الوقود في السودان... أسعار مضاعفة ووفرة معدومة
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
إثيوبيا تنفي مسؤولية سد النهضة عن فيضانات السودان وتتهم النيل الأبيضطوابير في المحطات وشلل في المواصلات ولا أحد يلتزم التسعيرة القانونية
فاقمت زيادة أسعار الوقود في السودان من الأزمات المعيشية للمواطنين الذين بالكاد يتناول معظمهم وجبة غذائية واحدة في اليوم، فضلاً عن أنها أحدثت شللاً في حركة المواصلات وارتفاعاً في تعريفتها مما أثار جدلاً واسعاً بسبب الآثار السلبية التي تنعكس على كافة الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية.
ويعاني الاقتصاد السوداني بسبب الحرب الدائرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، أوضاعاً صعبة، في وقت يعاني غالبية المواطنين بخاصة الموجودون في مناطق القتال من عجز في تأمين متطلبات الحياة بسبب طول أمد الحرب.
وتأتي هذه الزيادة في أسعار الوقود تزامناً مع ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني، ووصل سعر صرف الدولار في البنوك إلى نحو 2,800 جنيه، فيما تجاوز في السوق الموازية حاجز 3500 جنيه.
في وقت تشهد محطات خدمة الوقود هذه الأيام طوابير طويلة وازدحاماً لا يوصف خصوصاً في أم درمان والخرطوم بحري، إذ أعادت مشاهد كانت مألوفة قبل أعوام، فيما يرمي عامة المواطنين اللوم على الحكومة بخلقها أزمة جديدة.
وكانت ولاية الخرطوم أعلنت مطلع سبتمبر (أيلول) الجاري تعديلاً جديداً في أسعار الوقود شمل البنزين والجازولين، وحددت الولاية سعر ليتر البنزين للمستهلك النهائي بـ3.997 جنيهاً (1.18 دولار)، بينما بلغ سعر ليتر الجازولين 3.864 جنيهاً (1.16 دولار)، ودعت محطات الوقود إلى تنفيذ الزيادات وفق الضوابط المنظمة لحركة إمداد الوقود.
لاحقاً أشارت الولاية إلى أن الأجهزة التنفيذية والرقابية بما فيها الأمن القومي ومباحث التموين ستتابع تنفيذ القرار لضمان الالتزام بالتسعيرة الجديدة في جميع محطات الوقود.
وجاءت هذه الزيادة بعد أيام قليلة من أزمة حادة في الوقود أدت إلى توقف شبه كامل في عمل المحطات في الخرطوم وولايات أخرى.
في السياق قال المواطن حسن عبدالرحيم الذي يسكن الخرطوم بحري، إن "زيادة أسعار الوقود التي شملت الولايات الآمنة تعد الثالثة على التوالي خلال فترة وجيزة لا تتجاوز الشهر مما يؤكد اضطراباً واضحاً في آلية التسعيرة وتراجع قدرة الحكومة على ضبط السوق".
وأضاف المواطن السوداني، أن "الارتفاع في أسعار الوقود نتوقع معه زيادة في تعريفة المواصلات التي شهدت أزمة خانقة في ظل انعدام الوقود منذ اندلاع الحرب التي أسهمت في توقف الإنتاج المحلي، مما جعل المواطنين يقطعون مسافات طويلة بالأرجل لعدم توافر المواصلات من جهة وارتفاع أسعارها من جهة أخرى وهو ما ترتب عليها مشادات بين الركاب وسائقي المركبات في أحيان كثيرة لعدم قبولهم تلك الزيادات التي يتحملها المواطن في الأساس".
وأشار عبدالرحيم إلى أن" الحرب المستمرة لا تزال ترمي بظلالها السلبية على مصادر الدخل، إذ أدت إلى تراجع القدرة الشرائية في حين تتزايد أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات الأساسية من دون وجود حلول من الدولة".
من جانبه قال مجاهد خليل وهو سائق مركبة عامة في مدينة أم درمان، إن "زيادة أسعار الوقود مجحفة وغير مدروسة نظراً إلى أن الوضع الاقتصادي لا يحتمل أعباء إضافية على المواطن الذي يعاني مشكلة تفاقم سعر صرف الجنيه السوداني، لكن في الحقيقة فإن المواطن لا حيلة له فالدولة تفرض عليه الزيادات وتطلب منه تطبيقها رغم علمها أن معظم المواطنين يعيشون تحت خط الفقر والجوع وباتوا غير قادرين على ترتيب أولويات المعيشة".
وأردف السائق "هذه الزيادة جعلت معظم سائقي المركبات العامة يتجهون للعمل في الخطوط الطويلة ذات الثقل السكاني حتى يتمكنوا من تحقيق مكاسب معقولة خلال اليوم ليتم توزيعه بين الحاجة إلى الوقود ومتطلبات الأسرة، ومن المؤسف أن هذا السلوك يسبب أزمة مواصلات في بعض مناطق العاصمة".
وواصل خليل "منذ إعلان زيادة أسعار الوقود بدأت محطات الخدمة تشهد طوابير طويلة، إذ إن الغالبية من أصحاب المركبات الخاصة والعامة تتخوف من فرض زيادة أخرى وحدوث أزمة جديدة، لذلك أصبح هناك حال من الهلع وسط المواطنين، مما جعلهم يقومون بشراء كميات إضافية وتخزينها تحسباً لأي طارئ قد يحدث، بخاصة أن الشركات العاملة في مجال الوقود قلصت إمداداتها لعدم رغبتها في البيع بأسعار أقل".
وأوضح السائق أنه "من المفترض أن تقوم الحكومة بمعالجات حتى تتفادى الزيادات المتلاحقة على هذه السلعة الحيوية والعمل على تخفيف العبء على المواطن الذي يتفاجأ كل يوم بزيادة في كل شيء من دون استثناء".
إلى ذلك أوضح فاروق نصر الدين أحد المتعاملين في قطاع الوقود في مدينة بورتسودان أن "ارتفاع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في السوق الموازية، أدى إلى إحجام الشركات الموردة للوقود في انسيابه إلى السودان، إلى جانب تقليص الشحنات من موانئ بورتسودان إلى الأسواق".
وأشار نصر الدين إلى أن" الأزمة الراهنة في الوقود نشطت خلالها السوق السوداء، وباتت تحتكر الوقود نتيجة انحسار الكميات المتوافرة، إذ كان يباع غالون الوقود في الولايات الآمنة الواقعة تحت سيطرة الجيش بسعر 18 ألف جنيه (ما يعادل 5.14 دولار)، ومع ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية إلى 3500 جنيه مقابل واحد دولار أميركي أصبح يباع بنحو 25 ألف جنيه سوداني (ما يعادل 7.14 دولار)".
من جانبه يرى المتخصص في مجال الاقتصاد عبدالوهاب جمعة أن "زيادة سعر الوقود في الخرطوم وبعض الولايات جاءت بناء على رغبة الشركات الموردة بسبب سعر الصرف للجنيه السوداني في السوق الموازية، مما أدى إلى إحجامها، في وقت توقف الناتج المحلي بسبب الاستهداف المتكرر لمصفاة الجيلي للنفط من قبل قوات الدعم السريع".
وأوضح جمعة أن "الزيادة ستنعكس حتماً على المواطنين خصوصاً في جانب خدمات النقل بصورة عامة، وبخاصة المركبات السفرية من خلال زيادة قيمة التذكرة في ظل العودة الطوعية غير المسبوقة للمواطنين".
ونبه المتخصص الاقتصادي إلى أن "هناك توقعات بأن زيادة أسعار الوقود لن تتوقف عند هذا الحد مع احتمالية صعود سعر الدولار الواحد مقابل الجنيه قبل نهاية العام إلى نحو 4 آلاف جنيه".