اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الرياض - 'الرياض'
لقد أصبح صوت الطائرات الخاصة وهي تُقلع من مطار الملك خالد الدولي في الرياض علامة واضحة على التغيير، إذ يشهد قطاع الطيران في المملكة العربية السعودية تحولًا متسارعًا، ومن أبرز الشركات التي تتابع هذا التحول عن كثب شركة بومباردييه، إحدى أبرز الشركات العالمية المصنعة للطائرات التجارية الخاصة.
وخلال فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) في الرياض، وصفت إيف لورييه، نائبة رئيس شركة بومباردييه للشؤون الإعلامية والتسويق والعلاقات العامة، منطقة الشرق الأوسط – وخصوصًا السعودية – 'بأنها سوق نامية فريدة من نوعها.'
وقالت لورييه: 'منذ جائحة كوفيد، شهدنا تسارعًا استثنائيًّا في الطلب على الطائرات الخاصة. فعندما توقفت الرحلات التجارية، لجأ الناس إلى الطيران الخاص بدافع الضرورة - وسرعان ما اكتشفوا المزايا التي يوفرها. ومنذ ذلك الحين، لم يتغير هذا الاتجاه أبدًا.'
وأضافت لورييه أن سجل الطلبات لدى بومباردييه لا يزال قويًا بشكل استثنائي. فالشركة تمتلك حاليًا نحو 5,000 طائرة بومباردييه تحلق حول العالم، وتنتج ما بين 150 و160 طائرة سنويًا، جميعها مصممة خصيصًا حسب متطلبات العملاء. وقالت: 'نحن لا نحتفظ بمخزون، فكل طائرة تُصنَع بناءً على طلب العميل، وفي الوقت الحالي لدينا قائمة انتظار.'
لحظة إستراتيجية لصناعة الطيران السعودي
خلال زيارتها الرسمية الأولى للمملكة، أعربت لورييه عن 'انبهارها' بعدد الطائرات الخاصة المتوقفة في الرياض، وقالت: 'هذا مؤشر واضح على سوقٍ آخذة في الازدهار.' وأضافت: 'نرى إمكانات هائلة هنا، وعليه تعتزم بومباردييه التوسع بالتوازي مع المملكة العربية السعودية.'
تستكشف الشركة حاليًا فرص إنشاء مركز إقليمي للصيانة والخدمات لدعم الأسطول المتنامي لطائرات بومباردييه في منطقة الخليج. وأوضحت لورييه: 'مع زيادة عدد الطائرات في المنطقة، تزداد أيضًا الحاجة إلى بنية تحتية محلية للدعم والصيانة. ونحن نعمل حاليًا على تقييم النموذج الأنسب، سواء كان مركز صيانة أو شراكة أوسع مع الجهات السعودية المعنية.'
وأفادت لورييه أن فريقها أحضر عددًا من المسؤولين التنفيذيين في بومباردييه إلى الرياض لتعزيز فهمهم للتحوّل الاقتصادي الجاري في المنطقة. وأضافت: 'تعد مبادرة مستقبل الاستثمار المنصة المثالية للقاء المستثمرين وقادة الأعمال وصانعي السياسات. كما أننا نريد أن نستمع، ونفهم أولويات المملكة، ونحدّد المجالات التي يمكن لبومباردييه أن تكون فيها شريكًا موثوقًا في قطاع الطيران.'
رفاهية طويلة المدى مع غرض تجاريوأكدت لورييه أن الإقبال الأكبر هو على طائرة بومباردييه جلوبال 8000 الرائدة، القادرة على الطيران لمسافة 8,000 ميل بحري دون توقّف - ما يكفي لربط الرياض بنيويورك أو لندن أو جزر الباهاما دون الحاجة للتزود بالوقود. وقالت: 'المسؤولون التنفيذيون ورواد الأعمال هنا يعملون على نطاقٍ عالمي حقيقي. وهم بحاجة إلى طائرات تأخذهم إلى أي مكان في العالم بسلاسة وكفاءة.'
ورغم أن البعض قد ينظر إلى الطائرات الخاصة كرموز للفخامة، إلا أن لورييه تعتبرها أدوات إنتاجية ومحفّزات للنمو. وأضافت: 'هناك مقولة نعرفها جميعًا: الوقت هو المال. بالنسبة للكثير من عملائنا، فإن الطيران الخاص ليس مسألة هيبة أو مكانة، بل وسيلة لتحقيق الكفاءة. فهو يمكّنهم من الوصول مباشرةً إلى فرقهم ومواقع مشاريعهم وشركائهم دون أن يضيعوا ساعاتٍ في التنقّل. وعندما تُحسب القيمة الاقتصادية لتلك الساعات، يصبح الطيران الخاص قرارًا إستراتيجيًّا ذا بعدٍ تجاري واضح.'
قاعدة عملاء متنوعة
يعكس تنوع قاعدة عملاء بومباردييه على مستوى العالم هذا النهج العملي في الطيران الخاص. فحوالي ثلث مبيعات الشركة تأتي من شركات إدارة الأساطيل وتشغيل الطائرات الخاصة، مثل فيستاجت ونتجت، التي تشتري طائرات بومباردييه وتوفر لعملائها خيارات الملكية الجزئية أو برامج بطاقات الطيران الخاصة، حيث تقول لورييه: «لم تعد بحاجةٍ لامتلاك طائرة لتستمتع بالطيران الخاص. يمكنك شراء 50 ساعة طيران سنويًّا، وجمعها مع الرحلات التجارية، ومع ذلك ستختبر راحة وكفاءة الطيران التجاري الخاص. وهذا النموذج يشهد ازدهارًا متسارعًا في منطقة الخليج كذلك.'
ويشكّل الثلث الثاني من عملاء بومباردييه جهاتٍ مؤسسية وحكومية، بينما يُشكل الباقي أفرادًا من أصحاب الثروات الكبيرة جدًا، الذين يستخدمون طائراتهم لأغراض العمل والترفيه على حدٍ سواء. وتوضّح لورييه: 'في الشرق الأوسط، نرى مزيجًا صحيًا ومتوازنًا للغاية من هذه الفئات الثلاث. فهناك شركات عالمية تتوسّع عبر القارات، وبعثات حكومية تدير رحلاتٍ رفيعة المستوى، ورواد أعمال يقودون شركات عائلية ذات نطاقٍ دولي.'
من غرف الاجتماعات الجوية إلى طائرات الإنقاذ الجوي
تتخطى استخدامات طائرات بومباردييه حدود السفر الفاخر، لتشمل اليوم مهامًا خاصة ومتطورة. فقد أوضحت إيف لورييه أن عددًا من الحكومات حول العالم قامت باقتناء طائرات من سلسلة جلوبال لاستخدامها في مهام المراقبة والاستطلاع، بعد تزويدها بأنظمة أقمار صناعية وأجهزة استشعار وحواسيب متقدمة للعمليات الميدانية، وتابعت: 'طائراتنا تجمع بين السرعة والكفاءة العالية وإمكانية التخصيص وفق الاحتياجات المختلفة. فهي قادرة على التحليق على ارتفاعات أعلى، والهبوط في مواقع متنوعة، وتعمل بتكلفة أقل بكثير من المنصات العسكرية التقليدية، مما يجعلها خيارًا مثاليًا لمهام المراقبة والاستطلاع الفضائي.'
الجدير بالذكر أن شركة 'بومباردييه' العالمية التي تأسست الشركة عام 1942 في كندا، هي واحدة من أبرز وأعرق الشركات الرائدة في مجال النقل، وتختص بصناعة وتصميم الطائرات الخاصة والنفاثة، وكذلك القطارات، بطرق مبتكرة وحديثه، وتحتل الشركة حاليا مكانة مرموقة عالميا في مجال الشركات المصنعة للطائرات والقطارات على مستوى العالم.
وأضافت أن هناك اهتمامًا متزايدًا بقطاع الإخلاء الطبي الجوي (Medevac)، إذ يمكن تجهيز طائرات بومباردييه بمعدات طبية متكاملة لنقل المرضى من المناطق النائية أو المتأثرة بالأزمات إلى المستشفيات المتخصصة في المدن الكبرى. وأضافت لورييه قائلة: 'تدرك الحكومات أن هذه الطائرات تمثل استثمارًا إستراتيجيًا في إنقاذ الأرواح. ففي أوقات الطوارئ، امتلاك طائرة قادرة على الوصول بسرعة إلى المناطق الوعرة ونقل المصابين بأمان هو أمر بالغ الأهمية.'
رؤية مشتركة نحو المستقبل
بالنسبة إلى إيف لورييه، فإن طموح بومباردييه في المملكة العربية السعودية يمتدّ إلى ما هو أبعد من بيع الطائرات. وقالت: 'نحن لا نسعى فقط للتوسع في السوق، بل نريد أن ننمو مع المملكة. فرؤية السعودية 2030 تعيد تشكيل الاقتصاد وتغيّر النظرة لما يمكن تحقيقه في عالم الطيران. فالمملكة تربط بين القارات، وتستثمر بقوة في البنية التحتية، وتدفع بعجلة الابتكار — وهو ما يتماشى تمامًا مع أهدافنا.'
ومع تطلع بومباردييه إلى المستقبل بثقة، ترى لورييه أن الجمع بين التميّز التقني للشركة، وقدرتها على الطيران لمسافات طويلة، وكفاءتها التشغيلية، يؤهلها بشكل مثالي لتلبية احتياجات سوقٍ إقليمي تتغيّر بسرعة. واختتمت كلامها قائلة: 'إنها مرحلة واعدة للسعودية — وفرصة مهمة لنا أيضًا. فشغف المملكة بالتحول والتقدم يتناغم مع هوية بومباردييه، وما نراه اليوم هو مجرد بداية رحلة جديدة في سماء المملكة.'










































