بعد مرور عام من توليه المنصب.. هل نجح جوزيف بوريل رئيس الإتحاد الأوربي بمهامه

مر أكثر من عام ونصف منذ عقد الانتخابات الأخيرة في البرلمان الأوروبي، والتي بشرت بقيادة جديدة للهيئات التنفيذية للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية.

حيث تولى جوزيب بوريل فونتيليس، وزير الخارجية الإسباني الأسبق، مهام منصبه رسميا بتاريخ 1 ديسمبر 2019، و خلال العام الأول في منصبه، كان تركيزه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المقام الأول ينقسم إلى أربع قضايا رئيسية، وهي: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الحروب الأهلية المستمرة في سوريا واليمن، برنامج إيران النووي، وخطر حدوث أزمة هجرة أخرى.

تشير صحيفة الشرق الأوسط ضمن سلسلة مكونة من أربعة أجزاء أنها ستعمل على كشف القضايا الرئيسية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو مخصص للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

ففي الحقيقة، برزت جائحة فيروس كورونا التاجي المستجد كاختبار رئيسي لأولويات السياسة الخارجية للعديد من الدول وإمكانية عملها على الساحة الدولية كما وقلصت من فرص التجارة والاستثمار والتعاون الاقتصادي بشدة ومع ذلك، لم تؤدي الجائحة الفيروسية إلى حدوث تحول في الأولويات السياسية للقوى العالمية الكبرى فيما يتعلق بمعظم النزاعات و الصراعات الدولية.

و لكن هل كان هذا الأمر صحيحا في حالة الاتحاد الأوروبي وموقفه من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟ وهل تغير موقف الكتلة ونهجها تجاه هذه القضية الشائكة أم لا؟

فيما يتعلق بتسوية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، أعلن الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي نهاية عام 2019 أن الاتحاد الأوروبي سيحافظ على موقفه بشأن هذه القضية، فهو سيواصل دعم عملية السلام التي ينبغي أن تؤدي في نهاية المطاف إلى حل الدولتين.

وخلال سنته الأولى في المنصب، التزم بوريل بهذا التعهد بتاريخ 28 يناير 2020، استجاب بوريل للإفراج عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام (صفقة القرن) نيابة عن الاتحاد الأوروبي بأكمله، وأعلن في بيان رسمي في ذلك الوقت أن الاتحاد الأوروبي سيدرس ويقيم المقترحات المطروحة في خطة ترامب.

و أن ذلك سيتم على أساس الموقف والالتزام الثابت و الموحد للاتحاد الأوروبي بحل الدولتين المتفاوض عليه والقابل للحياة والذي يأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين .

مع ذلك، بعد بضعة أيام، كان بوريل أكثر صراحة وانتقادا لخطة ترامب، حيث قال: 'إن مبادرة الولايات المتحدة، كما تم تقديمها بتاريخ 28 يناير، تخرج عن هذه المعايير المتفق عليها دوليا فالاتحاد الأوروبي لا يعترف بسيادة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ولا يمكن أن تمر خطوات الضم تلك، إذا تم تنفيذها دون اعتراض'.

تجدر الإشارة إلى أنه في حين أن الاختلاف في مواقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن جوانب معينة من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني لم يكن شيئا غير اعتيادي، إلا أن اللهجة الحادة والنقدية لخطاب بوريل الذي يعتبر بمثابة الرئيس الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي، كانت شيئا جديدا وغير متوقع بالفعل .

ففي الحقيقة لم يكن الاتحاد الأوروبي ولا يزال غير مستعد لتبني أي حلول لا تنتج عن عملية تفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين وفي الوقت نفسه، رفض الاتحاد الأوروبي باستمرار سياسة الأمر الواقع لإدارة ترامب، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس و منح الإسرائيليين الحرية في بناء وتطوير المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة .

وفيما يتعلق بمسألة اتفاقات إبراهام، رحب بوريل بتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين و السودان في خريف عام 2020 وفي الوقت نفسه ، أكد بوضوح في البرلمان الأوروبي أن مجرد تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع بعض الدول العربية لن يحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني .

كما وأضاف: 'لقد كانت هذه خطوة إيجابية و احتفلنا و رحبنا بها جميعا، لكن الاتفاقات نفسها لا تعالج الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ولا تزال خطط الضم الإسرائيلية بحاجة إلى التخلي عنها و ليس تعليقها بشكل مؤقت'.

تجدر الإشارة إلى أن ما سبق يدل بوضوح على أن الاتحاد الأوروبي لن يقلل من توقعاته من السلطات الإسرائيلية عندما يتعلق الأمر باحترام التزاماتها المؤقتة وتحسين الظروف المعيشية والأمن للشعب الفلسطيني .

و مع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الاتحاد الأوروبي يدعم الشعب الفلسطيني بشكل غير نقدي على حساب إسرائيل أيضا ففي شهر نوفمبر من عام 2020، اتصل بوريل بوزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وقد أكد خلال محادثتهما على الحاجة إلى إعادة الانخراط في حوار سياسي هادف مع الجانب الإسرائيلي، حيث يتوقع الاتحاد الأوروبي أن يلتزم طرفا النزاع بشكل كامل و صادق بعملية السلام للوصول لحل نهائي للصراع.

و هكذا ، خلال سنته الأولى في منصبه ، يمكن اعتبار تصرفات الممثل الأعلى الجديد للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيف بوريل، منسجمة بشكل عام مع أهداف الاتحاد المعلنة بشأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني .

فحتى الآن كان بوريل ثابتا و لم تصدر عنه سوى القليل من المفاجئات ففي عام 2020، أتيحت له الفرصة للتأكيد على الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عدة مرات ، و قد استغلها بالفعل على أكمل وجه.

وأكد بوريل على أن موقف الاتحاد الأوروبي واضح وثابت، وهذه بالتأكيد معلومات قيمة للإدارة الأمريكية الجديدة حيث يعرف الرئيس جو بايدن ما يمكن توقعه من شركاء أمريكا الأوروبيين وأين توجد المصالح المتباينة بين الأطراف فيما يتعلق بوسائل و أهداف حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني .