هل قوّض التوغل الأوكراني في روسيا جهود دول الخليج لإنهاء الحرب؟
klyoum.com
كمال صالح - الخليج أونلاين
دخلت قوات أوكرانية في 6 أغسطس الجاري منطقة كورسك الروسية وباتت تسيطر على أكثر من 1250 كم مربعاً و92 بلدة روسية.
هذا الهجوم الأكبر على الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.
أعلنتأوكرانياأنها صدت، الثلاثاء (20 أغسطس الجاري)، هجوماً روسياً بالصواريخ والمسيرات على العاصمة كييف، هو الخامس من نوعه خلال الشهر الجاري.
تشهدمدينة بوكروفسك شرقي أوكرانيا نزوحاً جماعياً، بعد توغل قوات الجيش الروسي فيها.
بوكروفسك هي واحدة من المعاقل الدفاعية الرئيسية لأوكرانيا ومركز لوجستي رئيسي في منطقة دونيتسك.
الاستيلاء علىبوكروفسك يعرض قدرات أوكرانيا الدفاعية وطرق الإمداد للخطر، ويقربروسيامن هدفها المعلن والمتمثل في الاستيلاء على منطقة دونيتسك بالكامل.
حتى وقت قريب كانت الآمال معقودة على دور قطري وخليجي للمساهمة في حلحلة الأزمة الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من عامين، لكن الاجتياح الأوكراني المفاجئ لمنطقة كورسك غرب روسيا بدد تلك الآمال، على الأقل مؤقتاً.
هذا ما أكدته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، والتي أشارت إلى أن روسيا وأوكرانيا كانتا على وشك إرسال وفود إلى الدوحة للتفاوض بهدف التوصل لتوقيع اتفاق تاريخي بين الجانبين.
وخلال الفترة الماضية لعبت قطر، وكذلك السعودية والإمارات، أدواراً في إطار الوساطة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وحققت بعض النتائج على الصعيد الإنساني، فهل تستمر تلك الجهود بنفس الوتيرة؟
اجتماع استثنائي
"واشنطن بوست" نقلت عن دبلوماسيين ومسؤولين مطلعين قولهم، إن المفاوضات التي كان يفترض أن ترعاها قطر كانت ستثمر وقفاً جزئياً لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، وهذا كان سيشكل نقطة تحول كبيرة وجوهرية في هذه الحرب.
ووفقاً للصحيفة، فإن هذه المحادثات التي عمل فيها القطريون بشكل منفصل مع الوفدين الأوكراني والروسي، تعطلت بسبب التوغل المفاجئ للجيش الأوكراني في منطقة كورسك غرب روسيا، الذي بدأ في 6 أغسطس الجاري.
ونقلت عن دبلوماسي مطلع على المحادثات، أن المسؤولين الروس أجلوا اجتماعهم مع نظرائهم القطريين بعد توغل أوكرانيا في غرب روسيا، حيث وصف الوفد الروسي ذلك بأنه "تصعيد"، وأن كييف لم تطلع الدوحة بشأن هجومها عبر الحدود.
لكن وبالرغم من ذلك، فإن الوفد الروسي لم يلغ المحادثات، بل طلب وقتاً، في الوقت الذي رفضت قطر استضافة وفد أوكراني، لكون الاجتماع مع طرف واحد لن يكون مفيداً، بحسب "واشنطن بوست".
وقال بعض المشاركين في المفاوضات التي كانت ترعاها قطر، إنهم كانوا يأملون في التوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً لإنهاء الحرب، في الوقت الذي أشارت "واشنطن بوست" إلى وجود تحول في موقف البلدين بخصوص الحرب قبل الهجوم الأوكراني.
وفي وقت لم يعلق الكرملين على موضوع محادثات الدوحة، قال مكتب الرئيس الأوكراني لصحيفة "واشنطن بوست"، إن قمة الدوحة أجلت بسبب الوضع في الشرق الأوسط، وأنها ستُعقد في شكل مؤتمر فيديو يوم 22 أغسطس الجاري.
وكان مصدر دبلوماسي مطلع قال إن قطر كانت تناقش الترتيبات الخاصة بوقف الهجمات على قطاع الطاقة مع كييف وموسكو على مدى الشهرين الماضيين، مضيفاً أن الجانبين اتفقا على عقد قمة في الدوحة مع بقاء بعض التفاصيل البسيطة التي يتعين الاتفاق عليها.
وساطة قطرية
وخلال الفترة الماضية أدت قطر دوراً مهماً في التوسط بين روسيا وأوكرانيا، ونجحت في عقد عدة صفقات قضت بلم شمل عوائل أوكرانية وروسية مع أطفالها وأفرادها.
وفي أواخر أبريل الماضي، احتضنت قطر اجتماعاً مباشراً لأول مرة بين وفدين من روسيا وأوكرانيا، تم الاتفاق خلاله على تبادل 48 طفلاً نزحوا بسبب الحرب الدائرة بين الطرفين.
وبذات الشهر، كان يفترض أن يجتمع مستشارو الأمن القومي وكبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم في الدوحة، لمناقشة مقترح أوكرانيا للتوصل إلى تسوية مع روسيا.
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبل، مطلع يونيو الماضي، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وخلال اللقاء أكد الأخير أنه ينبغي للدوحة أن تصبح أحد أصوات الشرق الأوسط الداعمة لعودة الناس إلى ديارهم والأمن الغذائي والنووي وأمن الطاقة العالمي.
أدوار خليجية
وليست قطر وحدها من أدت وتؤدي دوراً مهماً في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، فالسعودية والإمارات لهما دور مهم أيضاً، وحققتا بعض الاختراقات المهمة.
ففي مطلع أغسطس من العام الماضي، احتضنت جدة السعودية الاجتماع التشاوري لمستشاري الأمن الوطني، وممثلي عدد من دول العالم بشأن الأزمة الأوكرانية.
وخلال الاجتماع الذي حضر فيه ممثلون عن 40 دولة ومنظمة، جرى الحديث عن إمكانية تعزيز الحوار لحل الأزمة الأوكرانية، وخرج بتوصيات، بالرغم من عدم حضور روسيا للاجتماع.
وحينها وصف الرئيس الأوكراني اجتماع جدة بأنه مهم للغاية، معرباً عن امتنانه للمملكة على ذلك، كما استضافت السعودية لاحقاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك نظيره زيلينسكي.
كذلك، كان للإمارات دور مهم خلال الفترة الماضية، ونجحت وساطتها في التوصل إلى عدة صفقات جرى خلالها تبادل مئات الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
كما أصبحت أبوظبي محطة للزيارات الرفيعة التي أجراها كل من الرئيسين الأوكراني والروسي، وأكدت في أكثر من مناسبة موقفها الداعم لإنهاء الحرب وإحلال السلام.
قدرة دول الخليج
حول الهجوم الأوكراني على كورسك الروسية، وتداعياته وتأثيره على الوساطات الدولية، لا سيما الخليجية، لوقف إطلاق النار، يقول عمرو الديب، الباحث في الشأن الروسي لـ"الخليج أونلاين":
الهجوم الأوكراني على كورسك الهدف الأول والأخير له هو إثبات أن أوكرانيا قادرة حتى الآن على إحداث أضرار بروسيا، وأن قواتها ما زالت لديها المقدرة العسكرية والتكتيكية في التحرك باتجاهات عديدة.
اختيار كورسك وتوقيتها جاء في فترة الصيف لسهولة سير العمليات العسكرية بسبب عدم وجود الثلوج وعوامل جوية تعرقل العمليات العسكرية، وبالفعل نجحت أوكرانيا وأحدثت ضرراً بالجيش الروسي.
السؤال هل تستطيع أوكرانيا الاستمرار في الوجود بهذه المنطقة؟ والجواب بالطبع عند الجانب الروسي وليس جانب آخر.
لانعلمماهيةالجهود القطرية الساعية لوقف إطلاق النار بين الجانبين، ولا إلى أي مدى وصلت، ولكن العملية توقف أي جهود متصلة بعمليات سلام أو تفاوض لوقف إطلاق النار أو ما شابه.
العمليات العسكرية الأوكرانية الأخيرة أوقفت جميع الجهود التي تبحث وقف الحرب، سواء الجهود الصادرة من دول الخليج او غيرها.
دول الخليج قادرة على تحقيق انفراجة في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، ولا ننسى دور الإمارات ونجاحها في عمليات تسليم الأسرى بين الجانبينلمرات عديدة، والسعودية أيضاً عندما استضافت مؤتمراً خاصاً في جدة.
دول الخليج ولكونها تمتلك علاقات قوية مع الغرب وروسيا والصين قادرة بالفعل على تحقيق نجاح في وقف إطلاق النار.
لدى دول الخليج حضور على الساحة الدولية مرتبط بالملف الطاقوي؛ وهو الذي يعطيها الدفعة الكبيرة لتحقيق أي نجاحات على مستوى العمليات التفاوضية.
الأزمة الروسية الأوكرانية كبيرة جداً ولا يمكن أن تحل بسهولة، ولكن إن وصلنا لمرحلة وقف إطلاق النارفستكون خطوة أولى ومهمة جداً في حل الأزمة ككل.
كنا من الممكن أن نكون قريبين بشكل أو آخر من وقف إطلاق النار قبل هجوم أوكرانيا على كورسك، لكن يبدو أن هذه الأزمة ستستمر حتى وصول الرئيس الأمريكي الجديد في نهاية هذا العام.