البعد الآخر … مصعب بريــر… ياسر عرمان.. تاجر الحرب الذي يحاضر في الوطنية ..!
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
تصاعد الضغوط على الكونغرس لتصنيف المليشيا منظمة إرهابيةفي مقاله الأخير بعنوان “حكومتان لا تغطيان جسد الوطن” شنّ السيد ياسر عرمان هجوماً لاذعاً على أطراف الساحة السياسية، وبالأخص على حكومة كامل إدريس، متهماً إياها بالهشاشة واحتضان “جوكية وسماسرة”. كما عاب على حكومة “تأسيس” انقساماتها القبلية وصراعاتها على المناصب، قبل أن يخلص إلى خلاصة مظلمة مفادها أنّ الحكومتين معاً لا تمثلان الوطن ولا تحملان مشروعاً جامعاً.
رغم ما قد يبدو من وجاهة لبعض تساؤلاته، فإن المقال في جوهره يعكس تناقضاً بين ناقد يُسوّق نفسه كحريص على الوطن، وبين مواقف الكاتب السياسية التي جعلته جزءاً أصيلاً من أزمات السودان المتلاحقة. فمن غير المنطقي أن يتقمص عرمان دور “المُحكِّم الوطني” وهو نفسه أحد أبرز رموز الحرب التي أرهقت البلاد منذ عقود، وشارك في مشاريع تقسيم وتخريب ودماء لا تزال آثارها ماثلة.
أول ما يُلاحظ في مقال عرمان هو اعتماده على لغة التهكم الشخصي أكثر من الحجج السياسية. فبدلاً من تفكيك إخفاقات كامل إدريس ببيانات أو أرقام، انشغل بوصفه بـ”المشوش والمرهق”، وكأن تقييم رجل دولة يتم من خلال حالته الصحية لا من خلال برامجه وأدائه. أما وصف الوزراء بـ”الجوكية والسماسرة”، فهو لا يرقى إلى مستوى النقد الموضوعي، إذ يفتقر للأدلة الملموسة أو المعايير السياسية المتفق عليها.
ثانياً، يطرح الكاتب تساؤلات عن دور الجيش واستراتيجيته في ظل هذه الحكومات، لكنه يتغافل عن حقيقة أنه كان طوال سنوات جزءاً من الفصائل المسلحة التي أضعفت مؤسسات الدولة، بل وكرّست لمنطق الحرب كأداة تفاوضية. فكيف يستقيم أن يحاضرنا اليوم عن ضرورة التخلص من “السماسرة” وهو أحد من ساهموا في شرعنة تجار الحرب؟
ثالثاً، صحيح أن السودان يحتاج إلى مشروع وطني جامع يتجاوز الانقسامات الجهوية والإثنية، لكن عرمان يُقحِم نفسه كمنظّر وحيد لهذا المشروع، متناسياً أن حركته السابقة فشلت في تحقيق أي نموذج للوحدة أو العدالة في المناطق التي سيطرت عليها. فالمواطن السوداني الذي عانى من الحرب، لا يحتاج إلى تنظير جديد من ذات الشخصيات التي كانت جزءاً من المشكلة.
رابعاً، إن تحميل “الحكومتين الجزئيتين” كامل وزر ما يحدث في دارفور والفاشر تحديداً، يُعتبر قراءة قاصرة. فالمسؤولية عن دمار الفاشر أكبر وأعمق من اختزالها في طرفين فقط؛ إذ هي حصيلة عقود من سياسات الحرب والانتقام والتسلط، كان عرمان نفسه أحد عناوينها البارزة.
بعد اخير :
خلاصة القول، السودان بلا شك يحتاج إلى مشروع سلام عادل وديمقراطي يضع المواطنة بلا تمييز أساساً للحكم. لكن هذا المشروع لا يمكن أن يُكتب على يد من استهلكوا رصيدهم السياسي في الصراع المسلح والمساومات. المطلوب اليوم هو جيل جديد من القيادات الوطنية التي تضع مصلحة الشعب فوق الحسابات الشخصية، وتطرح خطاباً مسؤولاً بعيداً عن تصفية الحسابات والشتائم السياسية.. واخيراً، مقال ياسر عرمان لا يخرج عن كونه محاولة لإعادة تسويق نفسه كلاعب سياسي بعد أن خسر شرعيته الأخلاقية والسياسية. السودان اليوم بحاجة إلى مراجعة صريحة لماضيه المؤلم، وإلى أصوات جديدة تكتب بلغة الأمل والبناء، لا بلغة الحرب والمرارات القديمة… و نواصل إن كان فى الحبر بقية بمشيئة الله تعالى ..
ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الجمعة (3 اكتوبر 2025م)
musapbrear@gmail.com