شركة المواصلات.. تجاوزات وفساد يزكم الأنوف

تحقيق:خديجة الرحيمة

كشف نائب رئيس غرفة النقل بالخرطوم محمد علي عن وجود فساد في شركة المواصلات العامة، وأتهم في حديثه لـ (الانتباهة) جهات بنهب جميع قطع غيار باصات الولاية، وقال ان جميع المركبات التي نهبت الآن عبارة عن صناديق، وحمل غياب الرقابة على المواقف لإدارة النقل ووزارة البنى التحتية.

ومن جهته كشف منسق لجان المقامة بالشركة نجم الدين أحمد عن سرقة (298) كيلوجراماً منالنحاس من مخازن الشركة، بجانب سرقة لساتك وماكينات، منوهاً بتقديم شكوى لوالي الخرطوم منذ مايو الماضي.

الى ذلك وصف مصدر رسمي بالشركة ــ فضل حجب اسمه ــ السرقات بالمقننة، وقال لـ (الانتباهة)انه لا يمر يوم في الشركة دون سرقة.

أسئلة كثيرة تفرض نفسها منها الى من تتبع شركة المواصلات العامة ومن المسؤول عن ذلك وأين وصلت بلاغات السرقات ولماذا تصمت الجهات ذات الصلة على ذلك؟

وخلال رحلة بحث وتقصٍ خرجت (الانتباهة) بالخطير والمثير، والسطور التالية تحدثنا عن ذلك:

تدهور مستمر

أدى تردي الوضع الاقتصادي بالبلاد لسنوات الى تفاقم الأزمات، وظلت تبعات الوضع الاقتصادي تنعكس بشكل كبير على قطاع المواصلات، الأمر الذي أجبر الكثير على عدم الخروج الا عند الضرورة، وخرجت كثير من المركبات العامة عن العمل جراء أزمة الوقود وارتفاع تكلفة الإسبيرات، وظلت المواصلات تشكل هاجساً للجميع لانعدامها وارتفاع تعرفتها. وعلى الرغم من وجود شركة نقل عامة الا أننا لم نلاحظ وجود مركباتها في المواقف الا بين حين وآخر.

وكشف مصدر بالشركة عن تعطيل أكثر من (800) بص، وقال محمد ضياء الدين انه عندما ذهب ترك (105) مليارات جنيه في الخزانة، والآن الشركة عليها مديونيات.

لم يقف الأمر هنا بل تطور كثيراً بعدما قل عدد مركبات النقل العامة على الرغم من وفرة الوقود، وارتفعت نسبة السرقات في الشركة.تعقيدات كثيرة تتخلل القضية بعد الاتهامات التي تبادلها المسؤولون والعاملون بالشركة.

مصلحة مشتركة

وتكررت السرقات بالشركة أخيراً، ولا يمر يوم بدون سرقة حسب مسؤولين في الشركة.

وكشف منسق لجان المقاومة بالشركة نجم الدين أحمد عن سرقة (298) كيلوجراماً منالنحاسالاسبوع الماضيتقدر قيمتها بأكثر من مليوني جنيه من مخزن الشركة، مع وجود الأمن والسلامة.

وقال أحمد في حديثه لـ (الانتباهة): (تمت سرقة لساتك وماكينات سيارات من قبل، وكون المدير العام لجنة برئاسة المستشار القانوني والمدير الإداري، وعندما حققوا بصورة شفافة طلب منهم التوقف، وعندما رفضوا قام بفصلهم).

وصرح قائلاً:(تقدمت بشكوى للوالي في مايو الماضي بسبب وجود فساد بالشركة، ولدي دلائل على ذلك،وحتى الآن لم اتلق الرد من قبل الوالي، والشخص الذي قام بسرقة النحاس موجود بالشركة ولا يريدونالقاء القبض عليه).

سرقات وفواتير مضاعفة

وبشأن التجاوزات التي تتم داخل الشركة يقول مصدر رسمي ــ فضل حجب اسمه ــ لـ (الانتباهة)إن السرقات بالشركة مقننة، بجانب احتكار الاسبيرات ومضاعفة الفواتير والتأهيل الجزئي للمركبات.وأضاف قائلاً:(عندما ذهب المدير السابق محمد ضياء الدين ترك (105) مليارات جنيه بالخزانة لتأهيل البصات، وهناك (200) بص عاملة بالخطوط، وأصبح عددها الآن(55) بصاً فقط،وتم تأهيل (12) بصاً فقط، والآن الشركة عليها مديونيات).

وأكد وجود فرق كبير في الفواتير من سعر السوق،وقد يصل الفرق في فاتورة واحدة الى مليار و (500) جنيه، وكشف عن ان سعر اللستك في السوق (150) الف جنيه وفي الفاتورة(175) الف جنيه، وسعر البطارية (150 امبير)في السوق (125) الف وفي الفاتورة(152) الف جنيه.

وتابع قائلاً:(السرقات كثيرة ولا يمر يوم بدون سرقة، وتمت سرقة ثمانيبطاريات ونحاس ولساتك وكثير من الإسبيرات).وذكر ان جملة البصات في الشركة تقدر بـ (826) بصاً يعمل منها (55) فقط و (774) متوقفة عن العمل. وفيما يتعلق بسرقة اللساتك قال المصدر:(دخلت اللساتك الشركة بطريقة غير قانونية.

ومن جهته كشف مصدر آخر بالشركة عن وجود فروقات كبيرة بين قيمة الإسبيرات في العقد والسوق، وقال في حديثه لـ (الانتباهة):(إن سعر كبس القماشات الخلفية في السوق بمبلغ عشرةآلاف جنيه وفي العقد بقيمة (٢٢) الف جنيه، كما أن سعر كبس القماشات الأمامية في السوق ثمانيةآلاف جنيه وفي العقد (٢١) الف جنيه، وتغيير طارة الكلتش في السوق بمبلغ (١٥) الف جنيه ومنصوص عليها في العقد بـ(٢٥) الف جنيه، اما إعادة تصنيع طارة دبرياش في السوق بسعر (٤٠) ألف جنيه ومنصوص عليها في العقد بسعر (٦٧) الف جنيه، علماً بأن العقد ينص على (١٣٥) بصاً وفي الواقع البصات العاملة (55) فقط، وسعر الإسبيرات جميعها في العقد ثمانية عشر مليوناً ومئتين واثنين وتسعين الفاً وخمسمائة جنيه، وفي الواقع السعرتسعة ملايين وثمانمائة وخمسة وخمسين الف جنيه.

جريمة جماعية

وبشأن سرقة اللساتك قرر المدير العام تكوين لجنة تحقيق في هذا الامر من ثلاثة أشخاص: المدير الاداري ورئيس الموارد البشرية والمستشار القانوني للشركة، وبعد التحقيق في الامر ، قام المدير بفصل المستشار القانوني والمدير الاداري .

(أنا بفصلك)

(الانتباهة) التقت المستشار القانوني للشركة حنان الشيخ التي روت لنا تفاصيل ما حدث لها، حيث قالت: (الجريمة في الشركة تتم بطريقة جماعية وليست فردية، لأنها تمر بمراحل وعبر آليات، وسرقة اللساتك تحمل للشخص الذي يحمل العطاء، وانا طالبت باتخاذ إجراءات قانونية ضده، واعترض المدير على طريقة التحقيق وقال لنا:(حققوا في السرقة فقط وليس لديكم حق في كيفية دخولها)، وبعد ان قمنا برفع التقرير قال لي:(أنا بفصلك)وسألته ما السبب فقال لي:(بسبب التقرير)، وبعدها خرجت من مكتبه وذهبت بالتقرير الى مكتب الوالي ولم يتحرك الأمر حتى الآن), واضافت قائلة:(نفس الشخص المتهم بالنحاس حالياً قمت بالتحقيق معه في سرقة اللساتك وكتبت تقريراً مرفقاً طالبت فيه بفصل مسؤول لجنة المشتريات، ولكن المدير رفض ذلك، ومن المشكلات التي حدثت لي أيضاً وجدت في عقود الدكاكين خللاً قانونياً كبيراً،وطالبت بإيجار المثل وتم اعتراضي، والسرقات بدأت منذ إنشاء الشركة، والبصات ليست لديها ورق، والشركة في مشكلات يقولون عامة واخرى يقولون خاصة، وليس لديها قالب قانوني وتفتقر للشؤون القانونية، واذا ذهب للشركة ضيف خلال عشر دقائق فقط يكتشف ذلك، والشركة ليس لديها مركز قانوني وتعمل بافتاء خطأ من المسجل التجاري، ومعظم أسهم الشركة تتبع لمعاشات الجيش بنسبة 90%، وحتى الموظفين من مرافيت الجيش، وحدث شيء وأصبحت الاسهم غير واضحة.

وعندما ذهب المدير السابق ترك بالخزانة (105) مليارات، والآن مديونيات الشركة بلغت أكثر من (70) مليار جنيه، واخبرنا المدير المالي انه بعد عشرن يوماً من ذهاب ضياء الدين أصبحت الخزانة فارغة.

بعد فصلنا ذهبنا بالتقرير وخطاب الفصل الى مكتب الوالي والمجلس السيادي نتلق رداً حتى الآن).

  خلية السرقة

ومن جهته قال المدير الاداري احمد فضل المولى لـ (الانتباهة): حدثت سرقة ستة لساتك من الشركة في مايو الماضي، وتم تكليفي والمستشار القانوني والمدير الاداري بتشكيل لجنة تحقيق، ومن خلال التحقيق قبضنا اثنين من اللصوص ومعهما لستك، وطلبت من الامن والسلامة فتح بلاغ، وقمنا باقتيادهم الى القسم وحققنا مع (21)شخصاً، ووجدنا ان اللساتك دخلت المخزن بطريقة غير قانونية، وعندما سألنا أمين المخزن من ذلك قال لنا هذه توجيهات المدير، ومسؤول لجنة المشتريات قال نفس الحديث،ووجدنا إهمالاً كبيراً في الامر، والكل يقول هذه توجيهات المدير، كما وجدنا تجاوزات كبيرة في ايجار الدكاكين، وبعد الانتهاء من التحقيق ورفعنا توصياتنا بمحاسبة كل الذين حققنا معهم لأنهم يعملون مع بعض، قام المدير المالي بفصلنا.

 تشغيل عشوائي

الى ذلك كشف نائب رئيس غرفة النقل والمواصلات بولاية الخرطوم محمد علي بابكر عن وجود فساد بشركة المواصلات العامة. وقال بابكر في حديثه لـ(الانتباهة) إن الشركة تعمل بنظام تشغيل عشوائي، وجميع المركبات تم نهب قطع غيارها والآن عبارة عن صناديق، كاشفاً عن تقديمهم رؤية للجنة الوزارية لحل أزمة المواصلات بها عملية إحلال وإبدال لبعض المركبات، متهماً عضو لجنة التمكين السابق إيهاب الطيب بتعطيل المشروع، لافتاً الى أن القطاع الخاص يسهم بنسبة 95% في المواصلات،مشيراً الى  شراكة بين إدارة النقل ونقابة السائقين عبر لائحة غير قانونية استبعدت غرفة النقل، وقال:(في قانون النقل (17) غرفة النقل شريك أصيل, ولا أعلم من أين دخلت هذه النقابة)، محملاً غياب الرقابة عن المواقف لإدارة النقل ووزارة البنى التحتية، وأضاف ان  مشروع النقل النهري فاشل ولا يحل أية مشكلة، وسينجح في حالة إغلاق الجسور.

رفض الحديث

وفي هذا الصدد حاولنا التواصل مع المدير السابق للشركة محمد ضياء الدين الذي رفض الحديث حول الامر وقال:(بعد أن تم فصلي من الشركة ليست لدي أية معلومات أستطيع الادلاء بها، وأتمنى التوفيق للإدارة الحالية بالشركة والنجاح فيما لم أستطع إنجازه).

امتناع وتهديد

درجت (الانتباهة) في التحقيق على سماع الرأي والرأي الآخر، فحاولت استنطاق المدير العام لشركة المواصلات خالد حسن حول التجاوزات والسرقات داخل الشركة، حيث رفض الحديث عبر الهاتف وحدد مواعيد في عدد من المرات، ولكنه في آخر مقابلة رفض الحديث وطلب مني إبراز هويتي الصحفية، وعندما استجبت لطلبه رد قائلاً: (الصورة الفي البطاقة بتختلف عن الواقع، وانا ما عايز أرد في المسألة دي الا بالقانون)، مهدداً باتخاذ إجراءات قانونية حال نشر هذا التحقيق.