الطويل توضح أبعاد الدور الأمريكي في أزمة السودان
klyoum.com
متابعات – نبض السودان
كشفت الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة في الشؤون الأفريقية، عن محددات التأثير الأمريكي في المنطقة، مؤكدة أن الأزمة السودانية أظهرت حدود قدرة واشنطن على استيعاب ديناميات البحر الأحمر، الذي يشهد تنافسًا عسكريًا واقتصاديًا متصاعدًا في السنوات الأخيرة. وأوضحت أن السودان يمثل نقطة ارتكاز استراتيجية في المعادلة البحرية الممتدة من قناة السويس إلى باب المندب، وأن أي اضطراب فيه ينعكس مباشرة على مسارات التجارة العالمية.
وأشارت الطويل في تحليلها إلى أن هذه الحقيقة تجعل من السودان ملفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، التي طرحته منذ اللقاءات المبكرة بين الفريق عبد الفتاح البرهان ومسعد بولس في سويسرا. وأضافت أن الموقف السوداني السلبي تجاه المقاربة الأمريكية الأخيرة يكشف أن فاعلية الدور الأمريكي تتطلب إعادة بناء مقاربة شاملة تتجاوز أدوات الضغط التقليدية التي لم تعد مناسبة للسياق الراهن.
وشددت على أن أي مقاربة جديدة يجب أن تستند إلى إعادة هندسة البيئة الإقليمية المحيطة بالصراع، عبر ترتيبات صارمة لوقف تدفق السلاح، وإطلاق آلية دولية للتحقق الميداني تضم مراقبين بصلاحيات واضحة تقدم تقارير دورية إلى مجلس الأمن، مع ربط أي انتهاك بإجراءات قابلة للتنفيذ. وأكدت أن تقليص نفوذ اقتصاد الحرب يعد شرطًا أساسيًا لبدء أي عملية سياسية، مشيرة إلى أن البحر الأحمر يشكل محورًا لتجفيف مصادر التمويل من خلال مراقبة تهريب الذهب والنفط وفرض عقوبات على الشبكات الوسيطة.
ورأت الطويل أن دمج السودان في الاستراتيجية الأمريكية للبحر الأحمر والمحيطين الهندي والهادي أصبح ضرورة، باعتباره نقطة اتصال في شبكة أمن الملاحة العالمية، وليس مجرد ملف إنساني أو سياسي. ويتطلب ذلك وجودًا استثماريًا أمريكيًا أكبر في الموانئ والبنية التحتية، إلى جانب تعاون مستمر مع الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر.
وأكدت أن مستقبل الدور الأمريكي في السودان مرهون بقدرة واشنطن على التعامل مع أربعة تحديات رئيسية:
– ضبط تدفق السلاح.
– تجفيف اقتصاد الحرب.
– إدارة التحالفات الإقليمية بصورة رشيدة.
– بناء مسار سياسي سوداني يستند إلى دور مدني حقيقي.
وأضافت أن الفشل في تحقيق هذا التوازن سيجعل السودان ساحة مفتوحة للتنافس الدولي، وربما تتحول الحرب إلى صراع ممتد يعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة.
واختتمت الطويل تحليلها بالتأكيد على أن السودان ليس مجرد اختبار للسياسة الأمريكية، بل نقطة قياس لتحولات النظام الدولي نفسه. فالقدرة الأمريكية على استيعاب هذه اللحظة المعقدة محليًا وإقليميًا ودوليًا ستحدد ليس فقط مستقبل الصراع في السودان، وإنما شكل حضور واشنطن في الجنوب العالمي خلال العقد القادم.