مصر والسودان: شركاء في الألم والأمل
klyoum.com
أخر اخبار السودان:
الجيش السوداني يعلن صد هجوم عنيف لقوات الدعم السريع على الفاشر غربي البلادمصر والسودان: شركاء في الألم و الأمل
بقلم : عمادالدين السنوسي
في لحظة فارقة من تاريخ السودان، حيث تتقاطع الأزمات السياسية والإنسانية والأمنية، تبرز مصر كفاعل إقليمي رئيسي لا يكتفي بالمراقبة، بل ينخرط بفاعلية في دعم مؤسسات الدولة السودانية، انطلاقًا من روابط الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك.
منذ اندلاع الحرب في السودان، لم تتأخر القاهرة في إعلان موقفها الثابت: دعم وحدة السودان، سيادته، وسلامة مؤسساته الوطنية، وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية.
هذا الموقف لم يكن مجرد تصريح دبلوماسي عابر، بل تجسد في زيارات متكررة للمسئوليين المصريين واخرهم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى بورتسودان، حيث اجرى لقاءات مباشرة مع رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، حيث تم التأكيد على استعداد مصر للمساهمة في جهود وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم الإنساني، والمشاركة في إعادة الإعمار.
وأيضا يتجاوز الدور المصري البعد السياسي. فمصر، التي استقبلت أكثر من مليون ومئتي ألف سوداني منذ اندلاع الحرب، فتحت أبوابها للنازحين، وقدّمت تسهيلات في التعليم، الصحة، والإقامة، في مشهد يعكس عمق الروابط الشعبية بين البلدين.
كما تعمل القاهرة على نقل خبراتها في مجالات الاستثمار، الكهرباء، والمياه، وتستعد شركاتها للدخول في مشاريع إعادة الإعمار، بما يعزز من قدرة السودان على استعادة عافيته الاقتصادية.
في المحافل الدولية، لم تغب مصر عن الدفاع عن السودان، سواء في اجتماعات الرباعية أو داخل الأمم المتحدة، حيث شددت على ضرورة احترام وحدة السودان ورفض التدخلات الخارجية، مؤكدة أن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر والمنطقة.
هذا الدور المصري لا يُقرأ فقط من زاوية الجوار الجغرافي، بل من منطلق المسؤولية التاريخية. فالسودان ليس مجرد جار، بل شريك في نهر النيل، وفي الثقافة، وفي التحديات.
ومصر، التي خبرت أزمات مشابهة، تدرك أن دعم مؤسسات الدولة هو السبيل الوحيد لمنع الانهيار، والحفاظ على وحدة الأرض والشعب.
في ظل هذا المشهد، تبدو القاهرة وكأنها تقول للسودان: لسنا مجرد مراقبين، بل نحن شركاء في الألم، وفي الأمل. وإذا كان السودان يمر بمرحلة حرجة، فإن مصر اختارت أن تكون في صفه، لا من باب المجاملة، بل من باب الواجب.
الدعم المصري للسودان ليس فقط ضرورة سياسية، بل هو تعبير عن رؤية استراتيجية ترى في استقرار السودان ضمانًا لاستقرار الإقليم بأكمله. وفي زمن تتعدد فيه الأجندات، يبقى الموقف المصري واضحًا: السودان أولًا، الدولة أولًا، الإنسان أولًا.