من أعماق المحيط.. اكتشاف يفتح الباب لعصر جديد من طول العمر
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
تطورات جديدة في بشأن انقطاع الكهرباء بنهر النيل وأجزاء من الخرطوممتابعات – نبض السودان
في اكتشاف قد يُغيّر مستقبل البشرية، أعلن فريق من العلماء في جامعة روتشستر الأمريكية عن حل لغز وراثي مذهل في الحمض النووي (DNA)، يُمكن أن يُمهد الطريق نحو إطالة عمر الإنسان لمئات السنين. الاكتشاف الذي نشرته صحيفة "ديلي إكسبرس" البريطانية وصفه الباحثون بأنه طفرة علمية غير مسبوقة قد تُعيد تعريف حدود حياة الإنسان الطبيعية
الحوت الذي يحمل سر الخلود
الاختراق العلمي بدأ عندما قرر العلماء دراسة الحوت ذو الرأس المقوس، أطول الثدييات عمرًا على كوكب الأرض، والذي يُمكنه العيش أكثر من 200 عام في البيئات المتجمدة بالمحيط المتجمد الشمالي. وبعد تحليل الحمض النووي لهذا الكائن المذهل، وجد الباحثون أن سر مقاومته للشيخوخة وللأمراض الخبيثة يكمن في بروتين نادر يُعرف باسم (CIRBP)، أو "بروتين ربط الحمض النووي الريبي القابل للتحريض بالبرودة"
بروتين خارق يقاوم السرطان ويُصلح الخلايا
هذا البروتين الفريد، بحسب الدراسة، يُساعد الحيتان على إصلاح الحمض النووي التالف ومنع ظهور الطفرات الجينية التي قد تؤدي إلى السرطان أو الشيخوخة المبكرة. والأكثر إثارة أن الفريق العلمي تمكن من إضافة البروتين إلى الخلايا البشرية داخل المختبر، ليكتشفوا أن هذه الخلايا بدأت في إصلاح نفسها بدقة أعلى وبمعدل أسرع
بل إن التجارب امتدت إلى ذباب الفاكهة، حيث لاحظ العلماء أن إضافة البروتين إلى خلاياها أدى إلى إطالة أعمارها بشكل ملحوظ، مما أثار احتمال أن يكون هذا البروتين هو المفتاح لإبطاء عملية الشيخوخة عند البشر أيضًا
العلماء: يمكننا العيش أطول بكثير من المتوقع
قائدة الفريق البحثي، البروفيسورة فيرا غوربونوفا، قالت في تصريحاتها: "تُظهر نتائجنا أن العيش لفترة أطول من متوسط عمر الإنسان الحالي ليس مستحيلًا". وأشارت إلى أن هذا الاكتشاف قد يُغير المفهوم البيولوجي حول حدود حياة الإنسان الطبيعية
درجات الحرارة المنخفضة تعزز طول العمر
ومن المثير أن الباحثين اكتشفوا أيضًا، بالتعاون مع علماء في ألاسكا، أن درجات الحرارة المنخفضة تُحفز إنتاج بروتين CIRBP، ما قد يعني أن بعض العادات البسيطة مثل الاستحمام بالماء البارد أو التعرض لدرجات حرارة منخفضة يمكن أن تُنشط هذا البروتين داخل جسم الإنسان
غوربونوفا أوضحت أن الفريق يدرس الآن استراتيجيات لزيادة نشاط هذا البروتين في الجسم البشري بطرق طبيعية أو دوائية، مؤكدة أن الخطوة المقبلة ستكون في اختبار فعالية البروتين على الثدييات الأصغر والأقصر عمرًا
مفارقة "بيتو" تُفسَّر أخيرًا
لطالما حيّر العلماء سؤال: لماذا لا تُصاب الكائنات الضخمة بالسرطان رغم امتلاكها لمليارات الخلايا المنقسمة؟ هذه المعضلة تُعرف علميًا باسم مفارقة بيتو (Peto’s Paradox). لكن الدراسة الجديدة قدمت تفسيرًا مقنعًا: حيتان الرأس المقوسة تُنتج طفرات أقل مُسببة للسرطان بفضل بروتين CIRBP الذي يعمل كدرع جزيئي يحمي خلاياها من التلف
إصلاح الحمض النووي… سر بقاء الحياة
يُعدّ تلف الحمض النووي أخطر ما يواجه الخلايا الحية، لأنه يُسبب تشوهات جينية قد تؤدي إلى أمراض قاتلة. لكن لدى الحيتان القدرة على إصلاح هذا التلف بسرعة وكفاءة تفوق الإنسان بمراحل، ما يجعل حمضها النووي أكثر استقرارًا ويدعم بقاءها لعقود طويلة دون أمراض خبيثة
من البحر إلى الإنسان… رحلة البحث عن الخلود
الخطوة التالية في البحث ستكون اختبار ما إذا كان بروتين CIRBP يمكنه العمل داخل أجسام الثدييات الصغيرة بالطريقة ذاتها، وهو ما قد يُشكل حجر الأساس في تطوير علاجات تطيل عمر الإنسان وتؤخر الشيخوخة لقرون قادمة. وإذا نجحت هذه التجارب، فقد يكون العالم أمام ثورة بيولوجية تُعيد تعريف معنى الشيخوخة والحياة
العلماء يحذرون: الطريق لا يزال طويلاً
ورغم التفاؤل الكبير، شدد الباحثون على أن هذه النتائج لا تزال في مراحلها المبكرة، وأن تطبيقها على البشر يتطلب سنوات طويلة من الأبحاث والتجارب السريرية. فحتى الآن، تبقى الفكرة مجرد تصور نظري مبني على نتائج مختبرية محدودة، لكنها بالتأكيد تُفتح الباب أمام جيل جديد من العلوم البيولوجية
نحو عصر جديد من التحكم في الشيخوخة
إذا تأكدت فعالية بروتين CIRBP في المستقبل، فإن هذا الاكتشاف قد يفتح الباب أمام أدوية وعلاجات تبطئ الشيخوخة وتُقلل خطر السرطان، بل وقد تُعيد تصميم مفهوم "العمر الطبيعي للإنسان" إلى مئات السنين. إنها الخطوة الأولى نحو ما كان يُعدّ سابقًا من الخيال العلمي: الإنسان الخالد