ملفات ساخنة تنتظر أول سيدة في قيادة بنك السودان
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
أمك .. كلمة واحدة تشعل البيت الأبيضمتابعات- نبض السودان
أصدر رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان قرارًا بإعفاء برعي الصديق من منصبه وتعيين آمنة ميرغني حسن التوم محافظًا لبنك السودان المركزي، لتصبح بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البنك المركزي السوداني، في خطوة وصفت بأنها غير مسبوقة وسط ترحيب واسع من الأوساط المصرفية والاقتصادية، لما تمثله من تحول مهم في القيادة المالية للبلاد خلال فترة الحرب التي أثقلت كاهل الاقتصاد الوطني.
السيرة العلمية للمحافظ الجديدة
آمنة ميرغني حسن التوم تحمل مؤهلات علمية متميزة، إذ تخرجت في كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم بدرجة الشرف قسم إدارة الأعمال عام 1985، ثم حصلت على ماجستير المحاسبة والتمويل من جامعة الجزيرة في العام 1997. كما نالت شهادات مهنية متقدمة في إدارة الموارد البشرية من المملكة المتحدة، وشهادة "شرم" من الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب تأهيل أكاديمي وتدريبي في عدد من الدول منها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والإمارات والسعودية ومصر.
بدأت مسيرتها في بنك السودان المركزي عام 1986، حيث شغلت عدة مناصب في مختلف إدارات البنك، حتى أصبحت مدير عام إدارة الأسواق المالية في عام 2020، وهو واحد من أهم القطاعات المؤثرة في سياسات البنك النقدية.
المسيرة العملية
تدرجت آمنة ميرغني في عدد من المناصب القيادية داخل وخارج البنك المركزي، إذ تولت عام 2019 منصب مدير عام إدارة الأسواق المالية، وهي الإدارة المعنية بإدارة النقد الأجنبي والسيولة النقدية، ثم تم تعيينها لاحقًا مديرًا عامًا لمجموعة تنمية الصادرات التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية، كما شغلت منصب مدير عام لشركة مطابع السودان للعملة، قبل أن تعود اليوم إلى رئاسة المؤسسة المصرفية الأعلى في البلاد.
تحديات ضخمة تواجه المحافظ الجديد
يرى خبراء الاقتصاد أن المحافظ الجديد أمامها ملفات بالغة التعقيد تحتاج إلى قرارات جريئة وحلول عاجلة، على رأسها أزمة سوق الصرف واستمرار تراجع الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، وهو ما تسبب في ارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية خلال الفترة الماضية.
وأشاروا إلى أن من أكبر التحديات التي تواجه البنك المركزي حوكمة عمليات الاستيراد، لتقليل الضغط على احتياطي النقد الأجنبي الذي تراجع بشدة بسبب الحرب الحالية وتداعياتها الاقتصادية. كما أن تطوير البنية التحتية التكنولوجية للبنوك يعد من الأولويات العاجلة، لضمان سلامة الأنظمة المصرفية ورفع كفاءة الكوادر البشرية، بما يتماشى مع المعايير المصرفية الدولية الحديثة.
أهمية التنسيق بين السياسات النقدية والمالية
أكد الخبراء أن التنسيق المستمر بين السياسة النقدية والسياسة المالية يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو، داعين إلى ابتكار آليات جديدة لتطوير سوق الصرف الأجنبي وتعميق كفاءة آليات السوق لضمان مرونة التعاملات النقدية وتحسين بيئة الأعمال.
كما شددوا على ضرورة العمل على بناء احتياطي قوي من العملات الأجنبية للمساهمة في تحسين الوضع الخارجي وتقليص عجز الحساب الجاري، بالتوازي مع دعم نمو الصادرات وجذب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج، التي تمثل مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة، خاصة في ظل الحرب التي أثرت على الاقتصاد الكلي.
إعادة هيكلة بنك السودان المركزي
وأشار عدد من المختصين إلى ضرورة إعادة هيكلة بنك السودان المركزي ليعمل كمؤسسة مستقلة ذات سياسات نقدية واضحة وفعالة، مؤكدين أن تنفيذ هذه الإصلاحات سيساعد السودان على إعادة بناء نظام مصرفي حديث قادر على دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة المحلية والدولية في القطاع المالي، خصوصًا بعد سنوات من التحديات الهيكلية التي أثرت في أداء الجهاز المصرفي.
الاقتصاد الموازي يهيمن على المشهد
أوضح الخبراء أن الاقتصاد الموازي بات يسيطر على نحو 85% من النشاط الاقتصادي في السودان، وهو ما يضعف من دور المصارف في تمويل الأنشطة الاقتصادية، ويؤدي إلى تراجع حجم الأموال المتداولة داخل النظام المصرفي الرسمي.
وأشاروا إلى أن الحد من سيطرة الاقتصاد الموازي يمثل خطوة ضرورية لاستعادة فاعلية النظام المصرفي وضمان استقرار الاقتصاد الوطني. وتقدر الدراسات أن 95% من الكتلة النقدية في السودان موجودة خارج النظام المصرفي، وهو ما يعني أن المصارف لا تتحكم إلا في 5% فقط من النقد المتداول.
وترجع هذه الظاهرة إلى سنوات العزلة المصرفية التي عاشها السودان بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية سابقًا، وتمدد الأنشطة غير الرسمية التي اعتمدت عليها شريحة واسعة من المواطنين في ظل غياب دور الدولة في تنظيم الأسواق وإخضاع الاقتصاد الوطني لولايتها المالية الكاملة.
ارتفاع الديون المتعثرة
وحول أوضاع البنوك، أشار الخبراء إلى أن الحرب أدت إلى ارتفاع نسبة الديون المتعثرة في المصارف إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تشير التقديرات إلى أن 50% من القروض والتمويلات المصرفية أصبحت غير مستردة نتيجة توقف الأنشطة التجارية وتدمير المنشآت الصناعية والخدمية.
وطالبوا الدولة بالتدخل العاجل لمعالجة هذه الأزمة من خلال تقديم قروض مدعومة للبنوك المتضررة، بما يساعدها على استعادة سيولتها وتجنب انهيار القطاع المصرفي الذي يمثل شريان الاقتصاد الوطني.
ضرورة وقف تدهور العملة الوطنية
وأكد الخبراء أن وقف تدهور سعر العملة الوطنية يجب أن يكون على رأس أولويات المحافظ الجديد، موضحين أن استقرار الجنيه السوداني يعتمد بشكل مباشر على زيادة الإنتاج وتحسين الناتج المحلي الإجمالي وتوازن الصادرات والواردات.
وأشاروا إلى أن القطاع المصرفي تضرر بشدة جراء الحرب، وأن تحسن أوضاعه يتطلب خطة اقتصادية واضحة تتضمن سياسات نقدية مرنة وإصلاحات شاملة تعيد الثقة للقطاع المالي السوداني وتدفع نحو استقرار الاقتصاد الكلي للبلاد.