الأطراف بطرق مختلفة.

تتساقط الصواريخ على إدلب وتلال الكبينة في ريف اللاذقية، بالتزامن مع وجود وفد أممي في المنطقة، حيث جال الوفد بين مخيمات للنازحين على مقربة من مكان تساقط الصواريخ. السؤال الذي يتردد في الأذهان الآن: ما سر العودة المفاجئة إلى لغة التصعيد؟

تتوالى التحليلات، وتتعاقب الروايات، في حين يبقى الحديث عن معركة الشمال مجرد تكهنات لدى إعلام النظام الذي يستبعدها علناً بأسلوب يعتمد على استعراض القوة والتشكيك في قدرات المعارضة. ولكن حين تتحدث الآلة الإعلامية الموالية للنظام، يكون النفَس الروسي حاضراً، حيث أشارت صحيفة "الوطن" في تقرير يوم أمس إلى أن أي خطوة تجاه النظام ستستدعي رداً روسياً صارماً قد يُغير موازين المنطقة ويقوض التفاهمات الدولية، وتحديداً التركية الروسية.

أما على الجانب الآخر، ففصائل المعارضة تقرأ هذا التصعيد كدليل على استمرار النظام وحلفائه في سعيهم لإبقاء خطوط التماس على وضعها الحالي، لكن في الوقت نفسه، تعلن استعدادها لأي تطور قد يطرأ، ويبقى الميدان هو الفيصل بين النفي والتأكيد، بين التهديد والجاهزية.

وبين هذا وذاك، تبقى "المعركة المفترضة" معركةً مؤجلة في زوايا السياسة، تنتظر لحظة انفجار جديدة قد لا يكون طرفاها جاهزين لها، لكن حتمية الصراع تظل قائمة في ظل التعقيدات الدولية والإقليمية التي تغرق المشهد السوري في بحرٍ من الغموض والتكهنات.

عودة التصعيد إلى إدلب

شنَّت الطائرات الحربية الروسية، اليوم الإثنين، غارات جوية على مناطق متفرقة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وتلال الكبينة في ريف اللاذقية الشمالي، مستخدمة الصواريخ الفراغية.

وأفاد مراسل تلفزيون سوريا بأن الطائرات الحربية الروسية شنت، بالتزامن مع قصف الكبينة، عدة غارات جوية على مناطق تقع غرب مركز مدينة إدلب، كما استهدفت الغارات "حرش" بلدة بسنقول بريف إدلب الجنوبي.

وبلغ عدد الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية خلال نحو ساعة قرابة 21 غارة، توزعت على غرب إدلب، وتلال الكبينة، وحرش بسنقول بريف إدلب الجنوبي، وحرش باتنتة، وريف معرة مصرين - الشيخ بحر شمالي إدلب.

وأضاف مراسلنا أن 3 طائرات حربية روسية تناوبت على قصف ريفي إدلب واللاذقية، مع تحليق طائرات الاستطلاع الروسية في الأجواء، لافتاً إلى أن القصف يتزامن مع وجود وفد أممي في المنطقة، حيث يزور مخيماً للنازحين ومركزاً مجتمعياً يقدم خدمات متعددة للنازحين، الأمر الذي استدعى انسحابه.

قصف يسبقه تمهيد إعلامي

ويوم أمس، قلّلت مصادر مقربة من النظام السوري من أهمية الحديث عن بدء عملية عسكرية هجومية من فصائل المعارضة، بما فيها "هيئة تحرير الشام"، باتجاه مواقع النظام في إدلب أو أرياف حلب وحماة شمالي سوريا.

وزعمت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام أن المعطيات الميدانية تشير إلى أن "هيئة تحرير الشام" خرجت فعلاً عن العباءة التركية فيما يخص نيتها شن عملية عسكرية ترفضها أنقرة في جبهات منطقة "خفض التصعيد" ضد قوات النظام، حيث نقلت الصحيفة عن مصادر ميدانية أن "المبادرة كانت وستظل بيد قوات النظام"، معتبرة أن "تحرير الشام" وفصائل غرفة عمليات "الفتح المبين" عاجزة وواهمة في قدرتها على إحداث تغيير على خطوط تماس الجبهات من ريف اللاذقية الشمالي إلى ريف حلب الغربي، مروراً بريف حماة الغربي وريف إدلب الجنوبي والشرقي.

مسح طبوغرافي وتحديد بنك أهداف.. ما قصة الطائرات الروسية العملاقة في أجواء إدلب؟

وادعت أن إقدام الهيئة على شن هجوم باتجاه مواقع قوات النظام سيستجلب "رد فعل عنيفاً"، بالإضافة إلى رد فعل غير متوقع النطاق والنتائج من القوات الجوية الروسية، على خلفية الاستياء الكبير لموسكو حيال تزويد نظام كييف للهيئة بطائرات مسيرة، بحسب وصفها، رغم أن الهيئة نفت ذلك مراراً.

وكذلك زعمت المصادر أن محاولة الهيئة تغيير خطوط تماس "خفض التصعيد" سيلقي بظلال وخيمة على المنطقة، بدءاً من تقويض الاتفاقيات الروسية-التركية المشتركة حيال المنطقة مثل "اتفاق موسكو" (آذار 2020).

رسائل روسية

يبدو أن روسيا أرادت توجيه عدة رسائل من خلال تصعيد القصف الجوي على محافظة إدلب، بعد فترة من الهدوء النسبي وغياب الطائرات الروسية عن المشهد، منها:

روسيا تستبق قصفها بـ "كيل الاتهامات"

قبل التصعيد بأيام، اتهمت روسيا دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" وأوكرانيا بتجنيد وتدريب وتسليح مقاتلين في سوريا لاستهداف قواتها هناك، ونقلهم إلى الأراضي الأوكرانية للمشاركة في العمليات العسكرية الجارية.

وزعم مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، أن أوكرانيا "تزود مسلحين في إدلب بطائرات مسيرة هجومية، وتنظم لهم دورات على استخدامها بهدف شن هجمات ضد القوات الروسية".

أرتال عسكرية لنظام الأسد تصل إلى شمالي سوريا.. تحرك طارئ أم روتيني؟

وأضاف أن المخابرات الأوكرانية تتواصل مع قيادات "هيئة تحرير الشام" و"الحزب الإسلامي التركستاني" و"قوات سوريا الديمقراطية - قسد" و"أجناد القوقاز" و"جيش تحرير إنغوشيا"، على حد زعمه.

وفي أيلول الفائت، زعمت وسائل الإعلام الروسية وجود نحو 250 خبيراً عسكرياً أوكرانياً في إدلب، يعملون على تدريب "هيئة تحرير الشام" على تصنيع الطائرات المسيرة.

وذكرت وكالة "نوفوستي" الروسية، نقلاً عن مصدر سوري وصفته بالمطّلع، أن هؤلاء الخبراء يدربون مقاتلي "الحزب الإسلامي التركستاني" تحت قيادة "هيئة تحرير الشام"، وأن هذه التدريبات تركز على تعزيز تقنيات استخدام الطائرات المسيرة، بما يشمل تحسين السرعات والتحليق والتصوير والاستهداف.

"التقليل من أهمية المعركة"

تعليقاً على ما صدر عن وسائل إعلام النظام حول أنباء "معركة الشمال المحتملة" وتقليلها من قدرة "هيئة تحرير الشام" على تغيير خطوط التماس، قال المحلل العسكري العقيد عبد الجبار العكيدي: "يبدو واضحاً أن النظام السوري يحاول التهرب مما يحدث في الجولان المحتل، حيث تتزايد اعتداءات القوات الإسرائيلية. هذا التوجه بالهرب إلى الداخل السوري تكرر عندما يتعرض النظام أو مواقع إيران وحزب الله لضربات من إسرائيل".

وأضاف العكيدي في حديث مع تلفزيون سوريا، أنه "عادةً ما يقوم النظام بالرد عبر قصف المناطق المحررة في إدلب وريف حلب والساحل، ويرتكب مجازر بحق المدنيين، حيث يستهدف المستشفيات والأسواق والأفران. هذا الأسلوب ليس جديداً، بل هو استراتيجية معروفة للنظام منذ أكثر من عشر سنوات".

معركة حلب المرتقبة.. ما مدى جديتها وهل من الممكن أن تخدم النظام السوري؟

ولفت إلى أن "النظام يحاول تقليل أهمية المعركة وإظهار نفسه مسيطراً على زمام الأمور أمام جمهوره وحاضنته، متحدثاً عن فتح المعارك متى شاء أو إغلاقها".

وأشار إلى أن النظام حشد قواته خلال الأيام الأربعة الماضية وأرسل تعزيزات إلى مناطق إدلب وريف حلب، تحسباً لاحتمال فتح غرفة عمليات "الفتح المبين" التي تضم "هيئة تحرير الشام" وبعض الفصائل لمعركة جديدة. إذ إنه ومنذ بدء الهجمات الإسرائيلية على حزب الله، تتداول الأحاديث حول فتح معركة للسيطرة على حلب، أو لاستعادة مناطق في ريف إدلب وريف حلب الغربي، وهي خطوة تروج لها هيئة تحرير الشام.

وتابع: "رغم التحركات والاستعدادات الواضحة على الأرض، إلا أن الوضع معقد وليس بسيطاً، خاصة في ظل التفاهمات والتغيرات السياسية، منها مسار التطبيع التركي".

من يملك قرار "المعركة"؟

شدد العكيدي، على أن النظام السوري غير قادر على بدء معركة، وليس بيده القرار، كما يمكن القول إن الفصائل المعارضة، وبالأخص غرفة عمليات "الفتح المبين" وهيئة تحرير الشام، لا تمتلك القرار وحدها. فهناك التزامات تلزم هذه الفصائل باتفاقيات أستانا، كما أن لتركيا دوراً مهماً رغم أن هيئة تحرير الشام تعتبر إلى حد ما خارج العباءة التركية. وبالتالي، من سيبدأ في خوض هذه المعركة سيكون الخاسر بالتأكيد، إلا في حالة واحدة وهي رفع روسيا الغطاء عن النظام وعدم دعمه عسكرياً وجوياً. في هذه الحالة، قد تتمكن الفصائل من تحقيق "انتصار ساحق على النظام والميليشيات الإيرانية".

وبحسب المحلل العسكري، الفاعل الرئيسي في المعركة هو الروس وليس الميليشيات الإيرانية أو أذرع إيران مثل حزب الله أو حتى قوات النظام، التي تكبدت خسائر كبيرة حتى بداية 2016 على يد فصائل الثورة. لكن الذي قلب الموازين هو التدخل الروسي.

وأردف: "إذا تم رفع الغطاء الروسي عن النظام أو ميليشياته، أو إذا تم تقديم ضمانات غربية بتزويد المعارضة بالسلاح النوعي، فسيكون بإمكان فصائل المعارضة سحق جيش النظام، لكن حتى الآن لا يوجد شيء معلن. وإذا استمر التدخل الروسي القوي (في حال بدأت معركة)، فسيكون ذلك كارثياً على الشمال السوري وبالتحديد على إدلب. لأن الجيش الروسي والنظام سيحرقون الأرض وسيستهدفون المدنيين والمخيمات، مما يجعل الوضع كارثياً على الشمال".

بعد تصاعد انتهاكات النظام.. "الفتح المبين" تعلن استعدادها لأي تطور شمالي سوريا

في الوقت نفسه، إذا شن النظام العدوان باتجاه إدلب أو كان هو البادئ، فسيتكبد خسائر كبيرة أيضاً، فالفصائل لديها تحصينات وتجهيزات هندسية قوية ودفاع متين. في العلوم العسكرية، المهاجم دائماً ما يحتاج أن يكون أقوى بثلاثة أضعاف من المدافع، لأن المدافع يمتلك التحصينات التي تمكنه من إلحاق خسائر فادحة بالمهاجمين.

هل تتخلى روسيا عن النظام؟

بهذا الخصوص، قال العكيدي: "أعتقد أن روسيا لن تتخلى عن النظام في هذه المرحلة. على الرغم من هزائمها أو ضعفها في أوكرانيا، إلا أن روسيا ليست ضعيفة في سوريا، بل تمتلك القوة الكافية. إذ لا تحتاج سوى بضع طائرات محملة بالصواريخ المتفجرة لتواصل الفتك بالشعب السوري. بالتالي، لا يمكن القول إن روسيا في حالة ضعف داخل سوريا، وعلينا أن نكون منطقيين عند تقييم الوضع".

أما بالنسبة للميليشيات الإيرانية، فهي ليست العامل الأساسي لقوة النظام أو استمراره في السيطرة على هذه المناطق. الأمر يعتمد بشكل كبير على التدخل الروسي. وقد يكون هناك تفاهمات بين الولايات المتحدة، روسيا، وتركيا لتغيير الخارطة أو إزاحة النظام من هذه المناطق، ولكن حتى الآن، لا توجد معطيات أو معلومات مؤكدة حول هذا الأمر، وفق العكيدي.

 

*المصدر: تلفزيون سوريا | syria.tv
اخبار سوريا على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com