الروائي محمد الأمين مصطفى في حواره مع (براحات ):

الكثير من الكتّاب الجدد هزمتهم  قلة الإمكانيات التي لم توفرها الدولة..

يحتاج الروائي إلى قاعدة بيانات ضخمة لذاكرته

كلما كان المعين المعرفي للكاتب ممتلئا ، كانت روايته أكثر عمقا وتأثيرا  ..

حاورته : سناء محمد النعمة

محمد الأمين مصطفى روائي صدرت له الكثير من الأعمال الروائية أولها (ألم القطاطي) التي صدرت في العام ٢٠١٥ م و تلتها رواية ( ورشة داليانس ) والتي صدرت عام ٢٠١٩م ثم  رواية (العنتيل) التي تم نشرها الكترونيا عام ٢٠٢٠م واخيرا رواية (مال قلبي ) التي نالت مؤخراً جائز الطيب صالح.(براحات ) وعبر الحوار التالي تتناول معه محاور عديدة عن هموم الكتابة بشكل عام:-

* حبذا لو تعرف القارئ بك؟

=   ولدت في مدينة سبها بليبيا عام 1977م  أتيت مع الأسرة ولم أبلغ السادسة من عمري فكانت النشأة ما بين قرية والدي التي تسمى (ملولحة) بالقرب من مدني و بين منطقة بري اللاماب بالخرطوم وهم أهل والدتي.

*كيف كانت بدايتك في الكتابة ؟

= منذ وقت ليس بالقريب اهتممت كثيرا بقراءة القصص وسماعها من الكبار خصوصا القصص التاريخية المتعلقة بتاريخ السودان قبائله وفرسانه وكرم أهله ومعاركه هذا بالاضافه الى حفظي المعقول للسيرة النبوية الشريفة… اعتقد ان هذا أثرى فيني دوافع متعددة الأسباب جعلتني أبدأ الكتابة عام 2014 سبقتها كتابات في صفحات الرأي في الصحف ومقتطفات من هنا  وهناك وخواطر ومشاهد قصصية على اوراق متناثرة ثم صدرت اول إصداراتي الروائية التي حملت عنوان ( ألم القطاطي).

* بمن تأثرت في فن الرواية ولمن تقرأ ؟

= تأثير الصبا الباكر أيام (رجل المستحيل) و(المغامرون الخمسة) …ووقوفنا في صفوف المكتبات لنحظى بنسخة من مجلة ماجد التي تأتي من الخليج في منتصف الاسبوع وروميات ميكي وسمير وعمك تنقو … ثم التأثير والتحول الكبير في ذائقتي الادبية عندما قرأت  للطيب صالح ذلك العبقري الذي قل ان يجود الزمان بمثله وبدأت في القراءة للأدباء المصريين وتأثرت  بيوسف السباعي وإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ .. تحولت قرأتي بعد إصداري لمؤلفاتي على نحو يمكنني من قراءة العالم بكل ثقافاته عن طريق ادبائه وقراءة روايات الكتاب الشباب التي لها أيضا تأثير ووقع  كبير في نفسي.

* دور الرواية في المعالجات المجتمعية؟

= الرواية من الأجناس الادبية الحديثة التي بدأ ظهورها في منتصف القرن  التاسع   وتطورت في العالم العربي بعد ذلك وانتشرت بشكل كبير وهو يعتبر  فنا أدبيا جاذبا وجميلا ويعبر عن الواقع الحياتي للبشرية وينقل لنا تفاصيل الثقافات الأخرى مثل روسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا ،وكان التأثير الأكبر بعد ان تحولت الرواية إلى مسلسلات وافلام ومسلسلات أطفال وصارت تعالج الكثير من القضايا الاجتماعية الراهنة تتنبأ بالمستقبل  ولسان حال المجتمعات الفقيرة وضحايا الحروب ولها في معالجة قضايا المرأة شأن كبير.

*مقاييس نجاح الرواية في تقديراتك ؟

=  من الأسباب الاساسية التي تساعد على نجاح وانتشار  الرواية بعد الموهوبة الإمكانيات ..ومن الصعوبة أن تجد الرواية طريقاً للانتشار بدون إمكانيات تعمل على التنقيح والتحرير والطباعة والنشر والتسويق ..والكثير من الكتاب الجدد هزمتهم  قلة الامكانيات التي يجب ان توفرها الدولة أولا عن طريق الدور الثقافية.. فتجد هؤلاء محدودين في نطاق أضيق من امكانياتهم وأغلب ما يكتبونه حبيس الأدراج والأجهزة .. واذا نظرنا الى النشر الإلكتروني فهو مهم ولكن تظل المطبعة هي التي تعلن عن الرواية واسمها وكاتبها ومن معالم نجاح الرواية هي الانتشار الكبير الذي تحظى به بعض الروايات و الشعبية الواسعة لكتابها …والإبداع هو الذي يفرضها ليس غيره …فنجد موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح و(مائة عام من العزلة) لماركيز وروايات دستو فيكي وغيرها من التي لا يمكن حصرها هنا.

*ماذا يحتاج الروائي كي يبدع ؟

= يحتاج إلى قاعدة بيانات ضخمة لذاكرته ولا يأتي  هذا الا باطلاع واسع على التاريخ والجغرافيا والأنساب بالإضافة الى الخبرة في الحياة وحركة المجتمع من حوله فكل ما كان المعين المعرفي للكاتب ممتلئا كانت روايته أكثر عمقا وتأثيرا وروعة … وقبل كل هذا الموهبة الأدبية الواضحة.

*القيم والتقاليد السودانية في الرواية؟

= الرواية فضاؤها واسع ويحوي قضايا قد تمتد إلى خارج البلاد وكل روايات العالم تتحدث عن قيم كاتبيها وتقاليد بلدانهم … كما فعل الكاتب الكبير نجيب محفوظ  الذي برع في عكس المجتمع المصري وسط الحارات …وكل الروايات التي كتبها السودانيون حملت في طياتها تقاليد المجتمع  و موسم الهجرة إلى الشمال و عرس الزين   يؤكدان ذلك ومئات الروايات لكتاب سودانيين وثقوا قيم وتقاليد البلاد عبر أبطال رواياتهم  وكان ذلك على مر العقود.

* لماذا تعتبر الرواية أهم من الأجناس الأدبية الأخرى في نظرك ؟

= هنالك انتداب مستمر لكتاب الأجناس الادبية الأخرى  إلى الرواية وهذا يؤكد أهميتها بالنسبة للكتاب .،فالرواية عبارة عن تشريح كامل وشامل للقصة المراد سردها وهي تحمل بداخلها الشرح والتشريح والوصف وتعدد الأحداث وكثرة الشخصيات على عكس الأجناس الاخرى التي تحتكم لأطر  لا يمكن الخروج عنها ، بينما الرواية هي الحلقة المطاطية التي تتطوع مرونة واتساعا لما بداخلها  وعبرها يمكن للكاتب إيصال الكثير من المعاني  وتحقيق الكثير من الأهداف  بالاضافة الى كثرة المسابقات الادبية ذات العائد المادي الكبير والمعنوي ايضا.

*كيف يمكن إدهاش القارئ وتحفيزه حتى يكمل النص ويبحث عن الآخر ؟

= هذا ما يسمى بالأسلوب او بصمة الكاتب فكل كاتب له بصمة تختلف عن الآخر وصارت أساليب التشويق كثيرة فمثلا العنوان و جاذبية الغلاف وشدة تأثيره على القارئ بالاضافة الى تكتيك الرواية وطريقة عرض الأحداث وتتابعها واتصالها مع بعضها البعض وكيفية تصاعد الأحداث والأوقات المناسبة التي تحدث فيها المفاجأة وجره إلى نهايات لا يمكن ان يتوقعها ابدا.

*ختاماً ماذا تقول للكتاب الشباب ؟

=  أنصحهم بالقراءة المستمرة والاطلاع و الكتابة دون استعجال وجعل الكتابة أمرا اولياً مهماً وليس اتخاذه هواية في أوقات محددة … أنصحهم بالصبر على الصعوبات التي قد تهزمهم في البدايات. .