جهاز خارق يستخرج مياه الشرب من الهواء دون كهرباء
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
إتفاق مع شركات مصرية لصيانة جسور الخرطوم فورامتابعات- نبض السودان
في إنجاز علمي غير مسبوق، نجح مهندسو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في ابتكار جهاز فريد من نوعه يمكنه استخراج مياه الشرب من الهواء الجاف دون الحاجة إلى كهرباء أو شبكة مياه. ويعتمد هذا الجهاز الجديد، الذي أُطلق عليه اسم "حاصد المياه من الهواء"، على تقنية هلامية مبتكرة قادرة على امتصاص بخار الماء وتحويله إلى مياه صالحة للشرب، حتى في أكثر البيئات جفافًا.
ابتكار لمواجهة أزمة المياه العالمية
يأتي هذا الابتكار في وقت يعاني فيه أكثر من 2.2 مليار شخص حول العالم من نقص حاد في مياه الشرب الآمنة، بينما تواجه الولايات المتحدة وحدها تحديات في تزويد 46 مليون مواطن بمياه نظيفة. ومع تعرّض الموارد التقليدية من أنهار وخزانات لضغوط بيئية متزايدة، يُقدم هذا الجهاز حلاً ثوريًا يستغل بخار الماء غير المرئي الموجود في الهواء كمصدر مستدام وفعال.
تصميم بسيط بحجم نافذة
يتألف الجهاز من لوح عمودي بحجم نافذة، مصنوع من مادة هلامية سوداء تشبه الفقاعات البلاستيكية، ومثبت داخل حجرة زجاجية باردة. وخلال ساعات الليل، يعمل الهلام على امتصاص الرطوبة من الجو ويتضخم. وفي النهار، تؤدي حرارة الشمس إلى تبخير هذه الرطوبة، ليتكثف البخار على الزجاج ويتم جمعه كماء نقي. وقد استُوحي التصميم من فن الأوريغامي الياباني لزيادة مساحة السطح المعرّض للهواء وتحسين كفاءة الامتصاص.
يعمل بدون كهرباء أو خلايا شمسية
ما يميّز هذا الابتكار عن المحاولات السابقة هو عدم حاجته لأي مصدر للطاقة. فلا كهرباء، ولا خلايا شمسية، ولا بطاريات. وقد أُجريت اختبارات ميدانية ناجحة للجهاز في "وادي الموت" بولاية كاليفورنيا، أحد أكثر المناطق جفافًا في الولايات المتحدة، حيث نجح في إنتاج نحو 160 مل من الماء يوميًا حتى عند انخفاض الرطوبة إلى 21%. ويمكن مضاعفة هذه الكمية عند تركيب عدة وحدات معًا.
نقاء الماء دون فلاتر أو أملاح
أحد التحديات التي تغلّب عليها هذا الجهاز هو إنتاج مياه آمنة دون الحاجة إلى فلاتر. فقد استخدمت تقنيات سابقة مواد كيميائية مثل كلوريد الليثيوم لزيادة الامتصاص، لكنها سببت تلوثًا للمياه. أما فريق MIT فقد استخدم الغلسرين كمكوّن أساسي، وأزال المسام النانوية من المادة الهلامية، ما أدى إلى إنتاج مياه نقية خالية من الملوّثات، وجاهزة للشرب مباشرة.
إنتاج منزلي في المناطق الصحراوية
رغم أن كمية المياه المنتجة من لوح واحد تظل محدودة، فإن استخدام عدة وحدات معًا يجعل من الممكن تزويد منزل كامل بالمياه، خصوصًا في المناطق الصحراوية أو النائية التي تعاني من انعدام البنية التحتية. ويتميّز الجهاز بصغر حجمه وانخفاض تكلفة تصنيعه، مما يجعله خيارًا قابلًا للتطبيق على نطاق واسع.
نشر علمي وتعاون دولي
وقد نُشر هذا الإنجاز في مجلة "نايتشور ووتر" (Nature Water)، ما يعكس أهميته على الصعيدين العلمي والتطبيقي. وقاد المشروع البروفيسور شوانهي تشاو، أستاذ الهندسة الميكانيكية والمدنية في MIT، بمشاركة باحثين من المعهد ومن جامعة سنغافورة الوطنية (NUS). وكان الباحث تشانغ ليو وفريقه مسؤولين عن التجارب الميدانية وتصميم المواد النشطة المستخدمة في الهلام.
الخطوة القادمة: تعميم الابتكار عالميًا
رغم أن الجهاز لا يزال في مراحله الأولية، إلا أن الفريق يعمل على تطوير نسخ أكبر حجماً وأكثر كفاءة. وتشمل الخطط المستقبلية توسيع مساحة الألواح وتحسين المواد لتلائم مختلف الظروف المناخية. كما يجري العمل على نشر الجهاز في المناطق التي تعاني من ندرة المياه أو تلك التي تعرضت لكوارث طبيعية أو أزمات طارئة.
مستقبل جديد لمياه الشرب
يُقدم هذا الابتكار لمحة عن مستقبل يعتمد على حلول بسيطة وذكية، بعيدًا عن الأنظمة المعقدة أو الموارد المحدودة. في عالم يواجه تهديدات تغيّر المناخ والجفاف والتلوث، قد يكون جهاز "حاصد المياه من الهواء" هو المفتاح لتحقيق الأمن المائي للملايين