اخبار السودان

أثير نيوز

سياسة

أوقفوا العبث .. بقلم: محجوب أبوالقاسم

أوقفوا العبث .. بقلم: محجوب أبوالقاسم

klyoum.com

لم تعد الحرب في السودان تقتلنا في ميادين القتال فحسب بل امتدت شظاياها إلى تفاصيل حياتنا اليومية وفرضت علينا مظاهر عبثية تقودنا إلى الهلاك ببطء فمن لم يمت في الحرب قد يموت بطلقة طائشة في عرس أو مناسبة اجتماعية،الحرب التي مزقت البلاد وشتتت العباد أفرزت واقعا مقلقا يتمثل في انتشار السلاح بشكل غير مسبوق بين أيادي المدنيين ليتحول من وسيلة للدفاع إلى أداة للفوضى والموت المجاني.

وطالما ارتبطت بعض المناسبات في السودان خاصة الأفراح بطقوس إطلاق النار في الهواء تعبيرا عن البهجة وكانت قديما تستخدم البنادق التقليدية مثل "الخرطوش" وتؤدي هذا الدور المحدود، أما اليوم فقد دخلت على الخط أسلحة الحرب الثقيلة الكلاش والجيم فيستخدمها عسكريين ومدنيين على السواء دون وازع من عقل أو قانون.

في الأيام القليلة الماضية ودعت مدن سودانية أرواحا بريئة سقطت برصاص طائش خلال حفلات زفاف واحتفالات اجتماعية ماسي تتكرر بلا توقف رصاصة واحدة كفيلة بتحويل الفرح إلى مأتم والضحك إلى بكاء والفرح الى حزن.

ما نراه ليس مجرد انفلات أمني بل فوضى تهدد السلم المجتمعي وتنذر بكارثة إن لم يتم تداركها بسرعة فهل يعقل أن نفجع يوميا بأخبار من هذا النوع بينما السلطات تكتفي بالمناشدات والتوجيهات التي لا تجد من ينفذها أو يراقب تنفيذها.

صحيح أن بعض الولايات أصدرت في الآونة الأخيرة توجيهات بمنع حمل السلاح في أوساط المدنيين وحظرت إطلاق النار في المناسبات الاجتماعية لكن المشكلة لم تكن أبدا في إصدار القرارات بل في غياب الحسم والمتابعة والمحاسبة فغياب تطبيق القوانين وتراجع هيبة الدولة جعل من السلاح سيفا مسلطا على رقابنا جميعا يتجول بين الأحياء والأسواق والمناسبات بحرية تامة دون رقيب أو حسيب.

ما يحدث اليوم في السودان هو عبث كامل وطن ينزف من جراح الحرب وأبناء يقتلون أبناءهم في المناسبات دون قصد ولكن أيضا دون وعي أو رادع ، لذلك لا بد من وقفة حاسمة ومن الاهمية إنفاذ القانون ومحاكمة كل من يخالفه أي كان موقعه أو صفته لا يمكن لأي دولة أن تنهض وتستقر دون تطبيق صارم للقانون فالفوضى لا تبني وطنا بل تهدم ما تبقى منه.

نعم الحرب خلفت واقعا مؤلما لكنها ليست مبرر لترك الأمور تنزلق إلى هذه الهاوية، المطلوب الآن أكثر من مجرد توجيهات المطلوب هو قرار حازم وإرادة أمنية صلبة ومجتمع مدني واعي بدوره وإعلام لا يكف عن دق ناقوس الخطر.

السكوت عن هذا العبث هو جريمة وغض الطرف عن رصاص المناسبات جريمة أكبر فهل سننتظر حتى نحصد المزيد من الأرواح البريئة أم أننا سنتحرك ونقول كفى؟

ولنا عودة…

29 يونيو 2025م

*المصدر: أثير نيوز | atheernews.net
اخبار السودان على مدار الساعة