اخبار سورية

جريدة الأنباء

سياسة

الدواء السوري بحاجة لمن يعالج أزمته

الدواء السوري بحاجة لمن يعالج أزمته

klyoum.com

لم يعد قطاع الصناعات الدوائية بمنأى عن الأزمات المتراكمة التي يعيشها السوريون وتفاقمت في السنوات الأخيرة بخلاف التدهور الميداني الذي شهد تراجعا في عدة مناطق. وتتراوح أسباب ارتفاع أسعار الدواء بين ارتفاع التكاليف التي يتذرع بها أصحاب المعامل لرفع أسعاره ناهيك عن نقص المكونات الأساسية وهجرة الكثير من أصحاب المعامل.

في مثال بسيط على عمق الأزمة تروي سيّدة ستينيّة معاناتها في تأمين دواءها الخاص بمرضى السكري "دياميكرون" والذي يصل سعره إلى 13 ألف ليرة وتقول : "أعيش على هذا الدواء، ومنذ ثلاثة أيام توزّعنا أنا وأولادي على صيدليات العاصمة للبحث عنه، ولم يجدي ذلك .

وأوضح مصدر مطّلع -رفض ذكر اسمه لوكالة "سبوتنيك" الروسية- في أحد معامل الأدوية الخاصة أن مشكلة فقدان الدواء بدأت منذ أن رفع مصرف سورية المركزي سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية إلى 2525 ليرة، أي ضعف سعره في السابق والذي كان لا يتجاوز 1256 ليرة، كما أصدرت الحكومة السورية قراراً برفع أسعار الأدوية في شهر يونيو الماضي بنسبة 30%، معتبراً أن هذه النسبة لا تتوافق مع الزيادة في سعر الدولار، وارتفاع سعر لتر المازوت الصناعي إلى أكثر من 100%، فضلا عن الأمور الأخرى التي تزيد الكلف التشغيلية من كهرباء وحوامل طاقة وغير ذلك.

وأكد المصدر أن الدواء موجود ويتم إنتاجه بوفرة ولكن يتم تصديره نظرا لتوافق سعر التصدير مع الكلفة، مشيراً إلى أنه يتلقى يومياً صوراً من دول أخرى تبيّن كيف يباع الدواء السوري على الرغم من فقدانه محلياً.

رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية رشيد الفيصل، أكد في تصريحه لـ "سبوتنيك" أن معامل الأدوية تطالب برفع أسعار الأصناف الدوائية بنسبة 70% كحد أدنى، معتبراً أنها محقّة في ذلك، كون قرار رفع الأسعار الدوائية الأخير لم يكن منصفاً للواقع الدوائي بحسب رأيه، الأمر الذي أدى إلى خسارة بتكلفة الإنتاج، وتوقف المعامل عن البيع، وبالتالي نقص توافر الأدوية في الصيدليات.

ويرى الفيصل أن الارتفاع المعقول في أسعار الأدوية من شأنه تحقيق معادلة إيجابية بين المواطن والدواء من ناحية، والمنتج والصيدلي من ناحية أخرى، مضيفاً: حتى لو ارتفع سعر الدواء إلى 100% يبقى أرخص من الدواء الأجنبي.

وقال الفيصل: يعاني الدواء السوري من قلة اهتمام الجهات المعنية به، نافياً ما يشاع عن ارتفاع سعره في الصيدليات بنسبة تتراوح بين 100-500%، فلم يرتفع سعره سوى 30%، وإذا راجعنا أسعار كافة المواد بالأسواق نجد أنها ارتفعت إلى مبالغ طائلة نتيجة التغيرات في سعر الصرف.

من جانبها، كشفت معاون وزير الصحة السابقة والأستاذة الجامعية رجوى جبيلي، أن نسبة الفقدان في الأصناف الدوائية تتراوح بين 25-30% بشكل وسطي، لافتة إلى أن غالبية المعامل الدوائية في سورية قائمة على الصناعات المتوسطة، أي أنها تنتج أصنافاً أرباحها قليلة، لذا فإنها لم تستطع التغلب على ارتفاع أسعار المواد الأولية، وبالتالي تغطية خسارتها.

وأشارت إلى وجود فوضى في الصناعات الدوائية، فلم يعد المعمل يرتّب أولويات الإنتاج حسب حاجة السوق، وإنما أصبح يصنّع الصنف الذي يقدر على تحمّل تكلفة إنتاجه، معتبرة أن ملف الدواء أصبح ملفاً تجارياً بحتاً، وأن معالجة الأمر لم تعد تحتمل التأجيل وخاصة بأن المخزون الاحتياطي من الدواء بدأ ينفد.

وإلى ذلك، أشارت الأستاذة الجامعية أن الدواء السوري كان يغطي قبل الحرب 93% من حاجة السوق المحلية، ولكن هذه النسبة انخفضت خلال الحرب إلى 65%، أما الآن ورغم انتهاء الحرب فلم ترتفع النسبة إلى أكثر من 75% بسبب الأزمات الاقتصادية.

ولفتت جبيلي إلى أن إضراب المعامل المنتجة التي يبلغ عددها حوالي 85 معملاً، كان بسبب سياسة التسعير في الوزارة التي لا تتماشى مع انخفاض سعر الليرة السورية، والواقع الاقتصادي والصناعي، مشددة على ضرورة دعم أصحاب المعامل الذين آثروا البقاء في سوريا، لأن التضييق عليهم قد يدفعهم للهجرة، إضافة إلى احتمال قطع أرزاق حوالي 100 عائلة سورية تعتاش من كل معمل، معتبرة أن السياسة الحكومية لا تتفهم الصناعي ولا تتقبل معاناته وهواجسه.

من جانبه، أكد الصيدلي المتابع لقطاع الدواء أنس مسعود، (وهو صاحب صيدلية) أن مشكلة نقص الأدوية وانقطاعها تتكرر كل ستة أشهر مرة، حيث طالب أصحاب معامل الأدوية في شهر يونيو الماضي برفع سعر الدواء، واستجابت حينها الحكومة لذلك، ورفعت السعر بنسبة 40%لبعض الأصناف الدوائية، و37% لأصناف أخرى، و20% لبعض الأصناف.

وأشار إلى أن أصحاب المعامل دائماً يستغلّون تجاوب الحكومة ويتعمّدون قطع الدواء في الأسواق للحصول على بعض الامتيازات وطلب مزيد من المكتسبات، فيلتزمون بتزويد الصيدليات بالدواء لمدة شهرين فقط، ويعاد ذات المشهد مرّة أخرى.

واستعرض مسعود المشاكل التي تعترض عمل صناعيي الأدوية مثل صعوبة استيراد المواد الأولية الداخلة بتصنيع الدواء، إذ كان الصناعي قبل حدوث الأزمة يستورد الدواء مباشرةً من الدولة المصدَر كالصين أو أوروبا مثلاً، أما الآن ومع العقوبات الاقتصادية والحصار، يضطر صاحب المعمل إلى استيراد هذه المواد عن طريق جهات بديلة مثل وبيروت وكردستان العراق ومؤخراً الأردن، وذلك بعد أن افتتح الجانب الأردني منفذاً بديلاً للتصدير وهو ميناء العقبة .

*المصدر: جريدة الأنباء | alanba.com.kw
اخبار سورية على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2024 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com