محجوب مدني: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)

محجوب مدني محجوب

هذه العبارة المشهورة الخاصة بعلم الحديث:

( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) دائما ما ترد في سياق كتب الحديث الشريف، فمثلا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك …) الحديث.

فهذه الكلمات الواردة في الحديث الشريف، وإن كانت موجهة لابن عباس رضي الله عنهما إلا أنها لا تخصه وحده، فهي نصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعموم المسلمين ف(العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).

بمعنى أن العبرة بعموم لفظ الحديث لا بخصوص مناسبته الخاصة بابن عباس رضي الله عنهما، وبالتالي فوفقا لهذه القاعدة  فالحديث عام لكل المسلمين يسترشدون به ليس خاصا بابن عباس رضي الله عنهما وحده.

ووفقا لمعنى ومدلول هذه القاعدة ورد خبرا ملفقا من مصدر إسرائيلي ينعت فيه الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة بأنه (جاسوس) يعمل لحساب العدو الإسرائيلي، ونحن نربأ به من أن يكون هذا الخبر صحيحا في حق الفريق ولا ينبغي أن يلتفت إليه.

وليس هذا هو الأمر الملفت في الخبر الملفق.

إنما الملفت في الخبر هو  ذكر كلمة (جاسوس) على من يتعاون مع إسرائيل، فلم يقل عنه مثلا (متعاونا) ولم يقل عنه (سفيرا للنوايا الحسنة) ولم يقل عنه (وسيطا استراتيجيا للعلاقات بين الدول) وغيرها من العبارات التي عادة ما تطلق على من يلعب دورا في خلق وتحسين العلاقات بين الدول.

فالملفت حقا هو أن الكلمة التي وردت في حق من يقيم علاقات مع إسرائيل هي كلمة ( جاسوس) فما أصدقها من كلمة!! وما أقواه من تعبير!

حقا من يقيم علاقات مع إسرائيل سواء مع بلده أو مع جهات أخرى لا بد أن يوصف ب(الجاسوسية).

كم هي هذه الكلمة معبرة!

فهي أكدت وأثبتت لدرجة اليقين الفصل بين  النزاهة والخيانة.

أكدت الفصل بين الرجل الوطني والرجل الخائن.

بل أكدت الفصل بين الرجل المسلم وغير المسلم.

فبعد هذا الاعتراف من إسرائيل نفسها بأن من يذلل لها أي عقبة أمام تمددها في علاقاتها في أفريقيا وتوصفه ب( الجاسوسية)، فلا يأتي أحد بعد ذلك وينشئ علاقة مع إسرائيل، ويقوم بوصفها بأي وصف آخر غير وصف ال(جاسوسية) وذلك لثبوت هذا الوصف من  إسرائيل نفسها صاحبة الخدمة التي قدمت لها.

الحمد لله أن لفظة (جاسوسية) هذه اللفظة الغارقة في الدناءة والخسة وسوء الأصل لم يطلقها  المسلمون الذين يتأذون غاية الأذى ممن (يتعاون) من بني جلدتهم مع هذا العدو الإسرائيلي.

الحمد لله أنها وردت بلسان العدو الإسرائيلي نفسه.

وعليه فليعلم كل من يتعاون مع إسرائيل أنه ( جاسوس) بشهادة إسرائيل نفسها.

وإن حاول أن يطلق على تعامله معها اسما آخر تغطية وسترا وحجابا، فها هو العدو يطلقها صراحة حتى لا ينخدع أو يخدع غيره كل من يتعامل مع هذا العدو.

فيا من تتعامل مع العدو الإسرائيلي تعامل كما شئت فقط تأكد بأنك جاسوس، فأنعم بها من صفة!!

وأنعم بها من خلق!!