قطار العودة الطوعية رقم (١٩) ينطلق من مصر حاملا (١٥٠٠) سوداني

صباح اليوم الاثنين، انطلق القطار رقم (19) من محطة رمسيس بالقاهرة، حاملاً على متنه 1500 سوداني ضمن الفوج رقم (40) من مشروع "قطار العودة الطوعية"، الذي تشرف عليه منظومة الصناعات الدفاعية السودانية. ومع هذه الرحلة، سجّل المشروع رقمًا تاريخيًا بتفويج نحو 100 ألف سوداني إلى وطنهم، في مشهد إنساني مهيب اختلطت فيه مشاعر الحنين بالأمل، والتعب بالصبر، وسط لحظات مؤثرة تختصر سنوات من النزوح المرير .

رعاية وتكفّل كامل بالمشروع

انطلق مشروع العودة الطوعية في أبريل الماضي، برعاية كريمة من الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وإشراف مباشر من الفريق ميرغني إدريس، مدير منظومة الصناعات الدفاعية، التي تتكفل بكافة نفقات التفويج، بما في ذلك النقل والتنسيق والإعاشة. وقد تولّت المنظومة بالتعاون مع هيئة سكك حديد مصر، تنفيذ المشروع بدقة وتنظيم عاليَين، مما جعله نموذجًا يحتذى به في العمل الإنساني الجماعي والمنظم، وقد ارتدى العائدون أقمصة كُتب عليها "راجعين" و"شكراً مصر"، تقديراً لدولة شقيقة فتحت أحضانها لملايين السودانيين، دون تضجر.

القطار رقم 18.. لحظة لا تُنسى

يوم السبت 20 سبتمبر أيضاً انطلقت الرحلة رقم (18) ضمن الفوج (39)، وعلى متنها أكثر من ألف سوداني. وكان مشهد الوداع داخل محطة رمسيس مؤثرًا إلى حد بعيد، حيث ارتسمت على وجوه الأطفال علامات الفرح وهم يلوّحون بأيديهم من نوافذ القطار، بينما تبادل الكبار الدعوات والذكريات والآمال بعودة قريبة إلى أرض الوطن.

ومنذ انطلاقه، اعتمد المشروع على برمجة دقيقة بمعدل ثلاث رحلات أسبوعيًا، إلى جانب مئات البصات، لتغطية احتياجات العائدين نحو ولايات السودان المختلفة، وتوفير رحلة آمنة وميسّرة لكافة الفئات.

الفوج الأربعون.. مواصلة المسير

الرحلة التاسعة عشرة (القطار رقم 19) التي انطلقت اليوم الاثنين، مثّلت الفوج الأربعين ضمن المشروع، وضمت نحو 1500 سوداني من فئات متعددة، بينهم أسر منسوبي الأجهزة النظامية، ومعلمون، وكوادر صحية وصناعية، بالإضافة إلى مواطنين من مناطق العيلفون، وأم درمان، وولايات النيل الأبيض، نهر النيل، والجزيرة.

100 ألف حلم

نجح المشروع حتى الآن في تفويج ما يزيد عن 100 ألف سوداني، من بينهم أكثر من 20 ألف عبر القطار وحده، في ظل ترتيبات لوجستية متكاملة تشمل عربات مخصصة للأمتعة، فرق مساعدة لكبار السن وذوي الاحتياجات، بيئة آمنة ومريحة داخل عربات القطار.

وتنوعت القصص داخل هذه الرحلات، فهناك أساتذة جامعات ومعلمون عادوا لإكمال رسالتهم التعليمية، وعمال اصطحبوا أدواتهم للعودة إلى مواقع الإنتاج، ونظاميون شدّوا الرحال لحماية قراهم ومدنهم، وأمهات احتضنّ أطفالهن وهن يحلمن بغدٍ أفضل في حضن الوطن.

ليست مجرد وسيلة نقل

تتجاوز هذه الرحلات كونها وسيلة للنقل؛ إنها جسر للعودة والانتماء، يربط الشتات بالوطن، ويعيد اللحمة الوطنية التي فرّقتها ظروف الحرب والاغتراب. فـ"عودة 100 ألف سوداني" ليست مجرد رقم، بل ملحمة وطنية وإنسانية تُكتب كل يوم في وجوه العائدين، الذين يخطّون سطورًا جديدة في كتاب الأمل، والإعمار، وبناء سودان المستقبل.

اخبار السودان على مدار الساعة