برلماني بريطاني: تخفيض المساعدات البريطانية تخلي عن الالتزمات الإنسانية

رأى أنتوني مانغنال عضو البرلمان البريطاني و محافظ مدينة توتنيس البريطانية أن تخفيض ما يسمى المساعدات الإنسانية المقدمة لكل من سوريا و ليبيا و الصومال مدعاة للقلق الشديد.

وخلال مقال له في وكالة بيت البريطانية، قال مانغنال إن مؤتمر 'سوريا' يمكن أن يكون فرصة للحكومة البريطانية للتعلم من أخطائها، أو المخاطرة بعواقب مميتة للأشخاص اليائسين، و تضائل الصورة العالمية للمملكة المتحدة بشكل متزايد.

واعتبر أن التسريب الأخير من وزارة الخارجية البريطانية و الكومنولث و هيئة التنمية الذي يوضح بالتفصيل الحجم المقترح لتخفيض المساعدات الإنسانية المقدمة لكل من سوريا و ليبيا و الصومال مدعاة للقلق الشديد. لإن خطط خفض المساعدات إلى هذه البلدان الثلاثة بنسبة تزيد عن 60٪ لكل منها تعتبر خططا مأساوية، و تقوض قدرة المملكة المتحدة على قيادة العالم باعتبارها 'قوة تنمية دولية عظمى'. على حد تعبيره.

وأكد مانغنال، أن هذا التسريب قوبل بالفزع من قبل النواب البريطانيين، و عدم الارتياح من قبل المنظمات غير الحكومية و ازدراء كبار المسؤولين في وزارة الخارجية. فمع قيام الحكومة بتخفيض 59٪ من مساعداتها لليمن قبل انتشار هذه التقارير، ستكون المساعدات البريطانية لسوريا هي التالية التي يتم تأكيد مصيرها بعد، حيث تستعد المملكة المتحدة للإعلان عن إنفاقها للعام المقبل في مؤتمر الأسبوع المقبل للمانحين بشأن سوريا.

وقال البرلماني البريطاني إنه 'بعد مرور عشر سنوات من اندلاع الحرب الأهلية الدموية في سوريا، قتل ما يقدر بنحو نصف مليون شخص، و أجبر الملايين على ترك منازلهم. كما أن تقييم حكومة المملكة المتحدة يوضح أن 13.4 مليون شخص بقوا في سوريا و يحتاجون إلى مساعدة إنسانية'.

مضيفا: أنه بينما تقدر منظمة Save the Children، التي تعمل في سوريا ،أن خطط خفض ما نسبته 67٪ من المساعدات البريطانية لسوريا يمكن أن يحرم ما يقرب من 350.000 طفلا من التعليم، و يترك أكثر من 115000 من الأمهات و الأطفال دون سن الخامسة بدون دعم غذائي و يحرم 1.9 مليون شخص من الاستشارة الطبية، بالإضافة إلى انخفاض الدعم في مجموعة من المجالات الأخرى.

وأشار أنتوني مانغنال، أن 'قطع الدعم البريطاني لليمن قوبل حقيقة بصدمة حقيقية، حيث اعتقد العديد من زملائي أنه سيتم تجنب الأزمات الإنسانية الكبرى حتى مع تخلي الحكومة عن التزامها بنسبة 0.7٪. و لكن في مواجهة الحاجة التي لا يمكن تصورها، قررت المملكة المتحدة بذل جهود أقل للمساعدة'.

وهنا عبر مانغنال عن أمله 'تكون هذه اللحظة بمثابة جرس إنذار للوزراء، فنحن لا نحتاج إلى ارتكاب هذا الخطأ مرة أخرى. و يجب على الحكومة أن تستمر في تقديم دعمها لسوريا، و إلا فإن العواقب ستكون كارثية على الناس بعد عقد من جحيم الحرب'.

واستطرد قائلا: إن رواية المملكة المتحدة التي تفتخر بالتزامنا تجاه أفقر الناس في العالم معلقة الآن في الميزان، و كانت المراجعة المتكاملة المنشورة مؤخرا بمثابة تذكير صارخ بأن أفعالنا لم تعد تتطابق مع أقوالنا.

وخاصة أن البلدان التي قدمنا إليها المساعدة أصبحت الآن غير متأكدة من جدوى مشاريعها على المدى الطويل، و عند مطالبة الآخرين بالمساهمة في تمويل مشاريع مكافحة تغير المناخ قبل مؤتمر COP26، أو في تمويل التعليم العالمي أثناء استضافتنا لمؤتمر تجديد موارد الشراكة العالمية للتعليم في الصيف، كان ينظر إلينا على أننا نقول شيئا ما و لكننا نفعل شيئا آخر. و قد كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يتحدث عن تأسيس السياسة الخارجية الأمريكية على نمط المملكة المتحدة ليس فقط كمثال على قوتنا، و لكن في قوة نموذجنا في مواجهة الجائحة الفيروسية العالمية، و هو المثال الذي أظهرنا فيه تراجعا ملحوظا للأسف عندما كان الناس في أمس الحاجة إلينا.

وأشار إلى أنه من المرجح أن يكون للتخفيض المقترح لميزانية المساعدة الإنمائية الرسمية الخاصة بنا من 0.7٪ إلى 0.5٪ عواقب طويلة و قصيرة المدى، سواء بالنسبة للبلدان المتلقية أو على أمننا و تأثيرنا الدولي. حيث أن النظر إلى المساعدة الدولية من منظور مالي بحت يعني إغفال هدفها بالكامل.

كما أكد مانغنال أن التزام بلاده بتحقيق ما نسبته 0.7٪ من المساعدة الإنمائية و الإنسانية أدى إلى قيام المملكة المتحدة بتشغيل برامج التطعيم، و تقديم المساعدة الإنسانية في مناطق الصراع و الأزمات، و إطلاق برامج مكافحة التطرف و الإرهابي. حيث إن إنفاقنا على المساعدات يوفر شريان حياة لمن هم في أمس الحاجة إليها، و يجعل العالم يذكر بريطانيا بأنها قوة من أجل الخير ، و يكاد يكون من المؤكد أن الإنفاق سيعوض التكاليف الكبيرة و الصراعات التي قد تنشأ بدون مساعدتنا.

وأضاف: هذا هو الحال، إن الخفض المقترح هو مجرد اقتراح واحد و لم يفت الأوان على الحكومة لإعادة تقييم موقفها. و لا يظهر الحفاظ على نسبة 0.7٪ التزامنا تجاه المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماتنا فحسب، بل و سيوفر لنا منصة لتوفير قيادة عالمية حقيقية أيضا.

لذلك، فإن مؤتمر 'سوريا' سيكون الاختبار التالي للحكومة البريطانية، و يجب أن يتعلموا من أخطائهم أو يخاطروا بعواقب مميتة للناس اليائسين، و تضاؤل صورة و دور بريطانيا بشكل متزايد على المسرح العالمي.

المصدر : وكالة بيت السياسية البريطانية

ملاحظة: الٓاراء السياسية الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن موقف 'النهضة نيوز'