العلماء يؤكدون وجودها داخل الجسم.. ما هي الحاسة السادسة؟
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
تحالف تأسيس يعلن تعليق تعامله الإعلامي مع قناة الجزيرةمتابعات – نبض السودان
لم تعد فكرة الحاسة السادسة ضربًا من الخيال أو مبالغة كما كان يعتقد الكثيرون، إذ أكد علماء من مركز "سكريبس" للأبحاث في الولايات المتحدة أن جسم الإنسان يمتلك بالفعل حاسة سادسة تُعرف علميًا باسم "الإدراك الداخلي"، وهي شبكة من المسارات العصبية العميقة التي تُمكّن الدماغ من مراقبة الإشارات الحيوية للجسم وضبطها باستمرار لضمان استمرارية الحياة بشكل متوازن.
ما هو الإدراك الداخلي؟
يصف العلماء "الإدراك الداخلي" بأنه العملية العصبية التي من خلالها يلتقط الجهاز العصبي إشارات دقيقة من الأعضاء الداخلية مثل القلب والرئتين والمعدة والكلى، ويفسرها ليحافظ على أداء الجسم الحيوي بكفاءة. وبهذه الطريقة، يعرف الدماغ متى يتنفس الإنسان، ومتى ينخفض ضغط الدم، ومتى يجب على الجسم مكافحة العدوى.
ويقول الباحثون إن هذه الحاسة السادسة تعمل في خلفية وعي الإنسان دون أن يشعر بها مباشرة، إذ إن دورها الأساسي هو ضبط الوظائف الحيوية مثل معدل ضربات القلب ودرجة الحرارة والتوازن الداخلي.
تمويل ضخم لكشف سر الحاسة الخفية
حصل الفريق البحثي في مركز "سكريبس" على تمويل ضخم يبلغ 14.2 مليون دولار من المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية، بهدف رسم خريطة دقيقة للمسارات العصبية المسؤولة عن هذه الحاسة الغامضة. ويقود البروفيسور "شين جين" جزءًا رئيسيًا من هذه الدراسة، مؤكدًا أن الإحساس الداخلي يعد من الركائز الأساسية في فهم الصحة البشرية، لكنه ما زال مجالًا جديدًا في علم الأعصاب لم يُكتشف بالكامل بعد.
فكرة قديمة تُبعث من جديد
يرجع أصل مفهوم "الإحساس الداخلي" إلى عالم الأعصاب البريطاني تشارلز شيرينجتون الذي اقترحه في أوائل القرن العشرين، إلا أن الأوساط العلمية تجاهلت هذه الفكرة لعقود طويلة قبل أن تعود إلى الواجهة خلال العقد الأخير مع التطور الكبير في تقنيات دراسة الدماغ والأعصاب.
الفرق بين الحواس الخمس والحاسة السادسة
بينما تعتمد الحواس الخمس التقليدية (البصر، السمع، الشم، التذوق، واللمس) على أعضاء حسية خارجية متخصصة مثل العينين والأنف والأذنين، فإن الحاسة السادسة تعمل من الداخل عبر شبكة من الأعصاب المنتشرة في أعماق الجسم، دون حدود تشريحية واضحة، مما يجعل دراستها أكثر تعقيدًا.
ويشير العلماء إلى أن هذه الحاسة ليست مسؤولة عن "التنبؤ" كما يصورها الخيال الشعبي، بل عن الإحساس الداخلي الدقيق الذي يسمح للإنسان بالشعور بجوعه أو عطشه أو توتره أو اضطراب ضربات قلبه.
تحديات في دراسة الحاسة السادسة
يقول الباحثون إن أحد أبرز التحديات في دراسة الإدراك الداخلي هو أن الإشارات الصادرة من الأعضاء الداخلية تتداخل بشكل واسع، مما يجعل من الصعب عزلها أو قياسها بدقة. كما أن الخلايا العصبية التي تحمل هذه الإشارات موزعة في أنحاء الجسم ولا تقتصر على عضو واحد، مما يزيد من تعقيد المهمة.
مشروع لرسم أول أطلس حسي داخلي
ضمن التمويل الجديد، يعمل العلماء في "سكريبس" على مشروع غير مسبوق يتمثل في رسم أول أطلس عالمي للجهاز الحسي الداخلي، يوضح كيفية اتصال الأعصاب بمختلف الأعضاء الحيوية. هذا المشروع سيشكل، وفقًا للباحثين، نقطة تحول في فهم العلاقة بين الأعصاب والمشاعر والصحة العامة.
انعكاسات علمية وطبية ضخمة
يتوقع العلماء أن يؤدي فك رموز الحاسة السادسة إلى ثورة في مجالات الطب والعلاج، إذ يمكن أن يساعد في تطوير أساليب جديدة لعلاج اضطرابات المناعة الذاتية، والألم المزمن، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها من الحالات التي ترتبط باختلالات في الإشارات العصبية الداخلية.
من الخيال إلى الحقيقة
لطالما نُظر إلى فكرة الحاسة السادسة على أنها قدرة خارقة، لكن العلم اليوم يثبت أنها جزء أساسي من نظام الإنسان العصبي، تعمل بصمت خلف الكواليس للحفاظ على توازن الجسم.
خطوة نحو إعادة كتابة الكتب العلمية
يرى الباحثون أن نتائج هذا المشروع ستُعيد صياغة فهمنا لوظائف الجسم البشري، وربما تؤدي إلى تعديل محتوى الكتب الدراسية في علم الأحياء والأعصاب، لتشمل الحاسة السادسة كأحد المكونات الطبيعية للجهاز الحسي البشري.
الحاسة السادسة.. سر غامض بدأ يُكشف
بفضل هذا البحث الرائد، يتحول الغموض العلمي إلى معرفة قابلة للقياس، ومعه يثبت الإنسان مرة أخرى أن ما كان يُعتقد خيالًا قد يكون مجرد حقيقة لم تُكتشف بعد.