اخبار السودان

نبض السودان

سياسة

لماذا لم تكتمل حكومة السودان بعد؟

لماذا لم تكتمل حكومة السودان بعد؟

klyoum.com

متابعات- نبض السودان

رغم مرور قرابة الشهرين على أداء كامل إدريس اليمين الدستورية رئيساً للوزراء في السودان، لا تزال حكومته الجديدة تراوح مكانها وسط حالة من الترقب والقلق، إذ لم يتم التوافق سوى على 10 وزراء فقط من أصل 22، في مشهد يعكس عمق الأزمة السياسية وتعقيداتها المتشابكة بين الأطراف الفاعلة.

مشاورات في بورتسودان بلا نتائج حاسمة

في مدينة بورتسودان، التي باتت المقر السياسي المؤقت للسلطة الانتقالية، تواصل الأطراف السودانية مشاوراتها لتشكيل حكومة تعكس تطلعات السودانيين وتستجيب للتحديات الاقتصادية والإنسانية والأمنية التي تعصف بالبلاد.

تشارك في هذه المشاورات مكونات رئيسية، أبرزها مجلس السيادة، ورئيس الوزراء، والقوات المسلحة، بجانب الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، إلا أن التقدم ظل بطيئاً، ويبدو أن الحسابات السياسية تعطل حسم الأسماء المتبقية.

توافق شكلي وسعي لتغليب الكفاءات

بحسب الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة محمد زكريا، فإن الفترة الماضية شهدت روحاً من التفاهم، مؤكداً توصل الأطراف إلى أرضية مشتركة لتنظيم مشاركة أطراف السلام في الحكومة، استناداً إلى اتفاق جوبا والدستور الانتقالي المعدل.

وأوضح زكريا أن النقاشات الراهنة تركز على اختيار مرشحين يتمتعون بالكفاءة لتولي الوزارات، ما يفسر – حسب قوله – التأخير الحاصل، مشدداً على أهمية أن تعبّر الحكومة الجديدة عن برنامج رئيس الوزراء "حكومة الأمل"، وأن تكون فاعلة وقادرة على الاستجابة للظروف الحرجة التي تعيشها البلاد.

ضغوط من حزب الأمة القومي ودعوة للإسراع

الفريق صديق إسماعيل، نائب رئيس حزب الأمة القومي، أشار إلى أن هذا التشكيل يمثل بداية فعلية نحو التحول الديمقراطي، داعياً كافة القوى السياسية إلى دعمه، وقال: "التأخير الذي نشهده الآن أحد أسباب تدخلنا، فقد لاحظنا حالة من التنازع والتردد بين الأطراف".

وأكد أن حزبه كثف اتصالاته مع رئيس الوزراء والحركات المسلحة لحثهم على تقديم تنازلات متبادلة والتوافق على حكومة كفاءات تتصل مباشرة بمعاناة الشعب، محذراً من أن استمرار الوضع الراهن سيعيد البلاد إلى حلقة النزاع والانقسام بدلًا من التقدم نحو الاستقرار.

محاصصة مرفوضة وصراع مراكز القوى

لكن نظرة متشائمة قدّمها الكاتب والمحلل السياسي عبد المنعم أبو إدريس، الذي وصف التأخير في تشكيل الحكومة بأنه نتيجة مباشرة للصراع بين المكونات الموقعة على اتفاق جوبا، موضحاً أن ما يتم العمل عليه حالياً هو تشكيل حكومة محاصصة تهدف لإرضاء الأطراف أكثر من التركيز على معايير الكفاءة.

واعتبر أن رئيس الوزراء لا يملك السلطة الكاملة في اختيار وزرائه، بل يتعرض لضغوط وتدخلات من مجلس السيادة، الذي يرفض أو يقبل بعض الترشيحات، وهو ما يؤدي إلى إبطاء التقدم وتفريغ منصب رئيس الوزراء من فاعليته.

معارضة خارج الإطار وتحذير من شرعية مفقودة

تحالفات سياسية رئيسية مثل "تحالف صمود" و"تحالف تأسيس" ترفض المشاركة في التشكيل الجديد، وتعتبره استمراراً لسلطة الأمر الواقع، منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021. كما يرفض "التجمع الاتحادي" ما يسميه "حكومة محاصصات حزبية وجهوية"، ويعتبر أن بعض الشخصيات المرشحة تنتمي إلى النظام السابق، ما ينفي عن الحكومة المرتقبة صفة التغيير الحقيقي.

وأكد بيان التجمع الاتحادي أن الأولوية لا يجب أن تكون لتشكيل الحكومة، بل لوقف الحرب التي اندلعت في أبريل 2023، وتأمين المدنيين، وتهيئة الظروف للعودة الآمنة للنازحين وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، محذرًا من أن أي حكومة لا تحظى بالتوافق الشعبي ستفشل في مهمتها.

أزمة تمثيل أم أزمة شرعية؟

يبدو أن السودان يقف اليوم على مفترق طرق بين استحقاقات السلام وشروط الحكم الرشيد، وبين مصالح قوى متعددة تختلف أولوياتها ورؤاها، بينما ينتظر الشارع السوداني حكومة حقيقية تضع حدًا للانهيار الاقتصادي والانفلات الأمني. فهل ينجح كامل إدريس في تجاوز التعقيدات والضغوطات وتشكيل حكومة تحظى بالرضا الشعبي؟ أم أن فشل التوافق سيُعيد البلاد إلى مربع الانقسام والتجاذب السياسي؟

*المصدر: نبض السودان | nabdsudan.net
اخبار السودان على مدار الساعة