اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
لم يكن يتوقع اللاجئ السوداني كباشي إدريس كافي أن اللجوء إلى أوغندا سينتهي به إلى القبر، بعد أن دفع ثمن أمانٍ لم يجده، وقتل في ظروف مروعة على يد لاجئين من جنوب السودان بمخيم كرياندنقو، في مدينة بيالي شمالي البلاد.
تروي زيارة ميدانية إلى منزل القتيل، تفاصيل مرعبة عن الهجوم الوحشي الذي شنّه لاجئون جنوبيون على منازل السودانيين في المخيم، وسط غياب للعدالة وفوضى أمنية مقلقة تنذر بالأسوأ، بحسب“دارفور24” .
هجوم دموي في الليل
تعرض مخيم كرياندنقو في 10 يوليو الجاري لهجوم من لاجئين من جنوب السودان، استهدف منازل السودانيين، وأسفر عن عدد من الإصابات، تلاه هجوم آخر بعد يومين سقط فيه القتيل كباشي، إلى جانب إصابة عدد من الضحايا.
يحيى صالح، جار القتيل، قال إن المهاجمين كانوا حوالي 35 فردًا، داهموا المنازل في التاسعة والنصف مساءً، حاملين عصيًّا وسكاكين وزجاجًا مكسورًا، مشيرًا إلى أن القتيل تعرّض للضرب في مؤخرة رأسه بأداة حادة تزن 20 كجم، أدت إلى تهشيم جمجمته ومقتله على الفور.
“القدر يعمي البصر”.. تجاهل دعوات الجيران
كان الجيران قد حذروا كباشي من البقاء وحيدًا، ودعوه للاجتماع معهم في مكان أكثر أمانًا، إلا أنه رفض مغادرة منزله الواقع وسط زراعة الذرة، ظنًا منه أنه في مأمن من الخطر.
لاحقًا، أصبح منزله هدفًا مباشرًا للهجوم، ووجدوه جثة هامدة وسط الدماء.
هل الصراع اقتصادي أم عرقي؟
معظم السودانيين في المخيم لا يعرفون السبب الحقيقي وراء الهجمات، لكن بعضهم يرى أن الأمر مرتبط بمساحات زراعية مُنحت للسودانيين كانت تستغل من قبل لاجئين جنوبيين، فيما يرى آخرون أن توقف المساعدات الإنسانية فجّر الغضب ضدهم.
شاهد عيان رجّح أن المهاجمين يخططون لطرد السودانيين من المخيم، كما سبق أن فعلوا مع لاجئين من عرقية الدينكا.
رفض للعدالة وممارسات غير إنسانية
قال أحد أفراد أسرة القتيل، ويدعى عمار عبد الله، إن كباشي لم يكن على خلاف مع أحد وكان محبًا للجميع، وأكد تمسك الأسرة بملاحقة الجناة قانونيًا.
لكن الإجراءات القانونية بدت شائكة ومهملة، حيث تحدث الشهود عن تعامل غير إنساني من قبل السلطات الأوغندية أثناء تشريح الجثة، إذ تُرك الجثمان في معمل طبي بلا رعاية حتى جفّ دمه، قبل تدخل أطباء سودانيين لتنظيفه.
إصابات بالجملة.. والمعتدون طلقاء
بلغ عدد الجرحى السودانيين أكثر من 24، منهم حمد محمد أحمد الذي قال إنهم حاولوا صد الهجوم بأدوات بدائية مثل العصي، لكن المهاجمين كانوا أكثر عددًا.
وأوضح أنه تعرض لضرب مبرّح وفقد القدرة على الحركة، وتم نقله إلى المستشفى، حيث واجه إهمالًا طبيًا بالغًا. وأضاف أن السودانيين وسفارتهم في كمبالا قدموا الأدوية، في حين تجاهلت السلطات الأوغندية المصابين.
مقاومة ومآسٍ
يحيى أحمد أبكر يوسف، وهو أحد المصابين، قال إنهم حاولوا الدفاع عن منازلهم مستخدمين أعواد القنا، مشيرًا إلى أن المهاجمين كانوا يفوقونهم عددًا وتجهيزًا.
وأضاف أن الشرطة حضرت لكنها لم تعتقل المعتدين، بينما ظل المصابون دون علاج في المستشفيات، وتجاهل الأطباء الأوغنديون إسعافهم.
تدابير غير كافية.. والتوتر مرشح للتصاعد
رغم إعلان الحكومة المحلية ومفوضية اللاجئين عن تدابير أمنية مثل حظر التجوال واعتقال بعض الجناة، إلا أن معظم اللاجئين السودانيين لا يشعرون بالأمان، وسط توقعات باندلاع موجات عنف جديدة.
مندوبو السفارة السودانية حاولوا التخفيف من الأوضاع، وجلبوا أدوية ومستلزمات طبية، لكن السلطات الأوغندية رفضت استخراج تقارير طبية رسمية للضحايا، مما يزيد من عرقلة مسار العدالة.
من ضحية الحرب إلى ضحية اللجوء
اللاجئون السودانيون الذين هربوا من جحيم الحرب إلى أوغندا، باتوا يواجهون معاناة من نوع آخر، متمثلة في العنف الداخلي والتجاهل الرسمي، ما يجعل مستقبلهم في كرياندنقو محفوفًا بالمخاطر.
لا تزال الأصوات ترتفع مطالبة بتوفير حماية حقيقية لهم ومحاسبة المعتدين، لكن حتى الآن، تبدو العدالة غائبة، والدماء السودانية تُهدر في صمت داخل مخيم يُفترض أنه ملاذ آمن.