إثيوبيا تحرك المياه الراكدة في ملف سد النهضة بشكل غير متوقع
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
أبو قمرة بشمال دارفور.. وردنا الآنمتابعات- نبض السودان
في تطور جديد يعيد ملف سد النهضة إلى الواجهة من جديد، أعلنت الحكومة الإثيوبية استعدادها الكامل للدخول في مفاوضات جادة ومسؤولة مع كل من مصر والسودان، مؤكدة رغبتها في تعزيز التعاون وبناء الثقة بين دول حوض النيل الشرقي. وجاء هذا الموقف في بيان رسمي أصدرته أديس أبابا ردًا على التصريحات الأخيرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات أسبوع القاهرة للمياه.
إثيوبيا تتابع تصريحات السيسي باهتمام بالغ
وأشار البيان إلى أن إثيوبيا "تتابع باهتمام بالغ" كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تناولت بشكل واضح قضية مياه النيل وسد النهضة، حيث شدد خلالها على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يحفظ حقوق جميع الأطراف ويمنع أي مساس بالأمن المائي لمصر والسودان. وأكدت الحكومة الإثيوبية في ردها أنها تقدر الحوار الدبلوماسي وتعتبره الطريق الأمثل لتجاوز الخلافات القائمة بشأن تشغيل وملء السد.
تصريحات تعكس مراوغة إثيوبية جديدة
ورغم نبرة الانفتاح التي حملها البيان، إلا أن المراقبين وصفوا الموقف الإثيوبي بأنه استمرار لسياسة المراوغة الدبلوماسية التي تتبعها أديس أبابا منذ بدء الأزمة، حيث جاء في البيان أن "استخدام النهر يهدف إلى تحقيق التنمية لشعب إثيوبيا دون أن يلحق ضررًا ملموسًا بدول الجوار"، وهي عبارة تتكرر في الخطاب الإثيوبي الرسمي منذ سنوات، ما يعكس تمسكها برؤيتها المنفردة لإدارة الموارد المائية المشتركة.
النيل مورد مشترك لا يحتكر
وأكد البيان الإثيوبي أن نهر النيل ليس ملكًا لدولة واحدة، بل هو مورد مشترك يجب أن يكون مصدرًا للتعاون بين شعوب المنطقة لا سببًا للخلاف. وأضافت أديس أبابا أن مشروع سد النهضة يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية والطاقة لملايين الإثيوبيين، في الوقت الذي تؤكد فيه مصر أن السد يشكل تهديدًا وجوديًا لأمنها المائي.
استعداد إثيوبي لمفاوضات "دون شروط مسبقة"
وفي لهجة دبلوماسية، أعلنت إثيوبيا استعدادها الكامل للدخول في مفاوضات جادة ومسؤولة مع دولتي المصب – مصر والسودان – لتعزيز التعاون وتبادل المنافع، مشددة على ضرورة أن تُجرى هذه المفاوضات دون فرض أي شروط مسبقة، في إشارة إلى رفضها المطالب المصرية المتكررة بالتوقيع على اتفاق قانوني شامل وملزم.
القاهرة والخرطوم بين الحذر والترقب
ويأتي هذا البيان في وقت تتزايد فيه الدعوات الإقليمية والدولية إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ أكثر من عامين، حيث فشلت جولات التفاوض السابقة التي رعتها الاتحاد الإفريقي في التوصل إلى اتفاق يرضي الأطراف الثلاثة. وتترقب القاهرة والخرطوم بحذر مدى جدية إثيوبيا في هذه المرة، خصوصًا بعد ما وصفته مصادر مصرية بـ"تكرار الوعود دون تنفيذ حقيقي".
رسائل متبادلة وتوازن دبلوماسي
ويرى مراقبون أن البيان الإثيوبي يمثل محاولة جديدة لتخفيف الضغوط الدولية على أديس أبابا، خاصة بعد أن جدد الرئيس السيسي خلال كلمته التأكيد على تمسك مصر بحقوقها التاريخية في مياه النيل. كما يُعد هذا الموقف محاولة لإظهار إثيوبيا كطرف راغب في الحل السلمي، رغم تمسكها بمواصلة عمليات تشغيل السد دون اتفاق نهائي.
أزمة السد بين التصعيد والتهدئة
ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تحركات دبلوماسية مكثفة لإعادة إحياء مسار المفاوضات، خصوصًا في ظل تزايد الدعوات من الاتحاد الإفريقي وعدد من الدول العربية والغربية للوصول إلى تسوية عادلة. ورغم إعلان أديس أبابا استعدادها للحوار، إلا أن التجارب السابقة تؤكد أن الموقف الإثيوبي غالبًا ما يتسم بالمناورة السياسية وكسب الوقت، ما يجعل المفاوضات المقبلة اختبارًا حقيقيًا لمدى التزامها بالحلول السلمية.
مستقبل غامض لمفاوضات سد النهضة
ومع بقاء الخلافات الجوهرية حول قواعد الملء والتشغيل وتقاسم الموارد، لا يزال ملف سد النهضة يمثل واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في القارة الإفريقية، خاصة في ظل تمسك كل طرف بموقفه السيادي. وبينما تؤكد مصر والسودان أن الأمن المائي قضية وجودية لا تقبل التهاون، تصر إثيوبيا على اعتبار السد مشروعًا سياديًا لا يخضع لأي وصاية خارجية.
وفي انتظار الخطوة التالية، يبقى السؤال مطروحًا: هل ما أعلنته إثيوبيا هذه المرة هو بداية لانفراجة حقيقية في الأزمة، أم مجرد بيان سياسي جديد في إطار سلسلة المراوغات المعتادة؟