اخبار قطر

الخليج أونلاين

سياسة

بين الاستدامة وأمن الطاقة.. النفط يرفض مغادرة المشهد العالمي

بين الاستدامة وأمن الطاقة.. النفط يرفض مغادرة المشهد العالمي

klyoum.com

كامل جميل - الخليج أونلاين

الخبير الاقتصادي نبيل جبار التميمي:

بطء التحول نحو الطاقة المتجددة سببه ارتفاع كلفته واستمرار الحاجة العالمية للنفط بسبب نمو السكان واتساع الأنشطة الاقتصادية وارتباط النفط بصناعات حيوية

على الرغم من أن العالم يتجه بشكل متسارع نحو الطاقة المتجددة، فإن جميع المؤشرات تذهب باتجاه عدم استعداد النفط لمغادرة الصدارة في الوقت القريب، على أقل تقدير.

وفي مسعى لخفض الانبعاثات التي تشكل خطراً متزايداً على الأرض والسكان، ينصب التوجه العالمي بشكل كبير حول توسع مشاريع الطاقة النظيفة بمختلف صنوفها، لكن المؤشرات الاقتصادية والسكانية ما زالت تؤكد أن الطلب على النفط سيظل في ارتفاع مستمر لعقود مقبلة.

داخل الأوساط الاقتصادية تزداد القناعة بأن العالم لن يتمكن من التخلي عن الوقود الأحفوري بسهولة، وهنا يحذر خبراء الطاقة من أن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى اضطراب في الأسواق وتهديد لأمن الإمدادات.

تبعات سلبية خطيرة

في هذا الشأن، قدم أمين عام منظمة "أوبك" هيثم الغيص تصوراً متكاملاً لمستقبل الطاقة، محذراً من "حملات التضليل الإعلامية" التي تستهدف قطاع النفط.

الغيص أكد أن الابتعاد عن الاستثمار في هذا القطاع ستكون له تبعات سلبية خطيرة على المدى الطويل، مبيناً أن الحل لا يكمن في التخلي عن النفط، بل في تطوير تقنيات إنتاجه.

وبحسب ما يذكر الغيص، فإن العالم بحاجة إلى الاستثمار في التكنولوجيا لمعالجة الانبعاثات، وليس إلى وقف الإنتاج، لافتاً إلى أن الحل يكمن في الابتكار التقني لتحسين الكفاءة وخفض الانبعاثات.

اللجوء إلى لغة الأرقام يعد دليلاً واضحاً لمن يريد إظهار قوة رأيه، وفي هذا الإطار تحدث الغيص لـ"العربية نت" الجمعة (7 نوفمبر الجاري) مبيناً أن:

حجم الاستثمارات المطلوبة في مشاريع الحفر والتكرير والبتروكيماويات سيبلغ نحو 18.2 تريليون دولار حتى عام 2050، لضمان تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة.

تجاهل هذه الاستثمارات سيقود إلى أزمة في الإمدادات وارتفاعات حادة في الأسعار مستقبلاً.

استهلاك النفط حالياً نحو 105 ملايين برميل يومياً، ويصل إلى 113 مليون برميل يومياً في 2030، ثم إلى 123 مليون برميل يومياً بحلول 2050.

الوقود الأحفوري ما يزال يشكل 80% من مصادر الطاقة العالمية، والطلب سيزيد 23% بحلول 2050؛ ما يجعل أي حديث عن نهاية عصر النفط "بعيداً عن الواقع"، حسب وصفه.

سبب ارتفاع الاستهلاك هو النمو السكاني والاقتصادي، خاصة في الدول النامية.

الاقتصاد العالمي سيتضاعف من 171 تريليون دولار في 2024 إلى 358 تريليون دولار في 2050، في ظل ارتفاع عدد السكان إلى نحو 9.7 مليارات نسمة، معظمهم في آسيا وأفريقيا.

العالم سيحتاج إلى مزيد من الطاقة بجميع أشكالها، وليس إلى مصادر أقل.

وفي تصريحات سابقة في أكتوبر الماضي، ذكرتها صحيفة "الشرق بلومبيرغ"، أكد الغيص أن النفط سيبقى مستحوذاً على 30% من مزيج الطاقة العالمي حتى منتصف القرن.

وأشار إلى أن الطاقة المتجددة مكملة للنفط لا بديلاً عنه، وأن أي سياسة طاقة فعالة يجب أن تقوم على التوازن والتنوع دون إقصاء أي مصدر.

وبالاتجاه ذاته، أكد الأمين العام للمنظمة العربية للطاقة جمال اللوغاني أن النفط سيبقى محورياً، وأن استثماراته ستظل قوية ومربحة رغم التحولات الجارية في أسواق الطاقة العالمية.

وفي تصريح نقلته وكالة "كونا" في أغسطس الماضي، أوضح اللوغاني:

النفط والغاز سيبقيان "العمود الفقري" للطاقة في العالم لعقود قادمة، وسيهيمنان على أكثر من 50% من مصادر الطاقة.

الطلب المتزايد في العديد من القطاعات على الوقود يجعل من النفط والغاز حاجة لا يمكن تعويضها بالكامل بالطاقة المتجددة.

العالم يشهد توسعاً ملحوظاً في مشاريع الطاقة المتجددة، لكن ذلك لا يعني تراجعاً في استثمارات النفط.

تسعى الدول المصدرة للطاقة إلى تنويع مصادرها وتعزيز بنيتها التحتية، مع الحفاظ على موقعها في السوق العالمية.

الحاجة الماسة للوقود

تُعد دول الخليج نموذجاً لهذا التوازن الذي تحدث عنه اللوغاني، إذ تواصل ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالتوازي مع تطوير قطاع النفط والغاز.

ووفق مراقبين، فإن هذه الاستراتيجية تمثل "تحولاً ذكياً" يضمن استدامة الإيرادات من جهة، ودعم التحول الأخضر من جهة أخرى.

ويقول اللوغاني إن تعزيز البنية التحتية لمشروعات الطاقات المتجددة لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة، لكن ذلك لا يعني التراجع عن النفط، بل الاستفادة من عوائده في تمويل التحول.

وبينما يراهن العالم على ثورة الطاقة المتجددة، يتضح أن التحول لن يكون سهلاً ولا سريعاً؛ فالحاجة إلى الوقود الأحفوري ما زالت قائمة، والاستثمار في النفط ليس خياراً عاطفياً بل ضرورة اقتصادية لضمان أمن الطاقة العالمي.

وفي خضم السجال بين دعاة الاستدامة والمدافعين عن الوقود التقليدي، يظل النفط حاضراً في معادلة الطاقة العالمية، لا بصفته مصدراً مؤقتاً، بل عنصراً أساسياً في مزيج متوازن، حيث تُكمّل الطاقة المتجددة دوره لا تُلغيه.

الخبير الاقتصادي نبيل جبار التميمي، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يُرجع بطء التحول نحو الطاقة المتجددة إلى ارتفاع كلفته واستمرار الحاجة العالمية للنفط بسبب نمو السكان واتساع الأنشطة الاقتصادية وارتباط النفط بصناعات حيوية.

وقال التميمي موضحاً:

الانتقال التدريجي من الطاقة الأحفورية إلى الطاقات المتجددة والخضراء تحول بطيء ومكلف ما يزال في خطواته الأولى.

على الرغم من جهود الطاقة الخضراء، يبقى العالم يعتمد على الطاقة الأحفورية، وعلى رأسها النفط، بحاجة حالية تتجاوز 100 مليون برميل يومياً، مع توقع زيادتها مستقبلاً.

النمو السكاني العالمي وتوسع الأنشطة الاقتصادية يحافظان على زيادة تراكمية في الطلب على الطاقة، ما يحد من تأثير الطاقات المتجددة على الحصة النفطية.

النفط لا يقتصر استخدامه على قطاع الطاقة فقط؛ فهو أساسي في صناعات البتروكيمياويات والأسمدة والبلاستيك وغيرها، ما يزيد الطلب العالمي عليه.

هناك مبادرات عالمية لتوسيع حصة الطاقة المتجددة، لكنها تؤثر على استهلاك النفط بشكل بطيء فقط.

يبقى النفط عنصراً أساسياً في الطاقة والصناعات العالمية على الأقل حتى نهاية 2040، ما لم تظهر تكنولوجيا جديدة تغيّر فلسفة الطاقة حول العالم.

*المصدر: الخليج أونلاين | alkhaleejonline.net
اخبار قطر على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com