السماء تمطر مانجو في السودان .. سوق يُغلق بسبب ‘أمطار فاكهية
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
البرهان يعين كامل إدريس رئيسا لحكومة السودانفي مشهد نادر ومليء بالطرافة، عاشت مدينة قيسان، الواقعة جنوب شرق ولاية النيل الأزرق السودانية، لحظات غير مألوفة بعدما اجتاحت عاصفة قوية محمّلة برياح نشطة أجواء المدينة، متسببة في تساقط كميات كبيرة من ثمار المانجو على رؤوس المتسوقين والمارة.
هذا الحدث غير المتوقع دفع السلطات المحلية إلى إغلاق السوق الشعبي مؤقتًا في خطوة وُصفت شعبيًا بأنها “لأسباب فاكهية قاهرة”.
المواطنون والتجار لم يتمالكوا أنفسهم من الدهشة، إذ تحولت العاصفة إلى ما يشبه مهرجانًا استوائيًا، حيث تساقطت المانجو بكثافة من الأشجار المحيطة، ما خلق مشهدًا عبقًا برائحة الفاكهة الزكية وسط ألوانها الزاهية التي غمرت السوق.
ورغم غياب الإصابات الخطيرة، جاء قرار الإغلاق كإجراء احترازي أثار موجة من التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وسط هذا الحدث الغريب، لجأ البعض إلى الاحتماء بالمظلات، بينما احتفل آخرون بسقوط المانجو باعتباره رزقًا مفاجئًا من السماء. وسرعان ما انتشرت الصور والمقاطع المصورة التي وثقت الموقف، لتنهال التعليقات الطريفة التي مزجت السخرية بالدهشة، حيث اعتبر البعض أن المانجو لم تحتمل الانتظار فاختارت السقوط بنفسها.
ولاية النيل الأزرق تُعد واحدة من أبرز مناطق إنتاج المانجو في السودان، الذي يحتل المركز الثاني عربيًا في إنتاج هذه الفاكهة، بفضل المناخ الملائم والتربة الخصبة، وامتداد الموسم الزراعي لنحو عشرة أشهر سنويًا. وتنتشر أشجار المانجو على أكثر من 700 ألف فدان، وتنتج البلاد ما يقارب مليون طن سنويًا من 36 صنفًا مختلفًا، فيما تُعد الفترة من ديسمبر إلى مارس موسم التصدير الأهم للثمار عالية الجودة.
ورغم هذه الوفرة، يواجه قطاع المانجو تحديات كبيرة تعيق تطوره، أبرزها ضعف البنية التحتية وسوء نظم التسويق والتخزين والتصدير، ما يؤدي إلى تلف كميات ضخمة من الإنتاج تُستخدم أحيانًا كعلف للحيوانات. محاولات فردية من بعض المستثمرين لإنشاء مزارع حديثة لم تُكتب لها الاستمرارية، إذ اصطدمت بعوائق مثل انقطاع الكهرباء وشح المياه وتصاعد النزاعات، ما أدى إلى توقف الكثير من المشاريع الزراعية الواعدة.
تقع مدينة قيسان على بعد نحو 178 كيلومترًا من مدينة الدمازين، وتفصلها حوالي 550 كيلومترًا عن الخرطوم، وتتميز بموقعها الحدودي مع إثيوبيا. وتشتهر بوفرة أشجار المانجو التي تنتشر بكثافة في أحيائها وأسواقها، مستفيدة من المياه القادمة عبر خور تمت، أحد روافد النيل الأزرق التي تنبع من المرتفعات الإثيوبية، ما يمنح المنطقة طابعًا استوائيًا فريدًا.
ورغم الطابع الكوميدي للحادثة، فإنها سلّطت الضوء على واقع زراعي يعاني من الإهمال رغم غناه بالموارد. وما بدا وكأنه لوحة ساخرة لم يكن مجرد لحظة عبثية، بل مؤشر حقيقي على الحاجة إلى إصلاح شامل للقطاع الزراعي واستثمار الثروات الطبيعية التي يمكن أن تتحول من فاكهة ساقطة إلى مورد اقتصادي حقيقي ينعش البلاد.