سرقة اللوفر تكشف عن ثغرات أمنية فاضحة تهز فرنسا

متابعات- نبض السودان

بدأت خيوط واحدة من أخطر عمليات السرقة في تاريخ المتاحف العالمية تتكشف تدريجيًا، بعدما تعرض متحف اللوفر في باريس لسرقة مدوية كشفت عن ثغرات أمنية خطيرة داخل أروقته، مما أثار صدمة واسعة في الأوساط الثقافية والسياسية الفرنسية.

تقرير صادم لمحكمة الحسابات الفرنسية

ووفق تقرير أولي صادر عن محكمة الحسابات الفرنسية، وهي هيئة مستقلة لمراقبة الحسابات العامة وإدارة الأموال، فإن أنظمة المراقبة في اللوفر تعاني من تأخيرات واضحة في التحديث وضعف تقني كبير، ما فتح الباب أمام ثغرات غير متوقعة استغلها لصوص محترفون في تنفيذ العملية الجريئة.

وأشار التقرير إلى أن نقص الكاميرات وتراخي الصيانة الأمنية كانا من أبرز أسباب نجاح السرقة، في حين أبدت المحكمة استياءها من ضعف الإرادة الإدارية لتدارك الخلل، رغم الميزانية الضخمة التي يحصل عليها المتحف سنويًا، والتي تبلغ 323 مليون يورو.

سبع دقائق قلبت تاريخ اللوفر

وبحسب موقع “فرنسا إنفو”، فإن السرقة وقعت في قاعة أبولون داخل قسم 'دينون'، حيث نفذ اللصوص العملية باستخدام شاحنة رفع مخصصة للنقل الثقيل أثناء النهار، في خطوة جريئة أثارت دهشة السلطات، إذ لم تستغرق العملية سوى سبع دقائق فقط قبل أن يفرّ منفذوها دون أن يتم التعرف عليهم حتى الآن.

وأفادت مصادر أمنية فرنسية بأن المشتبه بهم استخدموا بطاقات دخول مزيفة وأنظمة تشويش على الإشارات اللاسلكية لتعطيل أجهزة الإنذار خلال تنفيذ السرقة، في وقت ما تزال فيه التحقيقات جارية وسط غموض حول هوية المسروقات وقيمتها الحقيقية.

ثلث غرف اللوفر بدون كاميرات

التقرير الذي سيصدر رسميًا في نوفمبر المقبل أشار إلى أن الوضع الأمني داخل المتحف كارثي، إذ إن ثلث الغرف في قسم 'دينون'، الذي يضم لوحة الموناليزا الشهيرة، لا تحتوي على أي كاميرات مراقبة، بينما يخلو قسم 'ريشليه' من أنظمة تصوير في ثلاثة أرباع قاعاته.

وخلال السنوات الخمس الماضية، لم يتم تركيب سوى 138 كاميرا إضافية فقط، ما جعل أقل من ثلث غرف المتحف مراقبة فعليًا، وهو رقم يثير القلق بالنظر إلى حجم المتحف الذي يضم أكثر من 380 ألف قطعة أثرية من مختلف الحضارات.

غضب رسمي وانتقادات لاذعة

أبدت محكمة الحسابات في تقريرها امتعاضًا من بطء إدارة اللوفر في تنفيذ خطط الأمان، معتبرة أن “الميزانيات المرصودة لا تنعكس على أرض الواقع”، في حين تساءل مراقبون عن كيفية السماح بحدوث سرقة بهذا الحجم في أكثر المتاحف حراسة في العالم.

مشروع “اللوفر النهضة الجديدة”

وردًا على الانتقادات، أكد رئيس متحف اللوفر أن إدارة المتحف أطلقت منذ يناير الماضي مشروعًا شاملاً بعنوان 'اللوفر النهضة الجديدة'، يهدف إلى تعزيز الإجراءات الأمنية وتحديث منظومة المراقبة، إضافة إلى إعادة تأهيل بعض القاعات والممرات لضمان حماية التراث الفني.

وأشار إلى أن المشروع يتضمن تركيب مئات الكاميرات الجديدة وتوظيف أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة لمتابعة التحركات داخل المتحف بشكل لحظي، مع إعادة تدريب فرق الأمن الداخلي على التعامل مع السيناريوهات الطارئة.

تساؤلات حول مصير المقتنيات المسروقة

ورغم الإجراءات الطارئة التي اتخذتها السلطات الفرنسية، لا يزال الغموض يلفّ مصير المقتنيات المسروقة من قاعة أبولون، وسط تكهنات بأن العملية منظمة بدقة وقد تكون مرتبطة بشبكات تهريب فني دولية، خصوصًا مع تشابه الأسلوب مع سرقات شهيرة حدثت في متاحف أوروبية خلال العقد الأخير.

صدمة في الأوساط الثقافية

وتفاعل الشارع الفرنسي والعالمي مع الحادثة بقلق كبير، إذ تُعد السرقة ضربة موجعة للذاكرة الثقافية والهوية التاريخية لفرنسا، خاصة أن اللوفر يُعتبر رمزًا وطنيًا ومقصدًا سياحيًا عالميًا، يستقبل أكثر من 10 ملايين زائر سنويًا من مختلف دول العالم.

دعوات لمراجعة المنظومة الأمنية بالكامل

وطالب عدد من البرلمانيين الفرنسيين بفتح تحقيق عاجل في أداء إدارة المتحف والأجهزة الأمنية، مؤكدين أن “حادثة اللوفر يجب أن تكون جرس إنذار” لمراجعة منظومة الأمن في كل المتاحف الفرنسية، وتفعيل الرقابة التقنية الدائمة على المخازن والمعارض الحساسة.